وقَّعت شركة تداول مع مورغان ستانلي اتفاقية لتطوير مؤشرات السوق المالي السعودي. وستتيح عملية التطوير معلومات السوق المالي بأسلوب مطوَّر وأكثر غزارة في المعلومات، وخصوصاً المستثمرين الدوليين. وتُعَدّ هذه الخطوة مرحلة متقدمة لفتح السوق بشكل مباشر للمستثمر الأجنبي. وسبق لمورغان ستانلي أن باشر هذا الأمر نفسه قبل أكثر من عامين.. .. لكن لم يكتب الاستمرارية له في ذلك نتيجة اختلاف في وجهات النظر مع الجهة المشرفة على السوق المالي. وهنا لا بد من طرح تساؤل: لماذا أُلغي هذا الاتفاق قبل عامين وعاد الآن للواجهة من جديد ليبدأ عملياً وباتفاق رسمي؟ ما الذي تغيّر؟ ولماذا لم يتم استكمال الاتفاق السابق؟ فلو تم إنهاؤه لقطعنا مرحلة مهمة بالتعريف بالسوق عالمياً، أي أننا خسرنا عامين دون أن يعرف عموم المتعاملين الأسباب التي أنهت الاتفاق السابق وأيضا التي أعادته للعمل حالياً، فكم خسر السوق من فرص لتطوير منهج الاستثمار فيه خلال عامين؛ فالمستثمر المحلي تعرض خلال الفترة السابقة لسيل من الشائعات حول فتح السوق للاستثمار الأجنبي وتذبذب السوق مرات عدة بشكل حاد نتيجة لهذه الشائعات، وهو المستثمر الأهم والاستراتيجي للسوق؛ فهو سيبقى العنصر الأكبر والأكثر حجماً وتأثيراً قياساً بالأجنبي؛ لذلك فإن التركيز على تفعيل دور المستثمر المحلي وجذبه هو الأكثر قيمة وأهمية للسوق، وهذا لا يعني أن المستثمر المحلي ليس محل اهتمام الجهة المشرفة على السوق؛ فكل الأنظمة والقوانين والفرص التي أُتيحت أو صدرت لتتم الاستفادة من الاستثمار بالسوق المالي، لكن يبقى تطوير العوامل المكملة لجذب الاستثمار المحلي وحتى العالمي وتسويق السوق المالي هي الأهم، التي يجب أن تولى العناية الأكبر، ونعني هنا الشركات المالية؛ فهي المسوق الأساسي للسوق، وهي التي تستطيع أن توسع من دائرة الاستثمار المؤسسي وتنوع المنتجات والخيارات أمام الجمهور، لكن ما يحدث على أرض الواقع مختلف؛ فما زالت هذه الشركات محدودة الأثر، وأغلب ما تقوم به هو أعمال الوساطة، فيما يُعتبر دور أعمال الإدارة والاستثمار عبر الصناديق أو المنتجات المالية محدوداً إلى الآن. فحجم صناديق الاستثمار لا يتجاوز 90 مليار ريال مقارنة بأكثر من 1400 مليار حجم السوق المالي، وهذا ناتج من ضعف لدورها. وبحسب ما أعلنته كثير من هذه الشركات سابقاً فإن العديد من المعوقات تقف أمام تطوير أدائها ورفع نسبة دورها بالسوق المالي؛ فتأخر الموافقات على المنتجات أشهراً يعطل استقطاب المستثمرين، وكذلك بعض الأمور التنظيمية فيما يخص عمليات المقاصة، وكذلك وضعها شريكاً مع الجهات المعنية بالسوق ومكملة لها بتنظيم إدارة الأموال المتحركة بالسوق، وهو العامل الأكبر أثراً بسمعة أي سوق مالي ومعيار قوته. إن تطوير مؤشرات السوق خطوة مهمة، لكنها تنظيمية وتكميلية، تُضاف لسابقاتها، لكن المهم هو تسويق الفرص الاستثمارية، وكذلك تنظيم توجُّه السيولة للسوق والمساهمة في استقراره وزيادة الدور المؤسسي بإدارته، والمحافظة على توطين سيولة المستثمر المحلي، وهذا لن تكتمل خطواته ومعاييره إلا بدور كبير ومتنوع وميسر للشركات المالية؛ لأنها حلقة الوصل الرئيسية بين المستثمر والسوق؛ فلا بد من إعطاء هذه الشركات دورها الحقيقي والكامل كما في كل الأسواق العالمية، وإلا سيبقى السوق محصوراً بالاستثمار الفردي ومرهوناً بقراراته التي لا تعكس سوى عاملي الخوف والطمع اللذين يسيطران عليه حسب اتجاهات السوق، وما يصله من شائعات وتوصيات لم يستفد منها إلا القلة، بينما نسبة المتضررون هم الأوسع. وكما يقال جود السوق ولا جود البضاعة، والسوق يحتاج إلى بيئة صحية وإلى مسوق جيد يمتلك كل الأدوات التي تساعده على عمله، وأعتقد أن تركيز هيئة السوق وشركة تداول على المسوقين المحليين أصبح ضرورة ملحَّة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تتم مناقشتهم ومعرفة المعوقات أمامهم لاتخاذ الخطوات السريعة لرفع مستوى دورهم وتأثيرهم في السوق؛ فالصناعة المالية أصبحت ركيزة أساسية في العالم؛ فهي مصنع منتج بغزارة لفرص العمل، والمساهم الأبرز في استقطاب الاستثمار لاقتصاديات الدول؛ فنحن في زمن تتنافس فيه الدول على جذب الاستثمارات، والأسواق المالية هي بوابة دخول الأموال الرئيسية.