الكاتب محمد آل الشيخ لا أعرفه ولا أذكر أنني رأيته أو قرأت له حتَّى تلقيت مقالاً كتبه عني في الزميلة «الجزيرة» لم يختلف فيه معي في الرأي وإنما اتهمني في أخلاقي وموضوعيتي. رددتُ عليه وردَّ على الرد، وأعد القراء بأن يكون كلامي اليوم هو نهاية المطاف، فلا أرد على الكاتب بعد الآن، وسأحاول أن أنسى اسمه. كنت اتهمته بالكذب وأتهمه اليوم بالكذب على الطريقة الإسرائيلية أو الانتقائية فيختار ما يناسبه ويُهمل بقية المقال الواحد في إصراره على أنني لم أقف بقوة ضد بطش النظام السوري. المَثَل الذي قدّمه ليُثبت إدعاءه كان من مقال لي يعود إلى 27-4-2011، وهو مقالي الثاني عن أحداث سورية ويتحدث عن الشهر الأول من المظاهرات الشعبية قبل أن يبلغ عدد القتلى الألوف. الكاتب اختار أن يتجاهل ما كتبتُ في 15 شهرًا لاحقة ليشير إلى مقال أشرتُ فيه إلى تقديرات للقتلى في حينه بين 200 و300، وقلت لو كانوا ثلاثة أو أربعة تظل كارثة إنسانيّة لذلك بداية الحل وقف القتل. في 21-6-2011 حمّلتُ الرئيس بشار الأسد المسؤولية كاملة عن الأحداث. قلت: أنتَ الرئيس أنتَ المسؤول. أنتَ المسؤول إذا قامت مظاهرات تطالب بالإصلاح وأنت مسؤول إذا لم تتوقعها، وأنت مسؤول إذا لم تُحسن التعامل معها. وفي 8-8-2011 قلتُ: إن الحكومة والمعارضة بلغتا نقطة اللا رجوع وتحدثتُ عن سياسة انتحارية والنظام ماضٍ في استعمال الشِدّة ومشروعات الإصلاح كلام والمعارضة تريد كل شيء. وفي 17-10-2011 كررتُ تحميل الرئيس المسؤولية في مقال عنوانه «وحده مسؤول عن الوضع». في 19-1-2012 كان مقالي عن رسوم كاريكاتورية عن الثورة السورية كلّها إطلاقًا تُدين الرئيس ونظامه وتصوره ويداه داميتان. ما سبق من حوالي 25 مقالاً لي عن الوضع السوري كل واحد منها دانَ القتل، ويختار «الأستاذ» مثلاً من أول شهر للأزمة. الكاتب أثار في نقطته الثانية معارضتي تسليح المعارضة السورية وينقل عني قولي: «أعطي عدد كبير من الدول الثمانين التي شاركت في مؤتمر تونس علامات عالية في حُسن النية، غير أنني أنفى حُسن النيّة عن المطالبين الآخرين بتسليح المعارضة وهو يقول: إنني أشكك في نوايا الدول التي تطالب بتسليح المقاومة ومنها المملكة ودول الخليج ووصفتهم بوقاحة بأنهم أعداء الدين والمسلمين. هذه وقاحة إسرائيلية، فأنا أعطيتُ عددًا كبيرًا من الدول علامات عالية في حُسن النية، ولا بد أن يكون بينها الدول العربية والمسلمة، لأنَّها لا يمكن أن تطلب قتل مسلمين. أهم من هذا أن الكاتب بأسلوب إسرائيلي معروف أهمل الفقرة التالية من المقال وأنا أشرح مَنْ هم الأعداء وأعطي أسماء السناتور جون ماكين والسناتور ليندسي غراهام والسناتور جو ليبرمان الذين طالبوا بتسليح المعارضة وكلهم من طلاب الحروب الخارجيّة. ماذا كان عنوان المقال الذي اختار منه محمد آل الشيخ انتقائيًا؟ كان «بين مطرقة القتل وسندان الجهل» أي أنني اتهمت النظام بقتل الناس والمعارضة بالجهل والتفرّق. ومن وقاحة إلى أخرى، فالرد على كلامي شمل في نقطته الأخيرة أنني في 11-3-2011 أعلنتُ أنني أؤيد برنامجًا نوويًّا عسكريًّا إيرانيًا، وأنني اقترحتُ أن تسعى الدول العربية إلى برامج مماثلة، فانتشار مشروعات الأسلحة النووية في الشرق الأوسط سيجعل أمريكا والشرق والغرب تسعى إلى تجريد المنطقة من أسلحة الدمار الشامل ونرتاح من ترسانة إسرائيل، وما قد تملك إيران في المستقبل. محمد آل الشيخ يزعم «من الواضح أنه عندما انكشفَ وانفضح تناقضه وكَيلَه بمكيالين هربَ إلى القول بأنه يطالب بتملك كل العرب السلاح الذري.. أبدًا، ما حصلش يا حضرة الكذاب على الطريقة الإسرائيلية. وأتحداك أن تقابلني في محكمة فهذا الكلام قلته كل مرة واستطيع أن أبرز للمحكمة عشر مقالات سابقة أو أكثر في كلِّ مقال منها دعوت الدول العربية إلى امتلاك سلاح نووي فهذا رأيي في البداية، وليس هروبًا في المقال الذي أشار إليه. أعدُ القراء بألا أرد على محمد آل الشيخ بعد الآن، واعترف بأنني آسف إن رددتُ على مقاله الأول ونادم، وما كنت أفعل لولا أن آل الشيخ أسرة كريمة وأن الزميلة «الجزيرة» جريدة راقية احترمها دائمًا وكل العاملين فيها.