المتابع للبرامج التلفزيونية في المحطات الفضائية خلال شهر رمضان سيصاب بالدهشة من الكم الهائل من الأعمال الدرامية من مسلسلات وبرامج ومنوعات وغيرها. ومن الملاحظ بطبيعة الحال أن شهر رمضان ومنذ سنوات أوجد حالة من الهلع التلفزيوني لدى المحطات الأرضية والفضائية حتى ان برامج رمضان أضحت مقياس النجاح ودليل التفوق لهذه المحطة أو تلك، ومن خلال هذا الهاجس تمكنت شركات الانتاج من حصد أرباحها الخيالية جراء التنافس على أعمالها حتى دون النظر إلى مستوى البعض منها، على أن هذه الاشكالية ليست هي المسألة الأساسية، إنما هي صورة معبرة عن بانوراما المحطات الفضائية وواقعها المرتبك الذي يعكس مدى ضياع الخطة او الخطط لديها، وغياب التصور الحقيقي والواقعي المدروس لدورها المطلوب وأهدافها وبرامجها على المستوى الفني والسياسي والاجتماعي، لاسيما أن بعض المحطات الفضائية نبتت على أرض مفروشة بالدولارات فقط لمجرد الرغبة بامتلاك اختراع جديد للتسلية مع وجود عشرات الاقمار الصناعية السابحة في الفضاء لتستقبل وترسل. ومع الأخذ بالاعتبار في مقابل ذلك وجود بعض المحطات الفضائية التي نبتت على أرض مفروشة بالمبادىء، إلا أن أدوارها وأهدافها ضاعت بسبب نقص الخبرة والتقليد الأعمى وغياب الخطة ان لم يكن غياب التوجه، الأمر الذي أدخلها في إطار شكلي روتيني ممل . السؤال الآن إذن لم يعد ماذا قدمت المحطات في رمضان، وهو سؤال محدود قياساً بحجم الدور المطلوب منها والتائه في بحر من التفاصيل والجزئيات، إنما السؤال: ماذا ستقدم من برامج دائمة وماهي خططها على مدار السنة والسنوات المقبلة؟ والإجابة عن السؤال ليست سهلة بل معقدة ومتشعبة في غياب أي شكل من أشكال التنسيق والبرمجة المسبقة وفي إطار التسابق اللاهث والمنافسة العمياء التي تجرف في طريقها كثيراً من القيم والأسس والمبادىء. أتمنى أن يسعى القائمون على المحطات الفضائية العربية الى عقد مائدة مستديرة تجمعهم على اختلاف أشكالهم وانتماءاتهم ليرسموا آفاق المستقبل ومواكبة العالم الذي يتقدم بدون رحمة ويتطور بلاهوادة قبل أن يستفيقوا فجأة ويجدوا أنفسهم يراوحون مكانهم في الماضي.