800 جهة عارضة في انطلاقة «ريستاتكس الرياض»    خزامى الصحراء    الدلافين تظهر في بحر مكة    الترمبية وتغير الطريقة التي ترى فيها السياسة الدولية نفسها    الملامح الست لاستراتيجيات "ترمب" الإعلامية    تعهد روسي - أميركي للتعاون في تسوية نزاع أوكرانيا    بيان المملكة.. الصوت المسموع والرأي المقدر..!    الرياض.. وازنة القرار العالمي    ترامب وبوتين.. بين قمتي «ريكيافيك» و«السعودية»!    القادسية قادم بقوة    الأهلي والنصر يختتمان مرحلة الدوري بمواجهة الغرافة وبيرسيبوليس    يايسله: جاهزون للغرافة    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    ملّاح داكار التاريخي.. بُترت ساقه فامتدت أسطورته أبعد من الطريق    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    مسلسل «في لحظة» يطلق العنان لبوستره    عبادي الجوهر شغف على وجهة البحر الأحمر    ريم طيبة.. «آينشتاين» سعودية !    الحجامة.. صحة ووقاية    وزير الاقتصاد يلتقي عددًا من المسؤولين لمناقشة مجالات التعاون المشترك    جازان تقرأ معرض الكتاب يحتفي بالمعرفة والإبداع    بينالي الأيقونة الثقافية لمطار الملك عبد العزيز    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    جولة توعوية لتعزيز الوعي بمرض الربو والانسداد الرئوي المزمن    سيناريوهات توقف هدنة غزة وعودة الحرب    جامعة نجران تتقدم في أذكى KSU    على خطى ترمب.. أوروبا تتجه لفرض قيود على استيراد الغذاء    شرطة الرياض تضبط 14 وافداً لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    وزير الداخلية والرئيس التونسي يستعرضان التعاون الأمني    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    رئاسة الشؤون الدينية تدشن الخطة التشغيلية لموسم شهر رمضان    إحباط تهريب 240 كيلوغراماً من نبات القات في جازان    أمير جازان يدشن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال ويعطي الجرعة الاولى لأحد الأطفال    سمو وزير الرياضة يتوّج البريطاني "رولاند" بلقب الجولة الرابعة من سباق جدة فورمولا إي بري 2025    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    آل الشيخ: نعتزُّ بموقف السعودية الثابت والمشرف من القضية الفلسطينية    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني في مدارس تعليم الرياض    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    السعودية تعبر عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن المواطنين اللبنانيين،    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    أمطار رعدية وسيول في عدة مناطق    انتقلت إلى رحمة الله في المنامة وصلي عليها بالمسجد الحرام.. مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي آل زيدان وآل علي رضا في فقيدتهم «صباح»    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    خبراء يستعرضون تقنيات قطاع الترفيه في الرياض    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    «منتدى الإعلام» حدث سنوي يرسم خارطة إعلام المستقبل    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    فجوة الحافلات    تكساس تشهد أسوأ تفش للحصبة    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    قصة الدواء السحري    كود.. مفتاح الفرص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقلية الجهادية في ليبيا
نشر في الجزيرة يوم 04 - 10 - 2012

«إنهم مسلحون، وأنا لن أخوض معركة خاسرة وأتسبب في مقتل رجالي بسبب ضريح مهدم»، هكذا صَرَّح فوزي عبد العالي، وزير الداخلية الليبي السابق، قبل أن «يستقيل» في أغسطس/ آب الماضي. وكان يشير إلى الجماعات السلفية المسلحة التي اتهمت بهدم الأضرحة الصوفية. ومن بين الجماعات المتهمة كانت جماعة كتيبة أنصار الشريعة، التي سارعت إلى تأييد عمليات الهدم، ولكنها نفت أي مسؤولية عنها.
والآن يتهم أحمد جبريل، نائب سفير ليبيا إلى لندن، كتيبة أنصار الشريعة وعلى رأسها محمد علي الزهاوي، بتنفيذ عملية الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، التي أسفرت عن مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين من الأمريكيين العاملين في القنصلية، فضلاً عن أفراد من الحرس الليبي. وسرعان ما تبنى آخرون ادعاءات جبريل وروجوا لها. ولكن الصورة الحقيقية أكثر تعقيدا.
فقد نفت الكتيبة مسؤوليتها عن الحادث في بيان مكتوب، وأيضاً في مقابلة موجزة مع المتحدث الرسمي باسم الكتيبة، الذي كان مسؤولاً في ذلك الوقت عن حراسة مستشفى الجلاء في بنغازي. ومثل بيانها بشأن تدمير الأضرحة الصوفية، نفت الكتيبة أي تورط في الهجوم على القنصلية الأمريكية، ولكنها أكَّدت على جسامة القدح في النبي، وهو السبب المفترض الذي أدى إلى شن هذه الهجمة.
جذبت الكتيبة انتباه الجمهور في يونيو/ حزيران الماضي أيضا، عندما نظم نحو 300 من أعضائها المسلحين تظاهرة في بنغازي، الأمر الذي أثار الغضب بين الليبيين. ويقول هاشم النواع، أحد قادة الكتيبة: «أردنا أن نبعث برسالة إلى أعضاء المجلس الوطني العام. لا يجوز لهم أن يقتربوا من الشريعة، بل ينبغي لها أن تكون فوق الدستور، وليس موضوعاً للاستفتاء».
