فإن من دواعي سروري وابتهاجي أن أسهم بما أستطيع في تجلية عناية دولة العز والريادة بالأصلين العظيمين, وقيام ولاة أمرنا الأوفياء, وقادتنا الأماجد بخدمة القرآن والسنة, والعناية بكل ما يحفظهما وينشر هدايتهما, وإن المواطن المسلم الذي شرفه الله بالانتماء إلى هذا الوطن الإسلامي المبارك ليشعر بالفخار والاعتزاز وهو يرى صور العناية بالكتاب والسنة من دولة قامت على هذين الأصلين, وحملت لواء نشرهما والدعوة إليهما, والحكم والتحاكم إليهما في كل شؤون الحياة, ولا أدل على ذلك من النظام الأساسي الذي يعد دستور الدولة, حيث ينص في مادته الأولى: «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض», كما تنص المادة السابعة منه على استمداد أنظمة الحكم من الكتاب والسنة, حيث جاء فيها: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة», فأي عز أعظم من أن هذه الدولة تجعل الحكم بالكتاب والسنة هو الأساس؟ ولذا لا غرابة أن نرى تجسيد ذلك في واقع هذه الدولة علمًا وتعليمًا, وتحفيظًا وتأكيدًا, وتربية وعناية, وطباعة ونشرًا, وما هذه المسابقة المباركة التي حملت اسم أحد رجالات هذا الوطن وقيادته, وأحد أعمدة هذه الدولة, والمؤثرين في قيادتها وصناعة القرار فيها, سلمان الوفاء, وزير الدفاع المسدد إلا صورة من صور العناية والرعاية والاهتمام والدعم لكل ما يخدم القرآن وأهله, وإن ما يميز هذه المسابقة ونظائرها في حلقة الجهود المستمرة لخدمة الدين والعقيدة أنها نابعة من استشعار ولاة الأمر -أيدهم الله- وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين, وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله ذخرًا للإسلام والمسلمين- بضرورتنا إلى هذين الأصلين العظيمين, والأساسين الراسخين الذين تحصل بهما النجاة في الدنيا والآخرة, كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا: كتاب الله وسنتي», ولا شك في هذه الضرورة الملحة لكل أحد, لا سيما شباب الأمة, الذين هم قوة الأمة وذخرها وفخرها وعدة المستقبل, فالعناية بهم, وحملهم على حفظ القرآن وتدبره والعيش معه يعد من أهم مقومات التربية الصالحة, والتنشئة الحميدة, لتكون حصانمن الانحراف بصوره المختلفة, وهذا شأن مهم في كل آن, ولكنه في أوقات الفتن, وحصول النوازل المتنوعة, وحينما تبرز مظاهر الفتنة, ويكثر السقوط فيها, وتتحير العقول والألباب أهم وآكد, فيكون هذا الأصل هو المرجع وهو المتمسك, وهو حبل النجاة, وهو الدواء والشفاء, {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (82) سورة الإسراء, {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} (44) سورة فصلت. وإن قيام ولاة أمرنا بدعم وتأييد ومساندة ومباركة كل عمل يخدم القرآن لكل المواطنين, بل والمسلمين في أنحاء العالم في صور تجسدت في أعمال جليلة, وجهود جبارة شملت كل ما يخدم القرآن ويحيي مكانته في قلوب المسلمين كافة, والمواطنين خاصة من المسابقات والخدمات التي تثمر هذه الثمار العظيمة, بدءًا من طباعته ونشره إلى الحكم به وتحكيمه وترسم هديه, والأخذ بما فيه, إلى غير ذلك من الجهود, وأمة يقودها من جعلوا رضا الله غايتهم, والتمسك بالقرآن والسنة منهجهم, وتطبيقه وتحكيمه والتحاكم إليه ديدنهم أمة منصورة, وقيادة راشدة, ليهنها موعود الله في محكم كتابه: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} (29) سورة فاطر وإن أبرز دلالات هذه المسابقة ونظائرها أن العناية بالقرآن والسنة وحملتهما من ولاة الأمر -حفظهم الله- رسالة لكل مواطن بل لكل مسلم بأن هذه دولة الوحيين, وحاملة لوائهما, وأن ارتباطها