- عبدالرحمن المصيبيح: تعكف الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، حاليا على تنفيذ شبكات جديدة لخفض منسوب المياه الأرضية بطول يزيد على 98.3 كيلو مترا، وبما يغطي 15 حياً متفرقا في مختلف أجزاء العاصمة، وذلك ضمن مشروع الهيئة لعلاج مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في عدد من الأحياء التي كانت تعاني من آثار هذه الظاهرة، بهدف خفض منسوب المياه إلى مستويات آمنة. يأتي ذلك بعد أن أنهت الهيئة تنفيذ مشاريع لشبكات خفض منسوب المياه الأرضية في 47 حياً متفرقاً، بأطوال وصلت لأكثر من 400 كيلو مترا، ضمّت أكثر من 2300 مصيدة سيول، وذلك على ضوء الخطة الشاملة لمراقبة وإدارة المياه الأرضية في مدينة الرياض، التي تشمل السيطرة على ارتفاع منسوب المياه الأرضية، ومراجعة وتقييم مشاريع خفض منسوب المياه الأرضية في المدينة، وتحديث خرائط البيئة الطبيعية للمدينة في الجوانب: الجيولوجية، الهيدروجيولوجية، والجيوتقنية، ورصد تأثيرات النمو الحضري على البرنامج مع التوسع العمراني الكبير الذي تعيشه المدينة. ومع تبني الهيئة لبرنامج معالجة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في المدينة وعلاج آثارها، أجرت مجموعة من الدراسات لمعرفة تأثير الظواهر الطبيعية على ارتفاع منسوب المياه الأرضية، وتحديد أفضل الحلول العلاجية المستنبطة من الدراسات العلمية والتجارب العالمية في علاج هذه المشكلة. وعلى ضوء نتائج هذه الدراسات، وضعت الهيئة برنامجا علاجيا للمشكلة، أخذ عدة اتجاهات رئيسة تمثلت في خفض منسوب المياه الأرضية إلى مستويات آمنة عن طريق تنفيذ نظام متكامل من شبكات التصريف، والتحكم في المصادر المغذية للمياه الأرضية عن طريق ترشيد استهلاك مياه الشرب والري وتقليل التسربات من البيارات بإقرار برنامج موحّد تشارك في تنفيذه الجهات المعنية، يشمل استكمال شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى الوقاية من الآثار الناجمة عن المشكلة، وذلك من خلال إصدار الهيئة مجموعة من الكتب الإرشادية والقواعد لتصميم وتنفيذ أساسات المباني وخزانات المياه والصرف الصحي وبرك السباحة. كما يتضمن البرنامج العلاجي، المراقبة المستمرة للمشكلة عن طريق مراقبة منسوب ونوعية المياه الأرضية في المدينة، ومراقبة الأضرار الناجمة عن المشكلة وتقويم الآثار الهندسية الناجمة عنها، حيث تراقب الهيئة بالتنسيق مع أمانة منطقة الرياض وشركة المياه الوطنية، وضع المياه الأرضية في مناطق شرق مدينة الرياض التي تتسم تربتها بحساسيتها العالية للرطوبة، وكذلك في أحياء المدينة الأخرى، إضافة إلى تطوير نماذج رياضية تهدف إلى التعرف على حركة المياه الأرضية في الوضع الراهن وتقدير حركتها في المستقبل. وبهدف التعرف على مدى فاعلية نظام صرف المياه الأرضية التي نفذته الهيئة، أجرت دراسة لتقييم النظام وجدواه في علاج المشكلة، أشارت نتائج الدراسة بفضل الله، إلى اختفاء المياه الراكدة من الشوارع التي نفذت فيها النظام، وتحسن حالة الطرق في المناطق التي نفذت فيها، وتحقيق كفاءة عالية في تصريف السيول خلال هطول الأمطار في المناطق التي نفذ فيها النظام. كما كشفت نتائج الدراسة تقيّيم النظام، عن انخفاض كميات الأملاح التي قد تضر بأساسات المنشآت، ومساهمة البرنامج في منع تجمع المياه على سطح الأرض كنتيجة للخاصية الشعرية، وانخفاض معدل ظهور المشكلة في الأحياء التي شهدت تنفيذ مشاريع لشبكات الصرف الصحي. يشار إلى أن مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في مدينة الرياض، قد بدأت في الظهور منذ أربعة عقود تقريبا، بالتزامن مع النمو السكاني والعمراني السريع الذي شهدته الرياض، الذي واكبه ارتفاع في معدل استهلاك الفرد للمياه، وبالتالي حدوث زيادة كبيرة في كميات المياه المجلوبة إلى المدينة، وزيادة المياه المصروفة إلى سطح الأرض في بعض أجزاء المدينة، ما تسبب في ظهور آثار سلبية هندسية وبيئية وصحية عديدة.