في علم التسويق كل شيء يُمكن تحويله إلى مورد اقتصادي، المهم أن تعرف كيف تصل إلى مفتاح الناس، وكثيرون يملكون إدارة تسويق لذواتهم، لكن لو نجحت يوماً لا يعني أن تنجح اليوم الثاني، لأن اتجاهات الجمهور ليست ثابتة، وهي متغيرة ومتأثرة بعوامل متعددة مرتبطة بوعيه وتكشف الحقائق لديه وقدرته على ربط الأحداث بمتوالية ثقافية ودينية واجتماعية ونفسية، فالكائن المقدس لا وجود له اليوم بيننا، فلا خير مطلق، ولا شر مطلق، فالمؤلف الذي يلقى رواجاً بالأمس يفقده اليوم وتقل جماهيريته، إما لأنه فقدَ المصداقية في مؤلفاته فنصفها مسروق، أو أنه يسخّر المرضى والمحتاجين لزيادة عدد متابعيه، فيزور الأطفال المرضى وينشر صوره في تويتر قبل أن يخرج من غرفة الطفلة المريضة، وآخر يستخدم تويتر في تسول مشاعر الجماهير للحضور إلى توقيع كتابه، وثالث ينشر صور مكتبه وصالونه، والحمد لله أنه إلى الآن لم ينشر صور سريره. التسويق للذات لدى بعض مشاهير التواصل الاجتماعي يتجاوز بكثير كل الأعراف الاجتماعية، بل إن بعضه يفتقد لمعاني الإنسانية، فبينما يقوم مشاهير الغرب بأعمال الخير سراً وبعيداً عن أعين المصورين والصحافيين، وتجري في ذلك حكايات كبيرة من الملاحقات والترصد بين الطرفين! نجد أن واهمي الشهرة في مجتمعنا يسرفون بنشر صورهم، وهم يأكلون ويشربون جالسين قاعدين وكأن أحداً قد شكك أنهم من البشر!؟ تظهر في صورهم الباهتة قسوة السخرة والاتجار بمشاكل ومصائب وأمراض الناس، لجني المزيد من الجماهيرية والمكانة، بل إن بعضهم لم يأنف عن نشر صور فلذة كبده، مستثمراً مرضه لاستدرار عطف الجماهير. إنك لتحتار وتتساءل: أين خصوصية المجتمع التي كدنا نجعلها مصطلحاً مقدساً لا يمس؟ أين الصدق والواقعية بين أقوالنا وأفعالنا؟.. هذه الفجوة الكبرى كيف تُسد؟ [email protected] Twitter @OFatemah