«هل عرفتم مرة عاشقا راجح العقل؟». (غادة السمان). غادة السمان وضعت قلمها على مركز الواقع الذي لا ينكر، لا يمكن أن يجتمع العقل والحب معا في جسد واحد، فمتى دخل الحب من الباب، هرب العقل من النافذة. الحب لايمكن أن يعيش متى طوقته أحكام العقل، فالحب يزدهر متى كان هو السيد المطلق، الآمر الناهي، لاحكم سوى حكمه، ولا قول إلا قوله، هو يريد أن يعربد كما يشاء، فينحاز إلى ما يريد ويعمى عن رؤية ما لا يريد، يقرب ما يحلو له ويبعد ما هو غير ذلك. وحين يتدخل العقل يفسد على الحب تلك العربدة فيحول بينه وبينها، وآنذاك لابد من الصراع بينهما، فإما حب لا سلطة للعقل عليه، وإما عقل لا مكان للحب بين يديه. يقولون: (الحب أعمى)، وفي العامية (القرد في عين أمه غزال)، ليس لأن للحب عينا عمياء لاترى القبح في الحبيب، وإنما أبعد من ذلك، إن الحب يجعل العين لا ترى أخطاء الحبيب مهما فحشت، وأسوأ منه أن يجعلها تعد عيوبه حسنات، فيمضي الحب ليرسم صورة مثالية للحبيب ترفعه في العين إلى درجة الملائكة المطهرين. و(حبك الشيء يعمي ويصم)، الحب هنا، ليس بالضرورة أن يكون حبا بين الرجل والمرأة، وإنما هو الحب في صورته المطلقة، يتمكن في القلب فإذا بأحكام العقل مسحوقة. حب التدخين يجعل المدخن يصم أذنيه عن سماع نداءات التحذير من سرطان الرئة. حب السهر والسمر مع الأصدقاء أو مع تسلية أخرى حبيبة إلى القلب، يجعل الساهر يصم أذنيه عن نداء الفجر فلا يبالي بالصلاة في وقتها. حب الطعام يجعل الطاعم يملأ معدته فوق طاقتها فلا يبالي بما يقع فيه من آلام البطنة. إذا تأملنا هذه الحقائق، أدركنا كم هي ساخنة تلك الحرب بين العقل والحب، فمن أراد أن يتبع أوامر عقله فلن يدخن سيجارة واحدة، ولن يزيد في مطعمه لقمة واحدة فوق ما تطيق معدته، ولن يبقى ساهرا دقيقة إضافية تثنيه عن صلاة الفجر.. ولكن مهلا، هل ذلك بسبب العقل أم بسبب الحب أيضا ؟، فحب التدخين يصرعه حب الحياة، وحب الطعام يصرعه حب الصحة، وحب السهر يصرعه حب الجنة حيث الثواب الأبدي، وهكذا، يصرع الحب الأقوى الحب الأضعف. ألا يدفع بنا هذا إلى التساؤل حول ما الذي نحن في حاجة إليه أكثر كي نحظى بحياة سعيدة راضية، أهو مزيد من أحكام العقل أم المزيد من الحب؟. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة