غالبية من الناس من هم على خلاف مع الأقارب، وانفصال عن الأرحام، وانقطاع عن الأهل,.. وعند النظر في الأسباب، فإنها لا تخرج عن الأنفة, والاعتداد بالذات، وإمارة النفس, في أمور دنيوية.. إذ تجد كلا الطرفين منهما يرى نفسه على حق، وهو الأحق، دونما تفكر في نتائج وخيمة يمكن أن تحيط بهم في الدنيا، ولا ينجون منها في الآخرة.. ذلك لأنهم لم يتفكروا في صلة الرحم، ولا فيما هو معلق لهم من الأعمال حتى يفيئوا... ولا يرغب أحدهم في كسر الحواجز بمرجاة ثواب العفو والتجاوز والصفح وكظم الغيظ، وامتثال قول الله تعالى {َلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.. والله تعالى قد أعطى الرحم سؤلها بأن من يقطعها يقطعه تعالى، ومن يصلها يصله، فكيف بالأهل الأم وأولادها، والأخ وإخوانه، والأخت وأخواتها حين يكون خلافهم، وقطيعتهم من أجل دنيا فانية، ونفس أمّارة بالسوء.. حتى رمضان بمهابة قدسيته، وفرص العفو، والإياب.. ومضاعفة أجر التائبين, والعافين فيه، لم يحرك فيهم نبضة خوف، أو تقوى، أو احتساباً لله تعالى.. والحال هذا يتفشى بين الناس كثيراً.. وتنتشر القطيعة بين الأقارب، والأرحام.. وهي ظاهرة لا تناسب مجتمعاً تقشعر جلود أبدان أفراده، وهم يتلون كتاب الله.. وأولئك منهم يقفون في صفوف المصلين، وتجدهم يبكون، ويتباكون، وهم يدعون، ويصومون.. لكنهم على موقفهم من القطيعة.. في ظنهم أن الحق لهم، وأنهم على صواب.. ومفهوم الحق، والصواب لديهم يطغى على مفهوم العفو, وصلة الرحم، وأجرهما.. فكيف تستوي، وتتساوى هذه القطيعة للأهل، والأرحام مع الإيمان..؟ والجفوة معهم مع التباكي..؟ والإصرار على الموقف الشخصي منهم مع العبادة..؟.. أفلا يتأملون، ويكسبون ما بقي من العشرة الأخيرة في رمضان، ليكفّروا عمَّا مضى، ويتصلوا بمن جفوا، ويؤلّفوا بين قلوبهم، ويعفوا عمّا سلف، ويشيعوا بينهم الود، والسلام، ويكونوا على بعضهم برداً، وأمانا.., ولربهم طاعةً، واستسلاما..؟ علهم يحظون بعفو الرحمن، الذي اشتق سبحانه، وتعالى للرحم اسمها من صفته «الرحمن»..؟ اللهم أعنهم على مرضاتك في أنفسهم, وأهلهم، وأرحامهم، ونتائج أعمالهم.. آمين.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855