يجتهد آباء الجيل الجديد، في محاولة تطبيق العديد من نظريات التربية الحديثة وهم يربون صغارهم، رغبة منهم في تنشئتهم ليكونوا مؤهلين من حياتهم، فاعلين فيها، متفاعلين مع معطياتها.. وفي كثير لا تصيب الرماية.. فالحقيقة أنهم قد يحسنون بهذا في شأن، ويسيؤون في آخر كثيرة..! إذ تبدو في هذا التيمن عدم الجدوى، في كثير من أوجه تربية الجيل الناشئ.. لا سيما في محكات التعامل، والممارسة في المواقف، حتى معهم أنفسهم هؤلاء الآباء المربين. فيلجأون أيضا، ومن جديد للمنتشرين كالرذاذ من أخصائي تعديل السلوك, والأطباء النفسيين, والمعالجين الاجتماعيين, لإنقاذ ما يمكن...!! أفلا تحصدون جوانب الفساد في مخرجات السلوك العام للجيل الجديد بحيادية، وتجرد، ووضع النفس في ميزان، كفتاه ليستا تميل من البدء بثقل ما تستخدمون من توكيد لسلامة «نظرياتكم في التربية من مثل: «أبدا، ولا يمكن، وغير صحيح، وهذا صواب، ورأي أدق، وفعلي أصوب....؟؟».. فالجيل الجديد كسب مما أخذ جرأة في غير مكانها، وحرية في غير انضباط، وتحللا من قيم كان ينبغي ثباتها وتمثيلها، وحماسا مشوبا بكثير من مغالطات, وفراغا نفسيا من ثمار ينابيع الفضائل.. والذين يرون بأن المجتمع كله فساد، يظلمون أنفسهم في البدء، لأنهم مطالبون أنفسهم من أنفسهم بالسؤال: لماذا لم تصلح نفسك حيث ترى صوابا، وسلامة, وخلوصا..؟ وبالتالي فقد أجحفوا في حق أبنائهم, إذ نقلوا إليهم عدوى, بما يرون، ويسمعون.. ويتلقون. إن المربي الصالح لا ينام عن عمله، ولا يتقاعس عن واجبه، ولا يضرر جاره، ولا يستأسد على خادمه، ولا يشح في مواقف العطاء، ولا يسرف على نفسه دون وجه حق, ولا يسرق عرضا، ولا يأكل فُحشا، ولا يسمع ظلما، ولا يطبل في جوقة، ولا يلطم في مأتم، ولا يتسلق جدارا، ولا يتخلف عن فضيلة, ولا يلقي بزمام الأمر كله لغرٍّ لم تنم مداركه بدعوى «افعل ما تشاء فأنت تصنع نفسك كما تشاء».. لأن إطلاق المشيئة للصغير، حكم عليه بالوقوع، وربما الهلاك.. إن المجتمع بعامة، في وطأة مُثقِلة من أبجديات الأخطاء التي يمارسها كثيرون, وكثيرون..، ويحسبون أنهم على صواب.., لا يسمعون ولا يرون إلا أنفسهم.. وما يقول «جيمس»، أو تقول «جاكي».. والآثار تنعكس على الأجيال, إذ سرعان ما تنبت الأشجار المرة بثمارها..!! فأي نظرية في التربية والتنشئة ما لم تخضع لمفردات أبجدية الخلق المحمدي في أسسها، ودعاماتها,.. ولمعرفة شاسعة بما استجد في الزمن، وبقدرة على أن ينشأ الصغار ويربوا لزمانهم في غير إسراف، وشطط.. أخذا بالأنقى، وتمسكا بالأقوى، وتوجها للأفضل، وحرصا على التوازن.. فإن المحصلة ستكون انسلاخا من الهوية.., واتباعا للهوى، وغربة عن الأصل.. الفرحة بمصطلح: تربية حديثة، ينبغي أن تكون فرحة بنتائج معرفة بما فيها من محاسن، وتجنب مساوئها بوعي.. فليس كل كتاب يفيد، وليس كل مجرى يطيب, وليس كل صوت لعندليب, وليس كل ريح تعبر في سلام، أو كل سيل ينجو بالكثير.., وليس كل هدر صبيب رواء, ولا كل سكون إناخة استرخاء..!! فتخيروا لئلا يكون أبناؤكم وبالا..!! عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855