قدمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تصورا إيجابياً عن خطة السلام الجديدة لسوريا والتي تم الاتفاق عليها خلال اجتماع مجموعة العمل من أجل سوريا في مدينة جينيف السويسرية في نهاية يونيو الماضي. تضم مجموعة العمل الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن الدولي إلى جانب تركيا وممثلين للدول العربية.. ونحن نأمل أن يكون تفاؤلنا مبرراً ولكن روسيا مازالت تبعث بإشارات متناقضة بصورة جنونية حول إدراكها لحقيقة أن الوقت قد حان لكي يتنحى الرئيس السوري بشار الأسد. الكارثة الإنسانية والحرب الأهلية التي تشهدها سوريا حالياً تقترب من التحول إلى صراع دولي.. فقبل أيام قالت تركيا وهي عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إنها نشرت طائرات مقاتلة على امتداد حدودها مع سوريا بعد رصد مروحيات سورية بالقرب من الحدود. وفي 22 يونيو الماضي أسقطت سوريا طائرة مقاتلة تركيا لدى عودتها للأجواء الدولية بعد أن دخلت على سبيل الخطأ المجال الجوي السوري بحسب الأتراك. وعلى الجانب الآخر دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان سوريا إلى احترام الحدود الدولية مع لبنان بعد شكوى اللبنانيين من توغلات الجيش السوري المتكررة على الأراضي اللبنانية. والحقيقة أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جينيف يمثل خطوة إلى الأمام بالنسبة لكل من الصين وروسيا. ففي فبراير الماضي استخدمت بكين وموسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار يدعو الرئيس الأسد إلى التنحي وتعيين نائبه رئيساً وفقاً لخطة السلام التي كانت الجامعة العربية قد اقترحتها. والخطة الجديدة التي أقرها اجتماع جينيف وإن لم تدعو صراحة إلى تنحي بشار الأسد فإنها تدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين لنظام الأسد والمعارضة. وبضغط من روسيا تم إلغاء فقرة في الخطة تستبعد من العملية الانتقالية «هؤلاء الذين يمكن أن يؤدي استمرارهم أو وجودهم فيها إلى نسف مصداقية العملية الانتقالية ويهدد الاستقرار والمصالحة». ورغم ذلك فقد اقتنع الدبلوماسيون الروس بحسب كلينتون بأنه «لم تعد لهم مصلحة إستراتيجية في استمرار الأسد في السلطة» وأن الروس سوف يضغطون على الأسد من أجل المشاركة في التحول السياسي. وتضيف كلينتون أنه كان هناك توافق عام على ضرورة تنحي الأسد لآن المعارضة لن تقبل أبداً بمشاركته في أي حكومة انتقالية.. وبنفس المنطق فإنه لا يوجد ما يدفع الأسد إلى القبول بخطة جينيف من البداية إلا إذا كانت روسيا مستعدة للضغط على نظامه وتهديده بدعم العقوبات الاقتصادية الدولية على سوريا. نحن ندعم رفض إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتدخل العسكري في سوريا أو تسليح المعارضة السورية ذات الأجندة الغامضة حتى الآن.. ولكن إذا استمر العنف وهددت الحرب الأهلية السورية السلام بين سوريا وجيرانها سوف تزداد الضغوط على الإدارة الأمريكية من أجل التحرك العسكري بالتعاون مع حلفائها.. ولكن خطة جينيف تقدم بديلاً جيداً لهذا السيناريو السيئ ولكن إذا كان تقييم كلينتون لنوايا روسيا صحيحاً. افتتاحية (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية