سوف لا نملك زمام أمور المستقبل الواعد أو المأمول على نحو جيد إلا عن طريق التقدم العلمي، ودعم العلماء على كافة الأصعدة والتخصصات، وتوفير الإمكانات التي تيسر لهم عملهم. وعلينا ونحن بصدد المستقبل العلمي أن نعيش عصر تلك التطورات العلمية الكثيفة مثل التطورات الكمية والكمبيوترية ولا يمكن تجاوزها أو اختزالها، إلا أننا وبحق نعيش عصر التراكم في الاكتشافات العلمية المتسارعة بمعدلات تتزايد باستمرار، ويقينا أن ذلك التسارع العلمي والتكنولوجي هو مبعث التقدم العلمي في ذلك القرن (الحادي والعشرين) الذي ما زلنا في مستهله فإذا لم نشارك في ركب التقدم أخشى أن ننأى ولو قليلاً عن أساسيات التطور العلمي والتكنولوجي الذي سيقودنا - بالحتم - إلى تطور حضاري ذي عواقب اجتماعية في نسيج حياتنا وفي مسلكياتنا وفي نفسية البشر وفي نمط تفكيرهم وذلك نتيجة الانطلاق إلى عالم الإنجازات التقنية عالية القيمة، ومن المفهوم أنها تشمل الكون كله. فالتطور العلمي هو هدف مخططاتنا الوطنية ومشروعنا النهضوي ونقطة الارتكاز فيه تتمثل في نظم التعليم الكيفي وربطها باحتياجات سوق العمل الآني والمستقبلي بما أنه تعليم منتج وليس استهلاكياً فقط، ويحفزنا للأخذ بهذا المنحى في التعليم أن سبقتنا إليه بعض الدول الشقيقة في محيطنا الإقليمي، وبناء على ذلك وإلى حد ما أخذت ترتقي على سلم التنوير والنهضة، والتفاعل مع الواقع العلمي المعاصر، بل البعض تجاوز لما بعد الحاسبات والإلكترونيات واستخدام منتجات النانو تكنولوجي ونواتج علوم الفضاء، والخلايا الجذعية والاستفادة بها في علاج ما عطب في بعض أعضاء جسم الإنسان بل وفي استبدال البعض منها بأخرى صناعية.. ولدى الآخر ريبورت يجري عمليات جراحية. والتعليم على هذا النحو يعد تعليماً كيفياً والخروج بالمنظومة التعليمية بكليتها من عوامل الإغراق في الكم والحجم. ويدعونا المستقبل لإعادة النظر في المناهج الدراسية ووضع مناهج جديدة تهدف الارتقاء المهاري بمستوى الدارسين ووضع آلية للاهتمام بالموهوبين والمبدعين وأصحاب القدرات العلمية، وكم هم كثر في مجتمعنا يتطلعون للالتفات إليهم والاهتمام بهم، فهم - سيكونون بالضرورة - طلائع العلماء والمبتكرين، وهم سيكونون أصحاب الاختراعات العلمية، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ولعلك عزيزي القارئ توقن معنا أن مستقبل السعودية رهن بجودة التعليم، وتطوير منظومة البحث العلمي، وتطوير نظم تأهيل وإعداد المعلم، والعمل على بناء التوافق الاجتماعي المتبادل وما يتعلق به من مواءمات ثقافية وفكرية فضلاً عن الاجتماعية في ظل ما تحظى به بلادنا من مناخ موات تحت مظلة الأمن الاجتماعي والسياسي. إذن علينا أن نقتنع أن نضع نصب أعيننا ضرورة الانتقال من تعلم العلم إلى درجة فهم العلم ومنها إلى مرحلة التخصص العلمي ثم الاعتلاء صعوداً إلى قمة العلم وتطبيقاته وهي المهمة التي يطمح فيها المجتمع لبناء مستقبله الواعد.