بلغني خبر وفاة الفنان الكبير الذي أحب الجميع فأحبوه صالح الشهري في اتصال هاتفي وأنا خارج الوطن الغالي «لظرف صحي» وما أن أجبت المتصل الذي تحشرجت كلماته بالدموع وأبلغني بالخبر المؤلم حتى قلت إنا لله وإنا إليه راجعون ودعوت للفقيد الغالي، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» متفق عليه. وما ألم القلوب الذي ساد بعد رحيل الفقيد الغالي صالح الشهري رحمه الله إلا دليل على أن شخصيته حوت من الصفات النبيلة والمؤثرة ما جعل لفقده كل هذا التأثير. أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ورحمته التي وسعت كل شيء أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويدخله فسيح جناته. وللفقيد بصمته الوطنية من خلال إنجازاته المتمثلة بالأوبريتات والأعمال الوطنية المتنوعة.. أما على صعيد (الساحة الشعبية) فله الفضل بعد الله في إبراز أسماء كثيرة إلى الضوء بعد أن قدّم أصحابها بروائع ألحانه عبر أشهر الفنانين وبعض هؤلاء الشعراء «أوفياء» وبعضهم -وأقولها بحسرة وألم- كانوا «جاحدين» لأفضال الفنان صالح الشهري عليهم ولولا الله ثم صالح الشهري لم يعرفهم أحد ومع هذا لم يتطرق -رحمه الله- طيلة حياته لفضله على أي أحد لأنه أرقى بمراحل من أن يمنّ على أحد ولكن هذا هو (التاريخ الذي لا يستطيعون إنكاره) وهو في غنى عنهم حياً وميتاً وبين يدي الله أرحم الراحمين. وكان رحمه الله عزيز النفس وعلى درجة كبيرة من الإيثار وبعيداً كل البعد عن المصالح والمجاملات التي تضر ولا تنفع وأدبه الجم يحتم عليه عدم إحراج الآخرين، وقد كان لي شرف معرفته حينما كنت طالباً في كلية العلوم الإدارية بقسم القانون في جامعة الملك سعود حيث كان زملائي في الدراسة أصدقاءه وهم الفنان راشد الفارس، والشاعر إبراهيم بن سواد «ريماز»، وحصل بيني وبين الفقيد الغالي الفنان صالح الشهري تعاون تمثل بتلحينه لقصيدتي «سرى الليل وحنا ما سرينا» التي غناها قبل سنوات الفنان راشد الماجد. ولتاريخ الرجولة الحقة أقول إن الجميع فقد رجل لم يبخل على وطنه بموهبته التي توثقها أعماله، ولم يبخل على أصدقائه ومحبيه ومعارفه بإيثاره وحبه ونقائه، ولم يسيء لأي أحد سواء على الصعيد الشخصي أوالإعلامي لهذا أحبه الجميع حياً وبكوه ميتاً رحمه الله.