تعكف الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض حالياً على إعداد خطة شاملة لمراقبة وإدارة المياه الأرضية في مدينة الرياض تهدف إلى السيطرة على ارتفاع منسوب المياه الأرضية في شرق الرياض، ومراجعة وتقويم برنامج مراقبة المياه الأرضية، إضافة إلى تقويم مشاريع خفض منسوب المياه الأرضية في المدينة وتأثيرات النمو الحضري عليها، وتحديث خرائط البيئة الطبيعية للمدينة (جيولوجية وهيدروجيولوجية وجيوتقنية) بعد التوسع العمراني الكبير في المدينة. وقالت الهيئة في هذا الصدد أمس الاول إنها أنهت تنفيذ شبكات لخفض منسوب المياه الأرضية بطول يزيد عن 373 كيلومتراً، وبما يغطي 47 حياً متفرقاً في مختلف أجزاء المدينة، ضمن مشروع الهيئة لعلاج مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في عدد من الأحياء التي كانت تعاني من آثار هذه الظاهرة، كما تعمل الهيئة حالياً على تنفيذ مشاريع جديدة لمد شبكات خفض منسوب المياه الأرضية في ستة أحياء أخرى، بطول يزيد عن 59 كيلومترا، في الوقت الذي طرحت فيه هذا العام للمنافسة أربعة مشاريع جديدة بأطوال تزيد عن 39 كيلومترا، بينما يجري إعداد الدراسات والتصاميم لتنفيذ مشاريع أخرى بأطوال 31 كيلومتراً في خمسة أحياء جديدة. اختفاء المياه الأرضية من المواقع التي نفذت فيها الشبكة وأكدت الهيئة أنها تنبهت مبكراً لمشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في مدينة الرياض، التي بدأت في الظهور منذ أربعة عقود تقريبا، بالتزامن مع النمو السكاني والعمراني السريع الذي شهدته الرياض، والذي واكبه ارتفاع في معدل استهلاك الفرد للمياه، وبالتالي حدوث زيادة كبيرة في كميات المياه المجلوبة إلى المدينة، وزيادة المياه المصروفة إلى سطح الأرض في بعض أجزاء المدينة، ما تسبب في ظهور آثار سلبية هندسية وبيئية وصحية عديدة. وبادرت الهيئة لتبني برنامج للسيطرة على مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في المدينة وعلاج آثارها، حيث أجريت دراسات لمعرفة تأثير الظواهر الطبيعية على ارتفاع منسوب المياه الأرضية، وتحديد أفضل الحلول العلاجية المستنبطة من الدراسات العلمية والتجارب العالمية في علاج هذه المشكلة، وعلى ضوء ذلك، وضعت الهيئة برنامجاً علاجيا للمشكلة، أخذ عدة اتجاهات رئيسة تمثلت في خفض منسوب المياه الأرضية إلى مستويات آمنة عن طريق تنفيذ نظام متكامل من شبكات التصريف، والتحكم في المصادر المغذية للمياه الأرضية عن طريق ترشيد استهلاك مياه الشرب والري وتقليل التسربات من البيارات بإقرار برنامج موحد لتوفير المرافق العامة في المدينة ومن ضمنها استكمال شبكات الصرف الصحي، والوقاية من الآثار الناجمة عن المشكلة وذلك من خلال إصدار الهيئة لمجموعة من الكتب الإرشادية والقواعد لتصميم وتنفيذ اساسات المباني وخزانات المياه والصرف الصحي وبرك السباحة، والمراقبة المستمرة للمشكلة عن طريق مراقبة منسوب ونوعية المياه الأرضية في المدينة ومراقبة الأضرار الناجمة عن المشكلة وتقويم الآثار الهندسية الناجمة عنها، حيث تراقب الهيئة بالتنسيق مع أمانة منطقة الرياض وشركة المياه الوطنية، وضع المياه الأرضية في مناطق شرق مدينة الرياض التي تتسم تربتها بحساسيتها العالية للرطوبة، وكذلك في أحياء المدينة الأخرى، وتطوير نماذج رياضية تهدف إلى التعرف على حركة المياه الأرضية في الوضع الراهن وتقدير حركتها في المستقبل. وأجرت الهيئة العليا دراسة للتعرف على مدى فاعلية نظام صرف المياه الأرضية التي نفذتها لتقييم النظام وجدواه في علاج المشكلة، وأشارت نتائج هذه الدراسة إلى اختفاء المياه الراكدة من الشوارع التي نفذت فيها النظام، وتحسن حالة الطرق في المناطق التي نفذت فيها، وتحقيق كفاءة عالية في تصريف السيول خلال هطول الأمطار في المناطق التي نفذ فيها النظام. كما كشفت نتائج الدراسة عن انخفاض في كميات الأملاح التي قد تضر بالمنشآت ومنع تجمعها على سطح الأرض كنتيجة للخاصية الشعرية، وانخفاض معدل ظهور المشكلة في الأحياء التي شهدت تنفيذ مشاريع لمد شبكات الصرف الصحي. م. إبراهيم السلطان