إن للمرأة دوراً عظيماً ووظيفة جليلة في ممارسة العمل الدعوي، بمختلف صوره وأشكاله؛ وذلك بما تمتاز به من قدرات وإمكانات وسمات شخصية ونفسية وعاطفية. وأهم ما تتميز به المرأة ويمكن استثماره في العمل الدعوي هو قدرتها العاطفية وسرعة استجابتها. فقد أثبتت البحوث العلمية والملاحظات الفردية أن القدرة العاطفية هي السمة الأساس التي تتسم بها المرأة. ويمكن توظيف واستثمار هذه السمة في مجال العمل الدعوي بين بنات جنسها، لقدرتها على التأثير والإقناع واستثارة ميلهن وعواطفهن. ونذكر في هذا المقام بفخر واعتزاز ما قامت به أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها من دور دعوي وتحفيز ومساندة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي بحق تعد الداعية الأولى في الإسلام، ولا غرو فهي أول من أسلم من النساء، وأمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين نماذج رائعة للداعيات في مختلف العصور والدهور. وبالنسبة لما تواجه بعض الداعيات من مشكلات وعقبات أثناء عملها الدعوي، فإننا نقدم إليهن هذه النصيحة، ليكنْ لكنّ في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة والأسوة الصالحة، فقد تم ممارسة سياسات تحطيم القدرات تجاهه عليه الصلاة والسلام، من خلال الغمز واللمز والتهكم والاتهام، والتحقير والأذى والملاحقة والتشهير والحصار والتجويع، ألم يوضع سلا الجزور على ظهره الشريف، ألم يوضع في طريقه الشوك، ألم يحاصر هو وأصحابه في الشعب، وهكذا كان أصحابه، فقد عانوا من تحطيم القدرات، تعذيباً وتكذيباً وتشهيراً. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبروا وكانت نيتهم خالصة لوجهه الكريم، وكان هدف الدعوة إلى دين الله بالتي هي أحسن وتحمل الأذى في سبيل الله تلك الغاية والمقصد. ولقد ورد في الحديث: (من يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير ممن لا يخالط الناس ويصبر على أذاهم). والنصوص الهادية والدلائل البينة والعلامات المميزة لمسيرة العمل الدعوي كثيرة، منها على سبيل المثال: قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، وقوله: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، وقوله: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ذلك أن الحق أحق أن يتبع. ثم لتتذكر الداعيات من كان سبباً في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنها أخته، الداعية المباركة التي تحملت الصفعة والكلام الغليظ والتهديد من أخيها ودعت إلى دين الله بالتي هي أحسن، فكانت سبباً، بحمد الله لإسلام عمر الفاروق رضي الله عنه. ومن هنا أقترح إنشاء جمعية تحمل اسم جمعية الدعوة النسائية، جمعية مستقلة، تستفيد من محاضن الدعوة النسائية (الدور النسائية، مدارس تحفيظ القرآن، المكاتب التعاونية، الجاليات، مكاتب الدعوة، جمعيات البر، جمعيات تحفيظ القرآن، الندوة العالمية للشباب الإسلامي..)، وذلك من أجل تحفيز همم الداعيات وتبادل الخبرات والمساهمة الفاعلة كل في مجاله. وهنا أمر مهم ينبغي التنبه والتنبيه إليه ويتمثل في أهمية وضرورة مراعاة خصوصية كل أسرة في المجتمع من حيث تقبل بعض أولياء الأمور مشاركة ابنته أو زوجته أو أخته في العمل الدعوي، إذ لدى بعض الأسر والمجتمعات عادات وطبائع وسلوكيات وتقاليد وثقافة قد تمنعهم من المشاركة والمساهمة الفاعلة، ويبقى دورنا في تبيان الأسس الصحيحة والأهداف الرشيدة والآثار الحميدة لأولئك بالتي هي أحسن ودعوتهم شخصياً للاطلاع عن كثب على الأنشطة الدعوية النسائية وتزويدهم بالخطابات الخاصة وشكرهم وتحفيزهم لمزيد من المساهمة والمشاركة. أما أبرز الوسائل والآليات المعينة للداعية على الاستمرار في دعوتها بنجاح: 1- وضوح الهدف وسلامة النية والإخلاص. 2- تحديد البرنامج الدعوي والتخطيط له بإحكام. 3- العمل تحت مظلة رسمية. 4- الاهتمام بفقه الأولويات. 5- القيام بالواجبات الأسرية والدعوة الأسرية. 6- التفقه وزيادة الوعي والفهم وتطوير الذات. 7- الالتحاق ببعض البرامج التدريبية الدعوية. 8- حضور بعض المحاضرات والملتقيات النسائية. 9- المشاركة الفاعلة بينها وزوجها في مجالات العمل الدعوي. 10- التقويم المستمر لبرامجها وعملها الدعوي. ختاماً.. أقول إننا في مؤسساتنا ومحاضننا الدعوية أولى بتشجيع وتحفيز المرأة الداعية على العمل الدعوي وتوفير ما تحتاجه من دعم مادي ومعنوي، وإطلاق قدراتها وطاقاتها الفكرية والاجتماعية والإبداعية، مع توفير المناخ العفيف للمرأة الداعية. إن العمل الدعوي النسائي في بلادنا يحتاج إلى جهود وقدرات وطاقات الجميع.