القاهرة مكتب الجزيرة علي فراج: شنت الصحف المصرية هجوماً حاداً على مشعلي الفتن بين مصر وأشقائها العرب، حيث أفردت الصحف المصرية واسعة الانتشار مثل «الأهرام والأخبار والجمهورية» صفحاتها للكتّاب الذين أدانوا ما حدث من «غوغائية» أمام السفارة السعودية بالقاهرة وقنصلياتها فى الإسكندريةوالسويس، ورأى كتّاب مصر أن ما حدث من تطاول يسيء لأخلاق الشعب المصرى ومصالحه قبل أن يسيء للأشقاء السعوديين، مؤكدين على ضرورة أن يتصدى الشعب المصرى. ففي صحيفة الأخبار كتب محمد بركات رئيس تحرير الأخبار قال: إذا ما أردنا الحقيقة فلابد أن نقول بوضوح، إن رد الفعل الشعبي والرسمي العاقل والواعي، تجاه ما جري من وقائع مؤسفة، وأحداث مشينة، حول السفارة السعودية بالقاهرة، والقنصليتين السعوديتين في السويسوالإسكندرية، قد جاء متأخراً عن موعده، دون مبرر، ودون مقتضي على الإطلاق، ولابد أن نقول وبوضوح، إن جميع بيانات الاستنكار والرفض والإدانة التي صدرت عن الأحزاب، والقوي السياسية، ومجلسي الشعب والشوري، وأيضاً الحكومة، بخصوص الاعتداءات والتهجمات المنفلتة وغير المبررة التي تعرضت لها السفارة والسفير والطاقم الدبلوماسي والإداري، والقنصلي، قد خرجت إلى العلن والإفصاح بعد أن ساءت الأمور، وبعد أن وقعت الفأس في الرأس كما يقول المثل الشعبي، وكان من الممكن، بل كان يجب على جميع الجهات الشعبية والرسمية أن تتحرك تحركاً عاقلاً وواعياً وحكيماً، منذ اللحظة الأولي وفور وقوع تلك الأحداث المؤسفة، وكان من الممكن، بل وكان من الضروري، أن يكون رد فعل الأحزاب والقوي السياسية، والبرلمان، ومن قبلهم الحكومة أسرع من ذلك بكثير، وفي هذه الحالة، كان من الممكن وقف المهزلة، ووضع نهاية للتداعيات المؤسفة والسيئة التي نجمت عنها. وتحت عنوان «الملك عبدالله.. والسعدني.. وإدريس?» كتب أكرم السعدني نجل الكاتب الشهير محمود السعدني يقول في صحيفة الأخبار: بمناسبة الغيمة التي تمر بها العلاقات بين مصر والمملكة العربيةالسعودية تذكرت بالخير الولد الشقي محمود السعدني ساخر الأمة الأكبر وعمنا وتاج رأسنا أديبنا الراحل العظيم يوسف إدريس، وأصل الحكاية أن عدداً من أدباء مصر ومفكريها تلقوا دعوة لحضور مهرجان الجنادرية في المملكة وكان هذا الأمر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث العلاقات مقطوعة مع أغلب الدول العربية وكان المهرجان يقام تحت رعاية ولي العهد في ذلك الوقت الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتبادل ولي العهد الحديث مع السعدني وإدريس فقال السعدني إن الأمر الطبيعي يا أفندم أن يتولي رعاية مصالح المصريين في السعودية إخواننا السعوديون على أن يتولي مصالح السعوديين في مصر أشقاؤهم المصريون؛ ويضيف السعدني: أنا أعلم وأثق وأطمئن في أن الأحوال إذا طابت بين القاهرة والرياض فإن أحوال الأمة كلها سوف تنصلح، وهنا قاطع ولي العهد السعدني قائلاً: والله يا محمود العلاقة مع مصر بالذات مش بيكفينا فالشعب السعودي يحب مصر ويعشق المصريين ونحن نعتبر مصر بصدق هي الوطن الثاني لنا وقد أوصانا الوالد المغفور له الملك عبدالعزيز بمصر. وبأهل مصر.. وهذه الوصية لا نحيد عنها أبداً.. ويضيف أكرم السعدني هنا يتدخل في الحوار يوسف إدريس فيقول.. يا سمو الأمير أنا أكره الرسميات والبروتوكولات وأريد أن أدعوك لزيارة مصر أنت ومن معك وأرجو أن تعتبر هذه الدعوة.. دعوة شعبية.. وبابتسامة ودودة يرد ولي العهد: إن مصر هي بلادنا تماماً مثلما السعودية هي بلادكم ولا حاجة لأية دعوة لزيارة بلدي الثاني