كان هناك صياد عجوز يعيش مع زوجته العاقر وحدهما في كوخ صغير ويخرج يومياً لصيد الأسماك التي تلبي قوته اليومي وبالكاد يتوفر منها القليل ليبيعه ويدفع أجرة الكوخ لمالكه الجشع. وفي إحدى الأيام العاصفة، استيقظ الصياد العجوز كعادته في الصباح الباكر ليستعد للخروج إلى الصيد. فقالت له زوجته: «لماذا لا تبقى في اليوم في البيت فالعاصفة اليوم أقوى من المعتاد؟» فرد الزوج: «ومن سيطعمنا يا امرأة؟ ومن أين لنا المال لدفع أجرة المسكن إن لم أخرج إلى العمل؟ أنت تعرفين أننا فقراء نعيش على قوت يومنا وليس لنا ولد يعيلنا.» فما كان للزوجة إلا الخضوع للأمر الواقع وترك زوجها يخرج للبحث عن رزقه. أبحر الصياد العجوز بقاربه الصغير وسط الأمواج العالية التي راحت تقذفه وقاربه يمنة ويسرة حتى تحطم القارب، فحاول الرجل المسكين النجاة حتى عاد إلى الشاطئ لكن دون أن يستعيد أي شيء من عدة الصيد التي لا يمكنه العمل دونها. وعند عودته إلى المنزل، هرعت الزوجة إلى إشعال بعض الحطب لكي تدفئه، فأخذ يروي لها بحزن ما حدث له وما واجهه من عاصفة كادت أن تقتله. حاولت الزوجة أن تواسيه لكن دون جدوى، فهي أدرى بالحال بعد فقدان الرجل لعدة الصيد وتعطله عن العمل بسبب العاصفة. قرع الباب فذهبت الزوجة لتنظر من الطارق، وإذ به مالك المنزل الجشع يطالب بالأجرة. وعندما حاولا أن يشرحا له الموقف، راح يزمجر ويصرخ بأعلى صوته مطالباً بالمال دون تقبل أي عذر. توسل له العجوزان أن يمهلهما بضعة أيام فوافق على مضض مطالباً بزيادة في الدفعة كغرامة لتأخرهما عن الدفع في الوقت المناسب دون أدنى شفقة أو تقدير لما تعرضا له من مأزق. فكر الصياد طويلاً لإيجاد حل لهذه المشكلة لكن دون جدوى. فقرر في اليوم التالي بعد هدوء العاصفة أن يتوجه إلى الشاطئ عله يجد شيئاً من عدته أو حطام مركبه على أمل إصلاحه والعمل به مجدداً. لم يجد الرجل المسكين إلا حطاماً لا يمكن إصلاحها، وبين تلك القطع المتبقية من قاربه، وجد قنينة وبداخلها ورقة. ففتح تلك الورقة ونظر إليها فوجد أنها عبارة عن خارطة لينبوع الشباب. قرر الرجل أن يتبع تلك الخارطة ليكتشف ما هو ذلك الينبوع. وبعد ساعات من السير على قدميه والبحث هنا وهناك، وجد الصياد الينبوع أخيراً. تردد الرجل قبل أن يشرب منه، ولكنه قرر في النهاية أن يجرب فلن تسوء به الأمور أكثر مما هي عليه. وعند تناوله للقليل من الماء، استعاد الرجل شبابه وقوته كما لو أنه في الثلاثين من عمره وتملأه الحيوية. فملأ الرجل القنينة التي كانت بها الخارطة من مياه الينبوع كي يسقي زوجته لتستعيد شبابها أيضاً. ثم عاد إلى منزله سعيداً ولكن زوجته لم تصدق ما رأت فأعطاها القنينة حتى تشرب فذهلت عندما رأت نفسها شابة من جديد. وفي اليوم التالي جاء مالك المنزل ليطالب بالأجرة من جديد. وعندما فتح له الصياد الباب، استغرب المالك فسأله «من أنت؟ وأين الصياد العجوز؟ لم أكن أعلم أن له ولد.» قالها متهكماً وساخراً من الزوجة العاقر. فشرح له الصياد ما حدث وعرض عليه أن يشرب مما تبقى في تلك القنينة. راح الشك يراوده، لكنه أراد أن يعود شاباً، إلا أن جشعه سيطر عليه من جديد ورفض الاكتفاء بالجرعة المتبقية في القنينة فأصر على الصياد أن يصطحبه إلى الينبوع. فوافق الصياد على اصطحابه إلى الينبوع مقابل التنازل عن أجرة الكوخ. فكر الرجل قليلاً فوجد أن استثمار الينبوع سيدر له أرباحاً أكثر بكثير من مجرد كوخ صغير فقبل بعرض الصياد الذي اصطحبه إلى هناك. وحال وصولهما إلى الينبوع، راح الرجل الجشع يشرب بنهم بينما يحاول الصياد منعه من الإفراط في الشرب لكن دون جدوى. فظل الرجل الجشع يشرب حتى عاد طفلاً رضيعاً. فحمله الصياد وعاد به إلى المنزل وأعطاه لزوجته وطلب منه أن تحسن تربيته عله يكون ولداً صالحاً لهما في المستقبل.