قارئة كتبت إلي تقول: سأتحدث إليك بما في صدري لأني أظنك ستفهمين مشاعري؛ لكونك امرأة مثلي، كما أنك أيضا لا تعرفين من أنا، وهذا يشجعني على الحديث معك بصراحة. لا أريد منك نصيحة حول ما أقول ولا أريد مواساة، كل ما أريده منك أذنا تصغي أو بالأدق عينا تقرأ ما أكتب وعقلا يقظا يستوعب ما أقول، فليس حولي من أستطيع أن أتحدث معه من غير أن أخشى لومه، إلا أنت. في أعماقي سؤال يضطرب، لعلي أجد إجابة له عندك: هل تظنين أن من الحق أن نخفي الحقيقة عمن نحب، لأي سبب نراه؟ هل نعد مخلصين وصادقين إن نحن أخفينا عن الحبيب شيئا نفكر فيه أو أمرا نضمره؟ تزوجت قبل ثلاثة أعوام رجلا أحببته، وكنت أظن أنه يحبني قدر ما أحبه، عشت معه عامين وزيادة في عالم من الحلم، فقد كان استثنائيا في علاقته بي وحرصه على تدليلي وإرضائي، كان دائما يهمس لي: أني كل شيء في حياته، وأنه لن يتخلى عني مهما حدث. كنت أغفو على لحن صوته يردد في أذني: «أن حياته لا تكتمل إلا معي» و«أن عمره بدأ بي وسينتهي معي» وأني «محطة رحلته وقطاره» و«ربيع عمره» و«موسيقاه وشعره». في بعض الليالي، اعتدنا أن نمشي سويا، فكان يحتضن يدي في يده ويميل برأسه نحوي ينظر في عيني ويسألني هل تعبتِ؟ فأجيبه حتى تتعب أنت، فيبتسم ممازحا: «شيئان في حياتي لا أتعب منهما ولا أتخلى عنهما أبدا: المشي وحبك». اعتدت على همسه الناعم أني كل شيء في حياته، وأنه لن يتركني أفلت من يده أبدا، فكان يقيني بحبه لي يزداد يوما بعد يوم. مرت أيامنا معا حلما قصيرا كأسعد ما تكون لأحلام وأقصرها. ثم في ليلة سوداء، في ليلة واحدة، أفقنا من الحلم كما أفاق ناجي -رحمه الله-، فكانت (يقظة طاحت بأحلام الكرى). كنا نتعشى معا عندما فاجأني بأن أدار وجهه بعيدا عني وأخبرني أنه قد طرأ على حياته من الأسباب ما يضطره إلى تطليقي! سألته: وحبنا؟ رفع كفيه إلى وجهه، أخفى عينيه عني، وصمت. كان صمته إجابة، لم يكن في حاجة إلى قول المزيد. في تلك الليلة لم أنم، أحسست أني كنت بلهاء حين أطمأننت إلى مستقبلي معه، وصدقت همسه «أن عمره بدأ بي وسينتهي معي». في تلك الليلة لم ألمه إطلاقا، رحت ألوم نفسي، كيف اختلط علي الجد بالهزل؟ وكيف لم أفرق بين الشك واليقين؟ كم نحن أغبياء حين نحكم على الباطن بما يبديه الظاهر! هل تصدقين أنه إلى اليوم، ما زال مصرا على أنه يحبني، وأن القدر وحده هو الذي يأبى أن نظل معا! هل تظنين أن عذرا كهذا يمكن أن يقوله محب صادق؟ إني هنا لا يعنيني أن أتحدث عن علاقة المرأة بالرجل في مجتمعنا وكيف أنها تزوج برغبته، وتطلق برغبته، أو تبقى معلقة، أيضا برغبته، يدخل إلى حياتها متى شاء ويخرج منها متى شاء، لا تدري لم حدث ما حدث! إني أتحدث عن مشاعر الحب متى وجدت بين اثنين، هل نعد مخلصين وصادقين إن نحن أجلينا بأيدينا من نحب بعيدا عن حياتنا؟ ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة