يوصف البث التلفزيوني بحق بأنه الفن البصري الأوسع انتشاراً في عالم اليوم، فالصورة بكل أشكالها باتت ومنذ زمن طويل علامة الصدقية وبرهانها، ناهيك بما تحمله في ذاتها من جماليات تجذب المشاهد إلى المتابعة بانتباه. مع هذا نلحظ أن هذا الفن يتنكر لأشباهه من الفنون البصرية الأخرى ويكاد لا يعترف بها في أحيان كثيرة، وان فعل ففي خجل وعلى قدر كبير من الندرة، مثلما هو حضور الفنون التشكيلية في البرامج التلفزيونية العربية على اختلافها، وكما هي حال فن النحت ونتاجاته الأهم سواء تلك التي وصلت إلينا من عصور وحضارات قديمة أو حتى ما يبدعه النحاتون المعاصرون من منحوتات يصل بعضها إلى مستويات فنية وجمالية راقية ومتقدمة. من يتابع البث التلفزيوني العربي المحلي منه والفضائي يلاحظ في يسر هذا الغياب، فباستثناء برامج قليلة تخصصها بعض المحطات العربية وخصوصاً المحطات الأرضية، لا نرى وجوداً للفن التشكيلي عموماً وكأنه خارج الاهتمام وخارج الخطط البرامجية الكثيرة والمتنوعة بل والطويلة في ساعات بثها، مع أن هذا الفن هو فن صورة بامتياز، بل هو يمتلك طاقات جمالية كبرى تجعله فناً جاذباً للمشاهدة الجماهيرية، وهو في الوقت ذاته حاجة وضرورة من أجل تعزيز دوره في الحياة العامة، هذا الدور الذي يتجاوز المعارض الفنية إلى الإسهام في الإعلان والدعاية كما في الصناعة، وبالطبع في فنون السينما والدراما التلفزيونية والمسرح وأغلفة الكتب... وغيرها من مجالات الحياة الأخرى. نقول هذا وفي الذهن غياب صورة الفن التشكيلي العربي عن جمهور المشاهدين العرب إلى درجة الجهل شبه التام، وإلاّ من يعرف اليوم من المشاهدين العرب شيئاً ذا قيمة عن النحات المصري الرائد محمود مختار؟ هل يعرف المشاهدون العرب شيئاً عن تمثال نهضة مصر مثلاً؟ وجود برامج تلفزيونية تضيء جوانب الحياة التشكيلية العربية في مختلف أقطارها ليس ترفاً بمقدار ما هو حاجة، من أجل تقديم معلومة مفيدة ومتعة مشاهدة لا شك فيها، خصوصاً حين يشرف فنانون متخصصون على إعداد هذه البرامج وتقديمها.