تمتد معرفتي عن السيد بنيامين نتنياهو إلى ما قبل أكثر من عشرين عاما، حينما كان سفيرا لإسرائيل في الولاياتالمتحدة أيام الغزو العراقي للكويت، فقد كان يخرج في وسائل الإعلام مستغلا حادثة الغزو للنيل من العرب كأمة، وكان يبالغ في الحديث عن تهديد صدام حسين لإسرائيل، وهو شخصية نرجسية وقحة حسب كل الذين تعاملوا معه من سياسيين وإعلاميين، كما أنه « صهيوني « مؤدلج حتى النخاع، لا يعرف سبيلا للمجاملة، وله مواقف مشهودة مع رؤساء الولاياتالمتحدة، وهي مواقف كانت ولا تزال تستفز المواطن الأمريكي العادي، وتستفز كثيرا من الإعلاميين المحايدين، ولكنهم لا يستطيعون فعل شيء تجاه سيطرة « ايباك» شبه المطلقة على السياسة الأمريكية الخارجية، والتي أضحت رهينة لمصالح اسرائيل بشكل غير مسبوق خلال العقود الماضية. الرئيس أوباما لم يكن بدعا، فقد تجاوز - على خلاف المتوقع - كل الرؤساء الذين سبقوه بمجاملاته لإسرائيل، وللسيد نتنياهو تحديدا، وقد كان ذلك صادما لكثير من العرب والمسلمين الذين هللوا له عندما انتخب رئيسا، دون ادراك منهم أن الطريق إلى البيت الأبيض، ومن ثم البقاء فيه يمر من بوابة ايباك أيا كان المرشح، جمهوريا أو ديمقراطيا، ومع كل ذلك فقد أغضب السيد نتنياهو الرئيس أوباما قبل أيام، وذلك عندما تدخل - حسب موقع قضايا مركزية الإسرائيلي- بشكل فظ وعلني ضده، ولصالح المرشح الجمهوري للإنتخابات القادمة السيد ميت رومني أثناء استقباله له في اسرائل، فماذا فعل المثقف والحليم أوباما بعد أن بلغ السيل الزبي؟. سرب البيت الأبيض عن طريق بعض موظفيه الكبار تصريحات عامة للصحفيين الإسرائيليين العاملين في العاصمة الأمريكيةواشنطن مفادها أن الرئيس أوباما غاضب جدا، ولا يستوعب تصرفات نتنياهو التي وصفها « بالإجرامية» من الناحية السياسية، ولم يكتف بهذا، بل إنه أشار إلى أن نتنياهو ناكر للجميل !، وربما تعرض تصرفاته الغير محسوبة مصالح اسرائيل القومية للخطر، خصوصا وأن الإدارة الأمريكية الحالية قد التزمت بأمن اسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل!، وهنا نرى أن الشيء الوحيد الذي أغضب أوباما بهذا الشكل - وهو الهادئ بطبعه- هو محاولة أحد صقور اسرائيل تفضيل المرشح الجمهوري عليه، وهذا الغضب متوقع، لأن أوباما يعلم أن إعادة انتخابه ستكون على المحك إن رأت ايباك أن المرشح الجمهوري أفضل منه لإسرائيل!. وفي الأخير، نقول بأن نتن ياهو - وهذا ليس خطأ مطبعيا - يعلم مدى التزام أوباما بأمن وسلامة اسرائيل، ولكنه يريد أن يستمتع - ومعه صقور الصهيونية - بتنافس المرشحين لرئاسة أقوى دول العالم في خطب ود اسرائيل، وهو سيناريو يتكرر مع كل انتخابات أمريكية منذ عقود طويلة، فمتى يا ترى يستيقظ الشعب الأمريكي المغيب؟!. فاصلة :» لقد تأسست امبراطورية غير مرئية من خلال النظام الديمقراطي، فالحكومة التي تم انتخابها لخدمة الناس أصبحت تخدم أصحاب المصالح «.. الرئيس الأمريكي ودرو ويلسون 1913-1921. [email protected] تويتر @alfarraj2