يتفق الجميع على أن أيام رمضان تنصرم بسرعة وتنقضي على عجل، فها نحن على عتبة الثلث الأخير منه,, ولو دققنا النظر في تلك الايام التي خلت من هذا الشهر الكريم,, لوجدنا ان الناس فيه ينقسمون إلى ثلاثة اصناف: الصنف الاول: يؤدون الصلاة والقيام في لياليه مع صيام نهاره والبعد عن ما حرم الله تعالى,, وهم كثير ولله الحمد. الصنف الثاني: يصومون نهار رمضان ويسهرون ليله ولا يعرفون للمساجد طريقا!! الصنف الثالث: من لا يصلي ولا يصوم البتة وهم قلة ولله الحمد، والناظر في أحوال هؤلاء وخاصة الصنفين الآخرين ليعجب اشد العجب من التفريط الذي هم عليه, فكيف لذي عقل ان يفرط في موسم اوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار؟ شهر يتألم الصالحون على فقده لانهم عرفوا حقيقة ذواتهم، وضعفها وفقرها إلى مولاها وطاعته, قال الله تعالى (كل يعمل على شاكلته) أي على ما يماثل أخلاقه التي ألفها، ولهؤلاء نقول: أيضا تعلمون هداكم الله أن الصوم إنما شرع لتحقيق تقوى الله والتقوى هي الوقاية بين المرء وبين عذاب الله تعالى فأي ثمرة لصيام بلا صلاة؟ أما علمتم ان ترك الصلاة كفر؟ وللصنف الثالث نقول: اين أنتم من مجاهدة النفس وعبادة الله تعالى هي الغاية من الخلق؟ وكيف بالله تنتصر الامة على عدوها ولما ينتصر أبناؤها بعد على شهواتهم؟ إن هذه الكلمات دعوة إلى وقفة صادقة مع النفس للعودة إلى الله تعالى والتوبة فمن لم يتب في رمضان، متى يتوب؟ ومن لم يغفر له في رمضان، متى يغفر له؟ ** إضاءة : إن من خلقه الله للجنة لم تزل تأتيه المكاره ومن خلقه الله للنار لم تزل تأتيه الشهوات فالجنة حفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات قال صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا لله إلا أبدلك الله به ما هو خير منه .