مع أن هذا العنوان يعبّر عن أوضاع الكثيرات من نساء الجزيرة العربية المجبولات من زنجبيل وصبر وعنبر في مواقع العمل المختلفة داخل وخارج البيوت بمجتمعنا السعودي ولله الحمد، فإنني أريد أن أفرد موضوع اليوم للكتابة عن الجنديات المجهولات اللواتي يقفن بصبر واقتدار جيلاً بعد جيل لخدمة العلم ومريداته في الأقسام النسائية من مكتبات المملكة الجامعية وغيرها من مكتبات دور العلم الأخرى، وبحكم احتكاكي اليومي وتجربتي المعاشة أريد أن أخص بالكتابة أولئك النساء المنسلات من شموخ النخل الذي لا ينحني لغير الله ومن يعملن بدأب النحل لحياكة رصيف المعرفة من الصباح الباكر الى ما بعد الظهرة حتى في شهر رمضان بمركز الدراسات الجامعية للبنات لجامعة الملك سعود, وقد كنت والدكتورة نورة الشملان شاهدتي عيان على نموذج عملهن الدؤوب هذا الى يوم 21 رمضان الماضي القريب عندما كانت كل منا تنحني على عذوقها المعرفي الى ما بعد صلاة العصر تحف بنا مساعدة أولئك الأخوات كمراوح من ريش النعام، هذا عدا عملهن بدون أي مقابل مادي أضافي ليوم الخميس بالمكتبة المركزية للجامعة من الثامنة صباحاً الى الخامسة مساء لاستقبال مرتادات المكتبة المركزية من داخل وخارج جامعة الملك سعود بما فيها كليات الرئاسة العامة لتعليم البنات وجامعة الإمام محمد بن سعود. واذا كان لابد أن نعترف بقيمة المكتبة الجوهرية وقيمة الإتقان والإخلاص المهني لعمل المكتبيات في الأداء الأكاديمي والبحثي فليس لنا ان ننكر على تلك الكوكبة من النساء فضل مجهودهن الجاد للقيام بهذه المهمة العلمية الحيوية ولتطوير أنفسهن وعملهن في هذا المجال المهني الهام, إنني ولابد أن هناك عدداً لا يحصى من الزميلات والطالبات يشاركنني الرأي لا نستطيع مثلاً استرجاع ذكرياتنا البحثية وصلتنا العلمية الحميمة بجامعة الملك سعود دون أن تحضر حارة متدفقة بالبشر والمثابرة تلك الوجوه الصبوحة لموظفات المكتبة من الأستاذة فوزية عبدالعزيز الخضير أمينة المكتبة بالأقسام الأدبية لمركز الدراسات الجامعية للبنات بعليشة الى بقية أفراد الطاقم من الأخوات المجدات الجادات ومنهن نورة وحصة الخنين، هيا الأحمد، ازدهار خطاب، فاطمة قرابة، حصة الحباس، نورة العمار، نورة الحاذور، نورة بو حميد، دلال الحاذور وجهير الهوشان. وحدثتني أ, فوزية وهي تشتعل حماساً كيف أتقنت وطاقمها تقديم خدمة إعادة الاعارة أو تجديدها عن طريق الكمبيوتر دون الحاجة لارتياد المكتبة, رغم انها لم تتلق التدريبات في هذا الشأن إلا عبر الهاتف؟. هناك أيضاً الأستاذة رتيبة الفارسي أمينة المكتبة بالاقسام العلمية للمركز والطاقم العامل معها وهن لا يقلن حماساً واجتهاداً، رغم ان احتكاكي بهن أقل بحكم التخصص، فيما عدا يوم الخميس بالمكتبة المركزية حيث يتواجدن جميعاً. لقد كان هؤلاء النساء وما زلن دائماً هناك يمددن أذرعهن كأشعة الشمس للمساعدة في اضاءة عتمة الحبر في الكتب، ان بعضهن لم ينلن شهادة جامعية في تخصص المكتبات ورغم ذلك فقد استطعن ان يتفاعلن تفاعلاً مهنياً منتجاً مع متطلبات العمل بمكتبة الجامعة يضاهي عمل المتخصصات دون أن ينتظرن مكافأة سنوية أو يستلمن خطاب شكر, ومثل ما يقال عن الاعتراف بفضل هؤلاء المهنيات في مجال المكتبات بجامعة الملك سعود، لابد على الأقل ان أنوه من خلال واقع لمسته بيدي عن زميلات أخريات لهن بمكتبة معهد الادارة القسم النسائي فهناك أ, سلطانة التويجري والأخت أمل آل حسين وأ, منيرة الصنديح يقفن أيضاً بتفانٍ وخبرة في خدمة المهام العلمية لرائدات المكتبة من داخل المعهد وخارجه، وكذلك الأمر بالنسبة لمكتبة الملك عبدالعزيز للحرس الوطني وخاصة المجهود المتميز الذي تقدمه أ, فاطمة حسين في مجال تطوير العمل بمكتبة الطفل,, فتحية تقدير لأولئك الجنديات المجهولات ومزيداً من العمل الوطني المهني الذي يساند العمل الاكاديمي ويقرب ثمرة المعرفة من جميع الشفاه العطشى لماء العلم والثقافة، ولعل جهات العمل الخاصة بهذه الفئة من الجنديات المجهولات وأخص جامعة الملك سعود بحكم العمر المعرفي نلحظ أهمية التقدير المعنوي والمادي لأولئك النساء اللواتي يفنين زهرة شبابهن في العمل دون أن يسألن عن مطالبهن المهنية أو يستشرن في متطلبات تطوير الأقسام النسائية بالمكتبات والتي يمكن لو تم الالتفات إليها أن تساهم في رفع مستوى الأداء في تلك المكتبات وتفعّل الصلة المهنية بين أدائهن المهني وبين مؤسساته العلمية. ولعل هذه الوقفة هي مجرد لفتة وفاء لما أحسه في عيون هؤلاء النساء من بريق الأمل وما أشاهده على جباههن من عرق العمل كلما دخلت المكتبة، هذا نصف الموضوع فيما يخص الأقسام النسائية بالمكتبات الجامعية على وجه التحديد,, أما النصف الآخر فلي وقفة أخرى معه ولله الأمر من قبل ومن بعد.