بالقرآن والسنة من ثوابتها التي تأسست عليها, لتقوم على نشر هداية القرآن والسنة, وتبذل كل جهد لتحقيق هذا الهدف, وستظل قائمة على ذلك, لأنها تدين لله باتباعهما وتحكيمهما. كما أن من الإشارات والدلالات المهمة لمثل هذه الجهود الخيرة المباركة في خدمة القرآن, والتي منها هذه المسابقة المتميزة: «مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز للطلاب والطالبات», ما يذكر هؤلاء الشباب والفتيات أن أهم القيم التي نفتخر بها ونعتز بالعناية بها ما يتعلق بكتاب الله, ليكون هذا الكتاب أصلاً تبنى عليه كل قيم ومبادئ التنشئة والتعامل, فإن حفظ كتاب الله الكريم, ومعرفة ما فيه من أصول وحكم وأحكام, وقصص وعبر وتوجيهات وفوائد وعظات يرسخ في نفوسهم مبادئ العزة والقوة والإيمان, ويهديهم نحو طريق الخير والصلاح والفلاح بإذن الله, فالمسابقة من أكبر البواعث على العناية بالقرآن, وتستهدف قوة الأمة ليحملوا كتاب الله, وينشؤوا على نوره وهدايته, ويعتنوا به حفظًا وتدبرًا وتطبيقًا, فيمثل لهم ذلك نشأة مثالية, تحميهم من الانحراف, وتقيهم من الصوارف, وتتجسد هذه العناية في واقعهم في منهج وسطي, وفهم شمولي, يعزز فيهم قوة الانتماء لدينهم ولعقيدتهم وأوطانهم, وإذا تحققت هذه الرسالة حصل المقصود بإذن الله في ارتباط الشباب بالقرآن. كما أن الأخذ به يمثل أساسًا ومرتكزًا يسهم في وقايتهم من طرفي الانحراف الغلو والجفاء والإفراط والتفريط, وَأَعْظِم بهذا الهدف السامي من هدف يطمح إليه كل محب لدينه ووطنه, لأن تحقيق الأمن الفكري يبنى على التمسك بالمصدرين, فنصوص الكتاب والسنة ضد الإرهاب والغلو بجميع أنواعه, وفيهما من الأصول والقواعد والمقاصد التي تحفظ بها الحقوق وتصان بها الحرمات. ومن دلالات مثل هذه الجهود: معرفة قدر هؤلاء العظماء والولاة الأوفياء الذين تدل عنايتهم على أنهم ورثوا هذه المحبة من بيت كريم, وأسرة ماجدة, تمتد إلى بداية تأسيس هذه الدولة في أطوارها, خصوصًا في هذا الدور الذي أرسى دعائمه, وأقام وحدته الملك المؤسس المجاهد البطل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه, وجعل الجنة مأواه-, ذلكم الإمام الذي عرف عنه تنشئة أبنائه وأحفاده على محبة القرآن وموائد القرآن, وما تضمنه من العقائد والأحكام والأخلاق والسلوك, فأثمرت هذه التنشئة مثل هذه العناية الفائقة التي نجدها في أبناء المؤسس, وحق لنا أن نفخر بهم, وتسمو هاماتنا بولايتهم, فالحمد لله على فضله، وبهذه الجهود المباركة ندرك سرًا من الأسرار التي إليها يعزى ما تنعم به هذه البلاد المباركة الطاهرة من أَمْنٍ سابغ, وعيش رغيد, واجتماع وألفة, وقوة وهيبة, فهنيئًا لسلمان الوفاء -حفظه الله- هذه الجهود والإنجازات. وإن حقًا على كل مواطن بل على كل مسلم أن يلهج بالثناء والدعاء لولاة أمرنا الأوفياء, والحكام الأماجد -أيدهم الله-, وعلى رأسهم مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, وسمو ولي عهده الأمين الأمير نايف بن عبد العزيز, -أيدهم الله وأعز بهم دينه-, وشكرًا لراعي هذه المناسبة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز, وزير الدفاع, ونسأل الله سبحانه أن يجعل هذه المسابقة في موازين حسناته, وأن يجعلها زاده إلى رضوانه وجنته, وأن يخلفها عليه بركة في عمره وعمله, ونسأل الله سبحانه أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا, وأن يجعلهم ذخرًا ونصرًا للكتاب والسنة, وأن يعز بهم دينه ويعلي بهم كلمته, وأن يدفع عن هذه البلاد كيد الكائدين وفساد المفسدين, إنه سميع مجيب. - مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية