بإعلان الرئيس ميشال سليمان، اجتاز لبنان عقبة التكليف المتمثل في اختيار النائب والوزير السابق تمام صائب سلام بعد أن رشحه 124 نائباً مما يقارب الإجماع وهو الذي لم يصل إليه في المرحلة التي مرّ بها لبنان سوى الرئيس فؤاد سنيورة. الآن يدخل لبنان مرحلة التأليف «تأليف الوزارة» في ظل المطالب العديدة التي تضغط الكتل النيابية على الرئيس المكلف لتنفيذها، وقد كان الرئيس تمام سلام واضحاً تجاه طلبات الكتل النيابية بأنه لم يتعهد لأي جهة أو طرف بتنفيذ ما يرغبون تحقيقه، وأنه لم يتعهد إلا أمام نفسه للعمل من أجل المصلحة الوطنية. وبهذا يكون تمام سلام قد نأى بنفسه عن أي من الكتل السياسية والنيابية، كما أنه أوضح بأنه لن يخضع للاشتراطات السياسية التي تعمل الكتل السياسية على تكبيله بها، ولهذا فإنه لم يفصح عن نوعية الحكومة التي سيشكلها متجاوزاً ما تطرحه الكتل السياسية التي ترغب بعضها بأن تكون حكومة وحدة وطنية، أي حكومة ائتلافية أو تكون حكومة حيادية، أو حكومة تكنوقراط، أو حتى حكومة اللون الواحد، فالرئيس المكلف لم يلزم نفسه إلا بحكومة أسماها بحكومة المصلحة الوطنية. اللبنانيون يتخوفون من أن تطول مدة وزمن اختيار الوزراء خاصة وأن لبنان قد خاض تجربة قاسية، حيث احتاج رئيس الحكومة الأسبق سعد الدين الحريري إلى ثمانية أشهر لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي أسقطها حزب الله بالضغط على كتلة وليد جنبلاط للانسحاب منها. المرحلة الحالية التي يمر بها لبنان، وما تشهده المنطقة تختلف عن المراحل التي شكل فيها الرؤساء السابقون الحريري وسنيورة وميقاتي، فالمنطقة تشهد متغيرات مهمة ومتلاحقة لا تسمح للكتل السياسية ونوابهم بالضغط على تمام سلام، بما فيها القوى السياسية التي عادة ما تعرقل تشكيل الوزارات اللبنانية ما لم تحقق مطالبها، فحزب حسن نصر الله وكتلة ميشيل عون تلقيا تعليمات من طهران بأن يكونا «مرنين»، واعتبار مواقفهما «حسن نيّة» من حلفاء إيران في المنطقة، لمساعدة ملالي طهران على تمرير صفقة مع أمريكا والدول الغربية في مفاوضات الملف النووي، التي تتضمن انسحاب حزب حسن نصر الله من سوريا وتخفيف مطالبها في لبنان مقابل تمرير مطالب طهران في الملف النووي، وهذا الذي أجبر حسن نصر الله للضغط على حليفه ميشيل عون للموافقة على اختيار تمام سلام الذي تجمع المصادر اللبنانية على أنه لن يحتاج إلى وقت طويل لتشكيل حكومة من شخصيات مرموقة على الأغلب لن تكون مرشحة للانتخابات ومن المحترمين على الصعيد المهني أو الأكاديمي أو في عملهم في الشأن العام وليسوا بعيدين من الأطراف والكتل السياسية. [email protected]