تعاني مجتمعاتنا العربية قاطبة من مشكلات عدة ما بين سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها من المشكلات التي لا تبرح حتى أكثر الدول تقدماً، ومن أكثر المشكلات التي نعاني منها كعرب ومسلمين هي مشكلة الحب، ولربما يسأل سائل وهل حللنا جميع مشاكلنا لنتفرغ لمشكلة الحب؟ والرد على هذا السؤال يجب أن ينطلق من أساس تعريف الحب، فالحب إحساس داخلي جاهز فطري في داخلنا ينمو إذا واتته الظروف..، وهو ينمو دائماً من الداخل، ويعني ذلك أننا جميعاً لدينا هذا الشعور ولكن من منا ينميه ويوظفه في اتجاهه الصحيح، وللأسف نجح الغرب فيما فشلنا فيه، فالآن نجد أكثر المراهقين والشباب من الجنسين يضعون نجوم الكرة وأهل الفن كأمثلة قدوة لهم، بل إنهم يفرحون أشد الفرح إذا حدث وشاهدوا من يحبونه رأي العين، ويسهرون ليالي طويلة انتظاراً لمباراة أو حفل غنائي، وقد غزت مشاعرهم نحو هذا اللاعب أو الفنان من خلال وسائل الإعلام بأخبار أكثرها كاذبة تجعل محبي هذا الشخص في قلق ووله دائمين للاطمئنان عليه، وللأسف فقد ترك أكثر الآباء والأمهات أولادهم فريسة سهلة لوسائل الإعلام تتحكم في مشاعرهم وتقودهم حيث الضياع والانصياع، ولحل هذه المشكلة يتوجب علينا العودة إلى الدين والنظر إلى الحب فيه، وكيف ننمي الحب بمنظوره الديني في نفوس صغارنا، والقرآن الكريم مليء بآيات الحب التي تسمو بأطرافه بسمو العلاقة التي تربطهم بمحبيهم، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ، وقال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ، مثالان للحب ومن هو الحبيب؟ هو الله جل جلاله، فهل بعد الله أحد؟ ولم يقل الله سبحانه وتعالى أحبوني فقط، ولكن أرشدنا إلى كيفية تحقيق محبته، فالقتال في سبيل الله بلا ضعف ولا تخاذل حب لله، والتوابون من الذنوب والمتطهرون من الأحداث ومن الأنجاس في أبدانهم، وما يجب تطهيره هم من أحباب الله. وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالبة لحب الله، قال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى على المسلمين، فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم جالب لحب الله تعالى، والإنسان لا يتبع إلا من يحب، فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه طريق المغفرة والرحمة من الله تعالى. وقد أبان لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل المحبة في الإسلام في أحاديث كثيرة، فقال: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)، وهنا يظهر فضل المحبة بين المسلمين، فهي طريق إلى الجنة وأقلها السلام على المارة في الطريق، وحب المسلم لأخيه ينقي النفوس ويذهب الحقد والبغضاء، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وعوداً على بدء، فإن تغذية مشاعر أولادنا منذ الصغر بالحب السليم والصحيح لن تجعلهم فريسة لمن يريدون لنا أن نبتعد عن ديننا ونتفكك كمسلمين.