لا تستطيع أن تجد عنوانا لهذا الكتاب أفضل من عنوانه «المختصر من سيرة المندي المنتظر». العديد من الأفكار الساخرة حول كل شيء تقريبا في هذا الوجود. حيث لا شيء تصعب الكتابة عنه بل والسخرية به لدى المؤلف، وهو الكاتب السعودي الساخر أحمد العرفج. فهو لا يستثني شيئا من سخريته. وطوال تصفحك لمجموعة مقالات العرفج التي جمعها ما بين دفتي إصداره الجديد، ستجد العديد من القضايا «العرفجية» التي لم تكن تتخيل يوما من الأيام أن كاتبا سيتناولها بالحديث، مهما بلغت سخريته من جنون.. وتعد مادة الكتاب مجموعة مقالات صحفية في الأصل، نشرت للكاتب على مدى فترة من الزمن، لم يحددها الكاتب، غير أنها في مجموعها يمكن أن تحمل فكرة ومحورا واحدا، وهو الحياة الشخصية أو السيرة الذاتية للكاتب. وهو الخط الساخر الذي يميز العرفج ربما، بأن يتحول إلى ما يشه الآلة الضخمة التي تعيد تدوير المواقف اليومية بكل ما تحمله من أبعاد اجتماعية وثقافية ونفسية وحتى سياسية، لتصبح نكتة ملقاة في الطريق، ومهيأة لإضحاك جميع العابرين بها. يقول الكاتب أحمد عدنان في تقديمه «سيرة المندي» : إن للعرفج أدبا خاصا هو أدب البطولات الصغيرة, فهو يبتعد عن الخوض في مسائل الديمقراطية والإصلاح السياسي -مثلا- أو توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي ليتحدث أدب السراويل! أو عن وجه الشبه بين القط العربي والانكليزي. ويضيف .. «إن أدب العرفج يمتاز بخاصيتين هما الاعتراف والاستشهاد. إذ لا يجد عضاضة في الاعتراف بأنه سرق, أو احتال أو أخطأ. أما الاستشهاد شعرا وطرفا وأخبارا فهي تسجل للعرفج كعامل معرفة -كما يحلو له أن يسمي نفسه-. إذ يجتهد في البحث والغوص في الكتب العتيقة والحديثة ليروي ظمأه المعرفي ويقدم المفيد والنادر لقرائه. وإذ يبدأ «المندي المنتظر» بتقديم لأحمد عدنان، ينتهي بسؤال مباشر وصريح، للأستاذ عبدالرحمن الراشد وهو: لماذا أقرأ للعرفج؟ ويجيب عليه بشكل أكثر صراحة ووضوحا بقوله: أقرأ لأحمد العرفج ليس لأنه صديق، أو لأنه يفرض علي مقالاته، وليس لأن بعض الزملاء يقومون بتدويرها من جديد، أو ليس لأني أخاف أن يسألني في كل مقابلة معه إن كنت قد قرأت مقالته الأخيرة. لكن والحق أقرأ للعرفج خارج الصداقة، وخارج القراءة القهرية. لأنه يختلف عنّا جميعا ككتاب. فقد أسس لنفسه أسلوبه وموضوعاته وأفكاره، وسار على الدرب لا يحيد على الرغم من كل إغراءات الكتابة المشتركة الفكرية أو الاجتماعية. وأضاف الراشد: إنه لا يخاف سكاكين زملاء المهنة الذين لا يرحمون أحدا لا يسايرهم في أسلوبهم وأفكارهم... أقرأ للعرفج لأني أريد أن أسمع عزفا منفردا يُدخل السلام على عقلي لا قلبي فحسب. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن كتاب «المندي المنتظر» ليس للإهداء، ولا يحتفظ الكاتب منه بأي نسخ مجانية. وبالرجوع إلى الصفحة (133) حيث مقال «التشبيك حول كتاب ينتهي تأجيره بالتمليك»، وما جاء فيه من معاناة للكاتب مع إصدار كتاب في المجتمع السعودي. إذ يشير إلى أنه منذ صدور كتابه «هذه صناديقي، مقاولات عامل معرفة»، والطلبات والرجاءات تنهال على بريده طالبةً نسخة مجانية. قائلا: لا عجب في ذلك، فنحن شعب يحب «السلتحة» ويعشق «الشرهات» ويموت في «البلاش»!.. وأضاف: إنني رجل خجول وأستحي ممن يطالبني بنسخة من كتابي، لذا أرجوكم و»أدخل» على الله ثم عليكم، أن لا تسألوني نسخا مجانية،.... إذ لا يعقل أن أدفع للطباعة ثم أوزعه مجانا كما توزع كتب وزارة التربية والتعليم.