يستدير في غرفته، يخرج ثم يدخل، يلج صالة الجلوس.. يضيء النور ثم يجلس على أريكة كبيرة. يبحث عن شيء ما في جيبه يتحسسه ثم يجده ويمر بيده على معطفه حيث يدخلها في جيوبه يبحث عن ولاعة ثم يرفع يديه إلى فمه ويشعل السيجار، وتبدأ سحابات من الدخان تدور حول رأسه وينفث الدخان وعبارات التأفف والسأم معها. ينهض وبيده سيجارته، يتمطى، يمشي قليلاً تستوقفه آنية على إحدى زوايا الصالة تقع عيناه عليها، يلمسها بيديه ثم يرسل آهة ممتزجة بدخان كثيف. يدير رأسه، ترن في أذنيه كلماتها الرقيقة عندما جلبتها من السوق: أترى هي جميلة؟ انظر إنها في غاية الرونق والجمال، هل تعجبك؟ يغمض عينيه ويفتحهما يدير رأسه ويبتعد. يقترب من التلفاز يفتحه، تململ. وقع نظره على تلك اليدين وهي تحمل آثار الصفعة تلك الصفعة التي مزقت أفياء قلبه وحجبت شمس ابتهاجه وفجرت سد دموعها التي أغرقت خديها. حملت نفسها ورحلت، رحلت بأسى وألم، أما قلبها فقد رفض مغادرة البيت معها لكنها آثرت البقاء على كبريائها والابتعاد به عن معركة الصراخ والاستهزاء. عادت ذاكرته، ولمعت دمعته في مقلته، وأثناء شروده دقت الساعة الخامسة مساءً، رفع رأسه أفاق من رحلة الأحلام المؤلمة. بعد برهة سطعت في ذهنه فكرة؛ نهض بسرعة، ارتدى ملابسه، اختار أفضلها ثم تناول محفظة نقوده. اتجه إلى الباب وخرج ركب السيارة وانطلق. بعد لحظات كانت قدماه تتخطى عتبات محل المجوهرات دخل إليه والأمل يشع من عينيه.