يقول حكيم: تعلّمت من الحياةِ أن بناء الثِّقة يَتطلَّب سنوات وعقودًا.. وأن فقدانها لا يَتطلَّب أكثر من شكٍّ واحدٍ غير مثبتٍ! تذكَّرت هذه المقولة في لقاءٍ جمعني بعددٍ من الكتَّاب والمُثقَّفين كان محورُ النقاش فيه ظاهرة فقدان الثِّقة بين المواطن من جهة والمسئولين والمؤسسات الحكوميَّة من جهة أخرى، تناول الحديث «الحمى التويترية» وسخريتها اللاذعة ، قلت فيما قلت: إنه وبالرغم من إيجابيات النقد وأهميتها في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ التنمية في بلادنا، إلا أن فَلتان عقاله وتحويله إلى مادة للسُّخْرية والتَّهَكم والتَّهييج العاطفي دون تثبت ولا دليل قادر على أن يمنح الفساد والقصور الإداري غطاءً أكبر من عدم النقد ذاته. أتصوّر اليوم أن فجوة فقدان الثِّقة التي تتسع يومًا بعد يوم بين المواطن والمؤسسات الحكوميَّة والصورة الانطباعية السلبية حول أداء الوزارات والجهات الحكوميَّة وقصورها بات عقبة أمام المسؤول الإيجابيّ والوزير النشط، حيث إنّ كل ما يقوم به ويعمله يصبح خارج دائرة التقدير المجتمعي، بل إن بعض مبادراته قد تَتحوَّل إلى سلاح يستخدم ضده، لذا فإنَّ الكثيرين منهم يستسلمون للكسل والابتعاد عن المسؤولية وعدم العمل تفاديًا لسهام النقد واللوم في ظلِّ ثقافة النّقد التويترية. هذا المقالُ ليس دعوة لترك النقد بلا شكّ، بل إن المجتمعَ الذي تنقطع عنه مياه النّقد الجارية مجتمعٌ فاسدٌ ويفتقد إلى كل أسباب إعادة إنعاشه إلى الحياة من جديد، لكن بالمقابل لا يمكن أن نعفي المسؤولين والوزارات والجهات الحكوميَّة من دورها في خلق هذا الواقع المتأزم، حيث إن عدم الشفافية والرهبة من الإعلام وضعف تأهيل الإدارات المعنية بترجمة واقع الأداء ومساهمَّته تجاه المواطن ساهم في اتساع هذه الفجوة وتفاقم سلبياتها. اليوم نحن بحاجة إلى وقفة صدقٍ ودراسةٍ معمَّقةٍ حول ظاهرة النقد في المجتمع، أدواته، ومحتواه، وأطرافه، ومؤسساته، وتأثيره في المجتمع، كما أنّنا بحاجة إلى دراسات أكثر عمقًا حول المجتمع نفسه وتحولاته ووعيه بالنقد واستجابته له، فأنا على يقين أن المشروع الإصلاحي للمملكة لا يمكن أن تسير عربته في اتجاه الأمان دون أن يبدأ بفهم واقع النّقد ودرجة تأثير واستجابة المجتمع له. عبر تويتر: fahadalajlan@