غالباً ما تبذل الشركات الناشطة في الصين الكثير من الجهد في سبيل تحويل علامتها التجارية من علامة معروفة إلى علامة تحظى بوفاء مستهلكيها. وتحرص جهات التسويق على الاستثمار بلا هوادة لضمان بقاء علاماتها التجارية في دائرة اهتمام المستهلك - إلا أن جهودها هذه تصطدم باستقطاب المستهلك بواسطة أسعار أكثر تدنياً، أو حملة ترويجية ملفتة أكثر للنظر، أو مندوب مبيعات داخل المتجر أكثر إصراراً. فالمستهلكون الصينيون لا يفكّرون بشراء سوى العلامات التجارية التي يثقون بها ويحبونها. وبحسب دراسةٍ أعددناها مؤخراً في هذا الإطار، يعتقد 45% من المشاركين في الدراسة أنّ العلامات التجارية المعروفة هي رمز لمستوى أفضل من النوعية والسلامة - كذلك الأمر بالنسبة إلى أكثر من 31% و27% من المستهلكين الأميركيين والفرنسيين على التوالي. وعلى الرغم من أنّ المستهلكين الصينيين يفضّلون العلامات التجارية المعروفة، إلا أنهم يحرصون على الاطلاع خلال التسوق على مجموعة واسعة جداً من العلامات. وعليه، يتزايد عدد المستهلكين الذين يختارون من مجموعة متميّزة من العلامات التجارية، كما يتزايد عدد العلامات التجارية التي تدخل في إطار مجموعتهم التسوّقية. وفي الوقت الراهن، يختار المستهلك الصيني العادي ما بين ثلاث إلى خمس علامات تجارية في كل فئة منتجات بالمقارنة مع علامتين إلى ثلاث علامات تجارية في الأعوام الماضية. ومع ذلك، ثمة مؤشرات تدلّ على أنه بإمكانكم تكوين قاعدة مستهلكين أوفياء لعلامتكم في الصين وأحد هذه المؤشرات يتمثّل في ازدياد ذوق المستهلكين وخياراتهم تكلّفاً. ففي نهاية الأمر، تلعب العلامات التجارية على وتر العواطف والمستهلكون الصينيون يرغبون في أن تنعكس صورتهم في العلامات التجارية التي يشترونها. وعليه، أصبح العامل الذي يرجح كفة الميزان بين العلامات التجارية يتمثل بقدرة العلامة على إشعار المستهلك بأنه «مميّز» أو «بارز بين الحشود». وبالاستناد إلى استطلاعٍ أجريناه في هذا الخصوص، فإن نسبة 19% من المستهلكين الصينيين الذين اشتروا الشوكولا عام 2011 اختارت إحدى العلامات التجارية بناءً على اعتبارات عاطفية على غرار «لقد أشعرني هذا الصنف بارتياح»، وذلك بالمقارنة مع 8% فقط عام 2009. والجدير ذكره أنّ ارتفاع الدخل في المناطق الحضرية يلعب دوراً مهماً في تحريك دفّة هذا التحوّل الاستهلاكي من العملي تماماً إلى العاطفي. فمع ازدياد المستهلكين ثراءً، ما عادوا يأبهون كثيراً لأمر الخصائص العملية للعلامات التجارية، والمستهلكون الأكثر تأثراً بالعواطف هم أبرز المرشحين لفئة العملاء الأوفياء لعلامة تجارية محددة. وللتأكد من ذلك، نرى أنه لا يُفترض بجهات التسويق أن تتغاضى عن أهمية الالتزام بميزات العلامة التجارية ونوعيتها. فالمستهلكون لا يزالون بحاجة إلى الاعتماد على منتجاتكم السليمة والصحية. هذا وينبغي على العلامات التجارية أن تأخذ بعين الاعتبار أكثر فأكثر الرغبات الأقل واقعية وعقلانيةً للمستهلك وأن تحرص على تلبيتها. وجهات التسويق التي تدرك هذه الدوافع بشكلٍ أفضل، ستكون لها الفرصة الأكبر لاستقطاب المستهلكين الصينيين. * (ماكس ماغني هو رئيس قسم ممارسات السلع الاستهلاكية لدى شركة «ماكنزي أند كو» (McKinsey الجزيرة Co) في الصين العظمى، ويوفال أتمسون هو أحد الشركاء في مكتب الشركة الكائن في شنغهاي.)