لم يلق موضوع العقم عند الرجال الاهتمام الكافي في الماضي حتى العشرين سنة الأخيرة، فقد كان موضوع العقم ينصب في الجزء الخاص بالأنثى ويهمل الجزء الخاص بالذكر، ومع ظهور تقنية التقليح الصناعي في أواخر القرن الماضي بدأ الاهتمام بعلاج وتشخيص العقم لدى الرجال. وقد أثبتت الدراسات أن فرصة أي زوجين للحمل هي حوالي 25% في الشهر الأول من الزواج، وتزداد هذه النسبة إلى 75% بعد مرور 6 أشهر، ثم إلى 90% عند مرور سنة من الزواج، وأن أعلى معدل للقدرة الإنجابية لدى الذكر والأنثى يكون عند سن 24 سنة. ما هو العقم؟ يعرف العقم عموماً بأنه عدم حدوث الحمل بعد مرور عام كامل على الزواج، وتصل نسبته من 10% إلى 15% من تعداد المتزوجين، ويساهم الزوج في حدوث العقم بنسبة 20% والزوجة بنسبة 50% وهناك 30% عوامل مشتركة بين الزوجين، ومن هنا يتضح أن الزوج مسؤول عن العقم بنسبة حوالي 50% وأن حوالي 25-35% من الأزواج الذين لا يحدث لهم حمل بعد مرور عام من الزواج يحدث الحمل خلال عامين أو أكثر دون علاج ولذا يظهر لنا أنه لا ينصح بعلاج العقم لدى الأزواج إلا بعد مرور عام كامل على الزواج دون حدوث حمل. جهاز الرجل الإنجابي يتكون الجهاز المسئول عن الإنجاب لدى الرجل من مجموعة من الغدد الصماء وهي: 1- الجهاز العصبي المركزي بالمخ والذي بدوره يتحكم في الغدة النخامية. 2- الغدة النخامية وبدورها تتحكم في إفراز الهورمونات الذكرية من الخصيتين. 3- الخصيتان وهما المسئولتان عن إفراز هورمونات الذكورة والنمو الطبيعي للأعضاء التناسلية لدى الذكر والسلوك الجنسي وكذلك عملية تخليق وتنظيم ونمو الحيوانات المنوية من الخصيتين والتي تعد عملية معقدة تستغرق حوالي 74 يوما ويتم التحكم فيها عن طريق الهورمونات الصادرة من الغدة النخامية، بالإضافة لهورمون الذكورة (تيستوستيرون). ومن الجدير بالذكر أن نسبة هورمون الذكورة تقل مع التقدم بالعمر، كما أن الخلايا الموجودة بالخصية والمسئولة عن عملية تخليق الحيوانات المنوية والهورمونات الذكرية تقل بنسبة 50% مع التقدم بالعمر، كما لوحظ أن المخدرات تؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى ضعف الهورمونات وبالتالي تعرُّض الشخص للعقم وكذلك الضعف الجنسي. وفي الظروف الطبيعية بعد الجماع يحتاج تلقيح البويضة بالحيوان المنوي أن يعيش الحيوان المنوي في الجهاز التناسلي للمرأه، ثم يهاجر إلى مكان التقليح في قناة فالوب، ومن ثم يتحد مع البويضة لتكوين الجنين. أسباب العقم الرجولي للعقم عند الرجال أسباب كثيرة، بعضها غير معروف السبب، وتنقسم أسباب العقم لدى الرجال إلى ثلاثة أقسام.. أسباب ما قبل الخصيتين، وأسباب بالخصيتين، وأسباب ما بعد الخصيتين. 1- أسباب ما قبل الخصيتين: وهي تخص غالباً جهاز الغدد الصماء الذي يتحكم في عمل الخصيتين بوجود خلل بالغدة النخامية، مثل الالتهاب - الأورام - التعرض للإشعاع - الاستئصال الجراحي)، ويؤدي إلى خلل بباقي الغدد والهورمونات بالجسم فالعقم، وتكون الخصيتان فيها صغيرتين بالحجم. كما أن زيادة هورمون الذكورة الناتج عن تعاطي الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون، وزيادة هورمون الأنوثة (الإستروجين)، وزيادة هورمون الحليب وزيادة إفراز الغدة الدرقية تؤدي إلى مثل هذا النوع من العقم. 