الحبيب الغالي علي القلب مصر، ويسرد السعدني بعضاً من حديث مطول عن اللقاء ثم يكمل، وتشاء الأقدار أن يتولي هذا الرجل العروبي»الملك عبدالله» مسؤولية المملكة العربية السعودية ويصبح الملك المتوج على عرش القلوب.. إن وجود مثل هذا الملك العاشق للعرب عموماً ولمصر خصوصاً يجعلني أثق بأن ما حدث لن يتعدي كونه زوبعة سرعان ما تهدأ وتعود العلاقات بين الكبيرين إلى سابق عهدها. وقال سمير غريب في الأخبار: أود هنا أن أنبه المصريين كافة إلى ما يقوم به البعض منهم ويعود بالضرر البالغ على مصالح وطنهم، أقول هذا تعليقاً علي ما تابعته من هجوم شديد تعرضت له المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بمناسبة حبس المحامي المصري أحمد الجيزاوي في مدينة جدة، وأضاف غريب: فزعت كمواطن مصري من تعبير بعض المتظاهرين أمام السفارة السعودية في القاهرة عن آرائهم، وكذا فزعت من آراء قرأتها على مواقع إنترنت، ووصل التجاوز أحياناً إلى حد السب والقذف والإهانة.. كما اختلفت مع ما ورد في بعض من وسائل الإعلام المصرية لهذه الأزمة، حيث خاصمت قواعد الإعلام التي يدرسها طلابه، وتجاوزت معالجة أزمة المحامي المصري نفسه، إلى الهجوم على السعودية شعباً وحكاماً. وأوضح غريب عدة حقائق أمام المزايدين منها: هناك أكثر من مليون مصري يعملون في السعودية.. ماذا إذا انفعل السعوديون وقرروا الاستغناء عنهم هل تتحمل ظروف مصر الاقتصادية الحالية توفير فرص عمل لهم وتعليم لأبنائهم؟.. وهل يستطيع هذا الاقتصاد أن يعوض الأموال التي تحولها سنوياً الجالية المصرية هناك لذويها هنا؟.. والتي تقدر بملايين الدولارات وماذا إذا انفعل السعوديون وقرروا سحب استثماراتهم في مصر أو وقفها وتقدر بمليارات الدولارات؟ هل يستطيع الاقتصاد المصري في ظروفه الحالية تعويض هذه الاستثمارات؟ وماذا إذا تأثرت دول خليجية أخري تعاطفاً مع السعودية، التي لها موقع القيادة بينها؟.. وفند غريب مزاعم بعض أصحاب الأقلام التي تتاجر بالقضايا فقال: قالوا إن المملكة تنتقم من ثورة يناير، فهل تنتقم دولة من دولة أخري في شخص مواطن فرد؟!.. ولماذا منحت المملكة نصف مليار دولار لمصر في مايو الماضي ووعدت بما يقرب من 4 مليارات دولار أخري؟.. كيف يساعدوننا ونسبهم؟.. ماذا إذا رد البعض من المواطنين السعوديين الصاع صاعين؟.. هل نعلنها حرباً شعبية بين البلدين؟ ثم نجرد الجيوش?. هذا ما يمكن أن نطلق عليه العبث بالمصالح العليا.. أنا لم أتحدث هنا عن وطن عربي أو قومية ولا يحزنون، لكن السياسة مصالح كما هو معروف في العالم. وعلى المصريين الوطنيين أن يحافظوا على مصالح بلدهم.. ولا يجب أن ندع قضية مواطن أياً كان تضرب مصالح وطن.. ليس معنى هذا على الإطلاق أنني أوافق على إهانة أي مصري أو ظلمه لا في السعودية ولا في مصر نفسها.. وليس معناه أن نخضع لأحد.. لكن النظر إلى المصريين على أنهم ملائكة لا يخطئون لا يفيدهم.. هناك من يخطئ من المصريين مثلما هناك من يخطئ من السعوديين لأنهم بشر.. والقضايا تعالج بالعقل وليس بالعواطف.. لنستمع لصوت العقل، ونحصل على حقوق مواطنينا بالقانون وليس بضرب مصالح الوطن. وفي زاويته «صدى الكلام» كتب محمد عرفة في الأخبار: حالة من الحزن العميق تخيم على كل بيت في مصر والسعودية.. بسبب مرور العلاقات الأزلية التي تربط بين البلدين منذ فجر التاريخ.. بهذا التوتر الشديد الناتج عن ظروف القبض على المحامي المصري أحمد الجيزاوي.. ولأن المصريين والسعوديين تربطهم روح العائلة الواحدة فإن الحزن كان أكبر من الغضب خاصة أننا وجهان لعملة واحدة