ولكن هل كانت كتيبة أنصار الشريعة حقاً وراء الهجوم على القنصلية الأمريكية؟
إن طبيعة القوى الإسلامية المسلحة في ليبيا ما بعد الثورة لم تكن صريحة مباشرة بأي حال من الأحوال. فالجهادية السلفية ليست منظمة، بل إنها تشكل اتجاهاً إيديولوجياً يستند إلى اعتقاد أساسي مفاده أن التكتيكات المسلحة بكل أشكالها هي الوسيلة الأكثر فعالية - وفي بعض الآراء، الأكثر شرعية - لإحداث التغيير الاجتماعي والسياسي.
وفي العام الماضي، لعب أتباعها دوراً مهما في الإطاحة بدكتاتور ليبيا الوحشي العقيد معمر القذافي. وفي وقت لاحق، وبعد نضوجهم سياسيا، نقح العديد منهم نظرتهم للعالم، وتحولوا من النشاط المسلح إلى النشاط غير المسلح، فشكلوا أحزاباً سياسية وخاضوا الانتخابات.
فانبثق عن الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة على سبيل المثال حزبان سياسيان رئيسيان، حزب الوطن بزعامة قائد الجماعة الإسلامية الليبية والمجلس العسكري في طرابلس سابقا، عبد الحكيم بالحاج. والثاني، حزب الأمة الوسط بزعامة سامي السعدي، كبير المنظرين الايديولوجيين للجماعة سابقا، وعبد الواحد قائد، أحد قادة الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة العسكريين، وشقيق أحد قادة تنظيم القاعدة المتوفى حسن قائد (أبو يحيي الليبي). وكان أداء الحزبين ضعيفاً في انتخابات المؤتمر الوطني العام الجديد في يوليو/ حزيران، حيث لم يفز أحد غير قائد بمقعد. والواقع أن المؤتمر الوطني العام كان على أكثر من نحو بمثابة هزيمة للأحزاب السلفية غير العنيفة في ليبيا (مثل حزب الأصالة)، فضلاً عن أحزاب ما بعد المذهب الجهادي.
والواقع أن تشكيلات إسلامية مسلحة أخرى، بما في ذلك جماعات سلفية، قَبِلَت الاندماج في مؤسسات الدولة الجديدة في ليبيا، مثل اللجنة الأمنية العليا (وزارة الداخلية) وقوات درع ليبيا (وزارة الدفاع). كما استوعبت قوات الحرس الوطني، برئاسة نائب زعيم الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة السابق، خالد الشريف، أكثر من ثلاثين كتيبة، وأغلبها من الغرب والجنوب الغربي.
ولكن العديد من التشكيلات المسلحة، مثل أنصار الشريعة وكتائب الشيخ عمر عبد الرحمن السجين، لا تزال ترفض الانتقال إلى السياسة الحزبية والاندماج في مؤسسات الدولة. وهذه المنظمات عديدة، ولكنها صغيرة. وبعضها لم يُدع - أو لم يجد الحافز الكافي - للانضمام إلى الهيئات الرسمية.
في مقابلة أجريت معه في شهر إبريل / نيسان الماضي، يقول سفيان بن قومة، قائد جماعة أنصار الشريعة في درنة، والمعتقل في جوانتانامو سابقا: «لم يطلب منا أحد الانضمام إلى الجيش أو الشرطة. إنهم حتى لم يعطوني أنا أو أياً من رجالي مكافأة للقتال». وبن قومة لديه قوة شبه عسكرية صغيرة تتدرب في غابة بو مسافر على مشارف مدينة درنة. وهو يصر على أنه كان سيستجيب لو طلب منه رئيس الكشافة أو زعماء العشائر تفكيك معسكر التدريب.
كانت وفاة ستيفنز وزملائه بهذه الطريقة المأساوية سبباً في توليد غضب شعبي واسع النطاق في ليبيا، وهو ما أضاف إلى عزلة وانعدام شرعية الجماعات المسلحة. ولقد قامت العشرات من الجماعات الناشطة في ليبيا برفع مقاطع فيديو تشيد بستيفنز، فضلاً عن إصدار بيانات ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة. ويتضمن أحد مواقع الإخوان المسلمين على شبكة الإنترنت بياناً مماثلا، كما أدان مفتي ليبيا الشيخ صادق الغرياني الهجوم.
هناك قضيتان تشكلان أهمية حاسمة في ليبيا لمنع المزيد من المآسي في المستقبل. الأولى تتعلق بضرورة استثمار الدعم الشعبي والاستمرار في نزع السلاح، والتسريح، وعملية إعادة الإدماج التي بدأت أثناء حكم المجلس الوطني الانتقالي ولكنها لم تكتمل قط. والثانية تتلخص في ضرورة عمل الحكومة على تعزيز استراتيجية الاتصال وتبادل المعلومات والأفكار.
لقد شجبت حكومات الربيع العربي الفيلم الفاحش الذي يرمي إلى تشويه سمعة نبي الإسلام، ولكن كان من الواجب عليها أن تشدد على أن الهيئات الأمريكية الرسمية وغير الرسمية لا علاقة لها بإنتاج الفيلم. إن العقاب الجماعي واستهداف الأبرياء محرم في القرآن في أكثر من عشرين آية: «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى» (سورة النجم، الآية 38).
د. عمر عاشور مدير برنامج الدراسات العليا في سياسة الشرق الأوسط لدى معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر، وزميل زائر لدى مركز بروكنجز الدوحة، ومؤلف كتاب «تحولات الحركات الإسلامية المسلحة»، و»تحليل اتجاه الإسلاميين في ليبيا: الصعود والتحول والمستقبل».
* حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2012.
* يمكنكم التواصل معه على عنوان البريد الإلكتروني: [email protected]، أو @DrOmarAshour.
www.project-syndicate.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.