2- أسباب متعلقة بالخصيتين: مثل الأمراض الوراثية الناتجة عن خلل بالجينات والكروموزومات، وكذلك أي خلل وراثي في إنتاج هورمون الذكورة أو في أماكن استقباله بالأنسجة، وعدم وجود الخصيتين، والخصية المعلَّقة، ودوالي الخصيتين. ومن المعروف أن 30% من مرضى العقم لديهم دوالي بالخصيتين وهي تؤدي إلى نقص في عدد الحيوانات المنوية وضعف حركتها وارتفاع نسبة التشوه بالحيوانات المنوية. هذا بالإضافة إلى أورام الخصيتين أو تعرض الخصيتين للعلاج الكيميائي والمواد المشعة والإشعاعات وبعض الأدوية التي تحتوي على هورمون الأنوثة، كذا الكحول والتدخين والكوكايين. نضيف إلى ذلك التهاب الخصيتين وبخاصة الإصابة الثانوية لالتهاب الغدد اللعابية النكافية أثناء وبعد البلوغ، أو وجود أجسام مضادة للحيوان المنوي لدى الزوج أو الزوجة. 3- أسباب متعلقة بما بعد الخصيتين: (البربخ والحبل المنوي): وهي ناتجة عن انسداد المجرى المنوي أو قنوات القذف نتيجة لوجود انسداد خلْقي أو حدوث التهاب أو تضيق. وهناك أسباب متعلقة بالقذف مثل عدم وجود قذف أو القذف الداخلي (في مرضى السكري مثلا). تشخيص العقم عند الرجال نبدأ بالتاريخ المرضي بالتفصيل، ثم السؤال عن سن البلوغ وخصوصا وجود خصية معلقة. يليه الفحص السريري، ثم إجراء أشعة موجات فوق صوتية على الخصيتين، ثم الاختبارات المعملية وتشمل تحليل السائل المنوي وقياس نسبة الهورمونات والكشف عن وجود أجسام مضادة للحيوانات المنوية بالإضافة إلى عدد من التحاليل الأخرى الخاصة بالغدة النخامية والكرموزومات وتحليل البول. ويجب الأخذ في الاعتبار إذا كان السائل المنوي طبيعياً فيجب البحث عن أسباب العقم عند الزوجة أو وجود أجسام مضادة للحيوان المنوي لدى الزوجة. علاج العقم عند الرجال 1- العلاج الدوائي.. مثل الهورمونات، والتوقف عن استخدام الأدوية المؤثرة على الغدة النخامية وكذلك التوقف عن التدخين والكحول والمخدرات. 2- العلاج الجراحي.. باستئصال دوالي الخصيتين، أو تثبيت الخصية المهاجرة أو توصيل الحبل المنوي. 3- التلقيح الصناعي (طفل الأنابيب) عن طريق أخذ الحيوانات المنوية من الزوج ثم معالجتها ثم حقنها برحم الزوجة أو عن طريق أخذ الحيوان المنوي من الزوج والبويضة من الزوجة ثم عمل التلقيح بين البويضة والحيوان المنوي بعد المعالجة في المختبر وبعد ذلك يتم حقن الجنين في رحم الزوجة أو في قناة فالوب. وهذه التقنية تستخدم في حالات العقم غير معروف السبب أو في حالات فشل طرق العلاج الأخرى وقد ساعدت هذه التقنيات في علاج عدد كبير من حالات العقم. قال الله تعالى في سورة الشورى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الشورى 49 -50 صدق الله العظيم. - د. أيمن البحطيطي -استشاري جراحة المسالك البولية والضعف الجنسي والعقم