كما حدث في حوادث إطلاق النار العشوائي السابقة في أمريكا، فإن حادث إطلاق النار في دار عرض سينمائي بمدينة أورورا بولاية كولورادو الأمريكية أثار الرغبة في منع تكرار هذه المآسي. الناس يحاولون معرفة دوافع القتلة والوسائل المستخدمة في القتل والثغرات الموجودة في أنظمة الأمن، وأخيرا تحقيق العدالة بإصدار أحكام بالسجن مدى الحياة على القتلة. كل ذلك لا يكفي لمنع تكرار المأساة. الهدف النهائي هو توفير حماية يعتمد عليها لأرواح الناس. ومن أكثر المطالب شعبية لحماية الناس من حوادث إطلاق النار العشوائي ستكون الدعوة إلى تحسين الرقابة الأمنية على الأماكن العامة وتشديد القيود على حمل الأسلحة وتقليل مشاهد العنف في الأفلام على افتراض أن مشاهد العنف في أفلام السينما يمكن أن تدفع شخصا ما إلى إطلاق النار داخل دار العرض. مثل هذه الحلول يمكن أن تغير المجتمع على نطاق واسع إلى الأفضل. فقوانين السلاح تحقق نتائج جيدة وقوات تطبيق القانون ستصبح أفضل في تحديد القتلة المحتملين، ولكن الحل الأفضل يكمن داخل كل واحد منا، ليس في تحسين الأمن الجسدي وإنما تحسين الوسائل النفسية والعاطفية وربما الروحية التي نتعامل بها مع الأحداث المرعبة. القتلة يحاولون إثارة الغضب والخوف في عمليات إطلاق النار العشوائي، وربما وبعيدا عن كونهم منحرفين فإنهم يحتاجون إلى التعامل مع نفس هذه المشاعر داخلهم. التعامل مع هذه الحوادث بغضب وخوف وإن كان مثل هذا الغضب والخوف مفهوما تماما إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى تعزيز هذا السلوك لدى القتلة المحتملين الباحثين عن نشر هذه المشاعر. لذلك فإن أفضل طريقة لمواجهة هذه التوجهات الدامية هي تبني مواقف مناقضة تماما لما يبحث عنه هؤلاء القتلة، وتشمل هذه الطريقة التأكيد على مزيد من الانفتاح والتعاطف واحترام حقوق الأفراد وكذلك التسامح في أعقاب أي حادث دام من هذا النوع. مثل هذا التعامل سيبدد المشاعر التي تقود إلى العنف لأنه ينطوي على حقيقة دائمة، كما يمكننا أن نراه فيما حققته الحضارة الإنسانية من تقدم في تبني هذه المشاعر الإيجابية باعتبارها أسس الحياة اليومية. المحاكمات العلنية للمتهمين في جرائم إطلاق النار العشوائي في قاعة محكمة مفتوحة ستنطوي على العديد من السمات الإيجابية التي نطالب بها، ومثل هذه المحاكمة ستوضح للجميع أنه حتى القاتل السفاح يحظى بحقه في المحاكمة العادلة وسيادة القانون. مثل هذه الطريقة ربما تستغرق وقتا طويلا لكي تؤثر على الأشخاص ذوي الميول العنيفة. لكن التاريخ يقول إن العنف يتراجع في المجتمع الذي يتبنى المثل الإنسانية في العدالة. بالتأكيد علينا أن نتوجه إلى كل هؤلاء الذين أصابهم حادث إطلاق النار في كولورادو وهم الناجون من الحادث والمصابون فيه وأسر الضحايا وربما الناس جميعا بشكل عام إذا كانوا قادرين على التسامح مع القاتل. أفضل مثال على صعوبة مثل هذا العمل الشجاع حدث في 2006 بعد مقتل خمسة أشخاص في حادث (أميش جيرلز) حيث ذهبت عائلات الضحايا على الفور إلى منزل أرملة القاتل وأعلنت أنها سامحته هو وعائلته. وقال والد إحدى الفتيات القتلى في الحادث «تسامحنا لم يكن مجرد كلمات ولكنه كان فعلا». فقد أحضرت أسر الضحايا هدايا وزهور إلى منزل أرملة القاتل. كما حضر العشرات من أفراد أسر الضحايا جنازة القاتل. حقائق علم النفس الحديثة تدعو إلى الإيمان بالتسامح وممارسته كجزء من العلاج الشخصي وكوسيلة مضادة للتغلب على نزعة الانتقام والكراهية في المجتمع. مثل هذه السمات الجيدة تعد مهمة وطبيعية لأي مجتمع سليم. بعد حادث إطلاق النار في كولورادو يجب على وسائل الإعلام وأجهزة تطبيق القانون وغيرهم مراقبة الموقف لمعرفة ما إذا كان الأمريكيون قد تعلموا بصورة أفضل كيفية التعامل مع هذه المآسي بصورة جيدة. التعامل بصورة جيدة هو الذي يمنع تكرارها. افتتاحية (كريستيان ساينس موينتور) الأمريكية