هي الأمة العربية وأن التاريخ يشهد بعمق الروابط بين البلدين ويحمل الأشقاء في الأراضي السعودية للمصريين الذين يبادلونهم كل الحب. ومن منا ينسى أن الإسلام دخل إلى مصر على أكتاف السعوديين وأن المصريين شركاء في معظم عمليات التنمية والإنشاء والتعليم والتصنيع في الأراضي السعودية منذ قيام النهضة السعودية بل إن مصر لديها أكبر جالية عربية في السعودية وأن السعوديين يعشقون العيش علي نهر النيل وأن حرب أكتوبر شهدت أكبر دعم متبادل بين الجانبين عندما رفع جلالة الملك فيصل ملك السعودية وقت ذاك سلاح البترول ضد العالم داعماً للموقف المصري وهذا يؤكد أن العلاقات بين مصر والسعودية فوق كل الأزمات وأنها ستعود في أقرب وقت وأقوي مما كانت بمشيئة الله شريطة أن نجعل دائماً الحوار والتفاهم بيننا يسبق الغضب في معالجة كل المستجدات بيننا. وفي صحيفة الأهرام كتب الكاتب السعودى غازي زين عوض الله: تحتاج العلاقات بين الشعوب العربية, خاصة المصرية السعودية إلى تأكيد أهميتها الإستراتيجية ودعم أواصر مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية, والنظر إلى الكيان العربي الشامل لا بوصفه وحدة حضارية واحدة في منظومة أي نظام عالمي مهما كانت المتغيرات التاريخية والمعطيات المتجددة, فالعربي هو العربي, عليه أن يصنع مصيره بوعي, متجاوزاً كل دعاوي الشعوبية والعنصرية والمذهبية, والتاريخ سيحاسبه على دوره الحضاري دون تفريق بين عربي هنا وآخر هناك ولم تكن العلاقة بين الشعبين الشقيقين في شرق البحر الأحمر وغربه, في حاجة إلى ما يدعمها أكثر من الوصف القرآني لمصر بأنها (مقام كريم), ومرجعية فكرية محورية في سياسة الملك عبدالعزيز آل سعود, الذي طالما ردد بلسان صدق ووعي سياسي وقلب مخلص استوصوا بمصر وأهلها خيراً, فالسيدة هاجر أمنا جميعاً ومحبة زمزم تروينا مثلما يجمعنا عشق النيل العظيم الذي ضم على ضفتيه العرب من كل حدب وصوب, وكان الملك عبدالعزيز حريصاً على لقاء ممثلي البرلمان المصري والاستماع إليهم والاحتفاء بهم, وذكر ذلك عباس محمود العقاد -رحمة الله عليه- حين كان عضواً في البرلمان المصري واستقبله الملك عبدالعزيز استقبالاً سياسياً بصفته برلمانياً, واستقبالاً أخوياً بصفته صديقاً مقرباً من عقله وقلبه. فيما قال الكاتب فتحي محمود في الأهرام أيضاً: بعيداً عن نعيق فضائيات الفتنة وبلطجة مجموعات الفوضي وانتهازية السياسيين الجدد, رد شباب مصري وسعودي علي محاولات تدمير العلاقة بين الشعبين بصفعة قوية لمثيري الفتن, شاهدها الجميع على موقعي تويتر وفيس بوك وتفاعل معها عرب من دول أخري، فقد دشن بعض الشباب السعودي هشتاج على تويتر وصفحة على فيس بوك باسم مصري أثر في حياتي, شارك فيه كثير من السعوديين.. لقد أعطى هذا الشباب درساً للجميع, وتنبيها إلى أن المشكلات الفردية لا تحل بتدمير مصالح أمة, وإنما من خلال القانون, وأن الحفاظ على كرامة شخص لا تعني إهدار كرامة الآخرين, والأهم أن دولة الفوضى التي يسعى البعض لفرضها على مصر ستدمر الجميع. وفي الجمهورية كتب إسماعيل بدر إن ما يحدث من بعض الفئات وما تقوم به من مظاهرات أمام السفارة السعودية بسبب إلقاء القبض على الجيزاوي من الألفاظ والعبارات التي يتناولها البعض ضد شعب وحكومة المملكة.. هل نسي المتظاهرون علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين وكلنا يعلم مدى احترام الأشقاء السعوديين لمصر وشعبها، وأضاف: أيها السادة يا من تجعلون من المظاهرات حلاً لأي مشكلة فإنها لا تصلح لكل المشاكل بل تزيدها تفاقماً في بعض الأحيان.