اليوم العاشر من أكتوبر هو اليوم العالمي للصحة النفسيَّة، حيث تبنى الاتحاد العالمي للصحة النفسيَّة إقامة هذا اليوم على مدى عشرين عامًا، منذ العام 1992م. وقد تَمَّ اختيار الاكتئاب كعنوان رئيس لهذا اليوم باعتباره من أكثر الأمراض النفسيَّة انتشارًا على مستوى العالم ويصاب به ما لا يقل عن 350 مليون شخص. الاكتئاب قد يصيب مختلف الأشخاص من مختلف الأعمار والأجناس وقد صنفت اضطِّراباته في المرتبة الثالثة في عبء الأمراض غير الساريَّة ويُتوقَّع أن تصبح الأولى بحلول العام 2030م. كما يُتوقَّع أن يصبح الاكتئاب المسبب الثاني للإعاقة وفق تقارير منظمة الصحة العالميَّة والاتحاد العالمي للطب النفسي. ولتأكيد حجم انتشاره فإنّ واحدًا من كل عشرة أشخاص يعانون من الاكتئاب الشديد وواحدًا من كل خمسة أشخاص عانى من بعض اضطِّرابات الاكتئاب على الأقل مرة واحدة. في المملكة لا يوجد دراسات معمَّقة كافية حول نسبة انتشار الأمراض النفسيَّة بصفة عامة والاكتئاب بصفة خاصة. إحدى الدِّراسات أشارت إلى أن نسبة 39 في المئة من كبار السن بالمملكة يعانون من الاكتئاب (سليمان الشمري، 1999م)، وهذا رقم كبير قابل للزيادة وفق معدلات انتشار اضطِّرابات الاكتئاب عالميًا. الحديث عن الاكتئاب يقودنا للسؤال عن الصحة النفسيَّة بالمملكة بصفة عامة. في المؤتمر الثامن للطب النفسي لهذا العام، صرح مدير مستشفى الأمل سابقًا استشاري أول الطب النفسي، د.محمد الشاووش بتصريحات مفزعة في هذا الشأن (جريدة الاقتصاديَّة 18-4-2012م)، حيث أشار إلى أن «الصحة النفسيَّة في المملكة لم تحرز أيّ تقدم منذ عشرين عامًا، حيث لم تزد عدد المستشفيات أو عدد الأسرة وكل ما يقال في هذا الشأن وعودٌ لا تتحقق» مستشفيات الإدمان على سبيل المثال ثلاثة مستشفيات منذ عشرين عامًا بالرغم من أن كل المؤشرات تشير إلى تزايد عدد المدمنين لأسباب عدَّة رغم زيادة عدد السكان وزيادة المسنين والمعرَّضين للأمراض النفسيَّة المختلفة، بل إن حتَّى تلك المستشفيات وصفها الدكتور الشاووش بأنها «سجونٌ» تفتقر إلى جميع الامتيازات التي يحتاج إليها المريض. وقد أكَّد تصريح الدكتور الشاووش حاجتنا إلى مزيد من التوسع في هذا المجال، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة صرح في بداية العام 2011م بأنه سيتم قريبًا إنشاء مستشفى للإدمان في الرياض و16 أخرى بمناطق المملكة. وقد اقتربنا على نهاية العامين منذ ذلك التصريح ولم نرَ أيًا من تلك المشروعات الموعودة. ربَّما سننتظر عشرين سنة أخرى حتَّى يتم إنجازها! وبالعودة لليوم العالمي واضطِّرابات الاكتئاب فقد أوصى الاتحاد الدولي للطب النفسي بتبنِّي عدَّة حلول وسياسات كالآتي: 1. الاكتشاف والعلاج مبكرًا كجزء من الرِّعاية الأوليَّة. 2. تثقيف المجتمع حول الأمراض النفسية. 3. تقديم العنايَّة المجتمعيَّة للمرضى النفسيين. 4. اشراك الأسرة والمجتمع ومن لهم علاقة. 5. توفير الأدوية والبرامج العلاجيَّة المناسبة. 6. تأسيس برامج وسياسات وطنيَّة في هذا الشأن. 7. تطوير الكوادر البشريَّة المتخصصة والمتمكنة في هذا المجال. 8. التعاون مع القطاعات الأخرى كمؤسسات التَّعليم والشؤون الرياضيَّة والاجتماعيَّة وغيرها. 9. متابعة البيئة والمجتمع المحيط ذي العلاقة بالمصاب. 10. إجراء مزيد من البحوث والدِّراسات في هذا الشأن. اليوم العالمي للصحة النفسيَّة فرصة لمراجعة واقعنا -الذي لا يسر أبدًا- في خدمات العلاج والرِّعاية النفسيَّة وما يتعلّق بها كعلاج الإدمان والتأهيل النفسي وغيرها. علينا الاستفادة من الخبرات العالميَّة والحلول المقترحة من الجهات المتخصصة محليًّا وعالميًا. [email protected] لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm