فاصلة: ((خير لك أن تحرث حراثة عميقة، بدلا من أن تحرث حراثة عريضة)) - حكمة هندية - نظم فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية ممثلا في المكتب النسوي الأسبوع الماضي حلقة تدريبية للعاملات داخل السجون ومؤسسات رعاية الفتيات، وهذا برنامج جيد غير تقليدي حتى تعي العاملات حقوق السجينات وكيفية التعامل معهن، إنما من وجهة نظري فالسجينات أيضاً يحتجن إلى برامج غير تقليدية في التدريب. الذي اقصده ان السجينات بحاجة إلى برامج تدريبية غير تقليدية وتحديدا البرامج التي لها علاقة بتغيير الأفكار والمشاعر السلبية والبرامج النفسية التي لها علاقة بتقدير الذات. الذي اجزم به ان إدارة السجون لدينا حريصة على تدريب السجينات على إكسابهن مهارات مختلفة كالخياطة والحاسب الآلي وغيرها، وقد رأيت ذلك بنفسي في فترة تطبيقي لبحثي للماجستير في سجن النساء قبل سنوات، لكن الفكرة الأساسية ان هذه البرامج لا تعمل على تطوير الشخصية وتعديل سلوكها. سأعطيكم مثالا.. كنت قد قابلت في بحثي احدى السجينات وتهمتها حيازة المخدرات وكانت المشرفة الاجتماعية فخورة بالسجينة أنها استطاعت حفظ نصف القرآن الكريم. خلال مقابلتي مع السجينة كنت استهدف قياس مستوى تقدير الذات لديها الذي ظهر منخفضا، لكن الذي هو اخطر من ذلك ان أفكارها لم تتغير، واتضح لي ان لديها شذوذا جنسيا ومفاهيم خاطئة تجاه السلوكيات الخاطئة التي تمارسها حيث إنها مقتنعة بصحتها. إذن فالسجينة حفظت آيات القرآن دون تدبّر وبالتالي لم تتغير أفكارها أو مشاعرها السلبية تجاه المجتمع الذي تتهمه انه السبب في انحرافها، كما ان خبرات الطفولة السيئة ما زالت تؤثر على سلوكها. العلاج النفسي أو الاجتماعي الذي تقوم به الإخصائيات بالطبع مفيد لكن العلاج السلوكي المعرفي هو من أفضل العلاجات التي يمكن ان تسهم في تغيير أفكار الإنسان وبالتالي يتغير سلوكه. وهذا النوع من العلاج لا ينتمي إلى المدارس التقليدية في علم النفس، وبالتالي أرجو ان تتبنى وجوده إدارة السجون. السجينة، إنسانة دخلت السجن عقابا لسلوكها لكنها لكي تعود متوافقة مع نفسها ومع المجتمع فإنها تحتاج بالفعل إلى ان تولد من جديد، ولأن الأفكار هي المسؤولة عن سلوك الإنسان فلا بد ان تتغير أفكارها وهذا لا يتم دون تخصص في العلاج السلوكي المعرفي، وفي اعتقادي ان ذلك هو الأساس في تأهيل السجينات، ثم يأتي بعد ذلك إكسابهن أي مهارة تعليمية. [email protected]