يزداد التاريخ إشراقاً وتوهجاً ويُسجِل جميل الحضارات وعظيم المُنجزات وأصبح يتكلم كل اللغات.. العالم يبحث عن معلومة وتاريخنا ينسج منظومة مُتكاملة يستحضر العالم ليُغذيه بالمعلومات كل سنة جديد وكل يوم مُنجز مُنجزاتنا تُحاكي التقدم والحضارة. تأتي الجنادرية في إطلالتِها كل عام والحمد لله تحمل في طياتها عَبق الماضي العريق وحاضرنا الزاهر المُشرق. دشن هذه التظاهرة الثقافية العالمية الكبرى عرابها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك المبارك عبد الله بن عبد العزيز أدامه الله في يوم الأربعاء الماضي الموافق 16-3-1433ه وفي دورتها السابعة والعشرين وقد حضر جلالة ملك البحرين، رئيس جمهورية كوريا (ضيفة الشرف) لهذا العام ووسط حضور نخب كبير من ضيوف الدولة من المثقفين والأدباء والعلماء وحشد جماهيري كبير. وقد بدأت فعاليات النشاطات الثقافية، الأدبية، الحوارية والاجتماعية في اليوم التالي وسط أجواء كرنفالية تفوح بعبق الخزامى، الكادي، الورد والريحان مما أضفى ويضفي على الاحتفالية وهذا العُرس زخماً وألقاً بالغين... يأتي في هذه الدورة تكريم الشاعر الكبير الأستاذ إبراهيم خفاجي، كاتب النشيد الوطني وإسهاماته الأخرى وإنما يأتي ذلك استشعاراً من الدولة وفقها الله وواجبها نحو تكريم أبنائها المخلصين والمبدعين. في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث مؤسفة وما يحصل في سوريا الشقيقة تحديداً من قبل رئيسها وأعضاء حكومته من أمور تعسفية تجاه أبناء شعبه ومن عربدة وقتل وسفك للدماء وانتهاك للحرمات والأعراض دون مراعاة للنفس والإنسانية وأن ذلك يحرمه الإسلام وكل رسالات السماء قال تعالى في كتابه العزيز {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} الآية.. فقد جاءت توجيهات أبي متعب الملك الصالح حيث أبت نفسه الطيبة والكريمة إلا أن يُعبّر عن حزنه وألمه الشديدين واستشعاراً لمسؤولياته رعاه الله تجاه أمته وإخوانه والمسلمين في كل أصقاع الأرض ولما تقترفه تلك الأيادي الآثمة من بطش وتنكيل ومعايشته لأوضاعهم المأساوية فقد صدر أمره الكريم بإلغائه الأوبريت الغنائي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة لهذا العام. حبة رمل فيه أغلى من الذهب تاريخ هذا البلد المُعّطر تتطور في كل المجالات، مما جعلَ اسم المملكة ضمن مربع هي إحدى زواياه القائمة في كل مجال، حضارات تجاوزت أعمارها آلاف السِنين شاخت. تاريخنا يبقى شاباً يافِعاً لا يتأثر بالسنين عدداً ولكن بالمنجزات واقعاً وضع للسنين حداً فأوقفها في سباق مع الركب والزمن فتجاوز الكثير من الدول المُتقدمة الأكثر عُمراً والأكثر عدداً فمنجزاته فاقت كل التصور مُحاكات للماضي العريق ومواكبة للحاضر الفعّال. أثرى التاريخ وأرسخ في عقول الباحثين أجمل الصور وأصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة الصحيحة والمنجزات الفريدة وهذا منبر من منابر المملكة المُشرقة الوضّاءة يُسجل كل عام في الجنادرية بكل زخمها وجديدها واتساع رقعتها وازدياد روادها من كل الأطياف من علماء، أدباء، باحثين ومفكرين ومُلتقى يضم في أروقته ودهاليزه هذا النخب ومن الصفوة وسط أجواء مُفعمة بالحُب والصفاء تحت سقف الحوار الهادِف البنّاء ومن أهل الخبرة وصُنوف المُثقفين على مستوى العالم، مرآة صادقة تعكس واقعا مُشرقا، في كل عام نجِد ثوباً ناصِعاً مُشرقاً بالأمل والعمل يَحكي قصة مسيرة أمة تُسابق الزمن بخطىً ثابتة وثّابة مدروسة وهذا يرجع إلى حُسن التدبير ورجاحة التفكير ودراسة التحضير بعد أن سخّر الله عزّ وجل وأنجب من رحم هذا الوطن رجالات نذروا أنفسهم لِخدمة الدين، المليك والوطن ولِنقل صورة مُشرفة لِهذا الكيان المتين فكل مُنجزاتنا تلقى والحمد لله الدعم الكامل من خادم الحرمين الشريفين الملك الإنسان ملك الإصلاح والتطوير وسمو ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز رعاهما الله مُتخذين من مسيرة الملك المؤسس طيب الله ثراه وبنائه لِهذا الصرح الشامِخ على الكتاب والسُنة والعمل الجاد وبناء الإنسان والأوطان وترسيخ الأمن والأمان فجعل بين التراب وأبنائه قصة عِشق دائم فكانت غزلية قلوب بين الوطن والمواطن. نحن لا نحكي عن منجزاتنا لأنها هي التي تحكي عن نفسها بما تشهده عيون الآخرين وتنقُله أقلام المؤرخين بأصدق رواية فالعين أصدق شاهِد وأقلام الصدق تاريخ لا يغفل عنه إلاّ من ملأ الحِقد قلبه وأعمى الحسد بصيرته، إلاّ أن الجنادرية صفحة مُضيئة من كتاب تاريخ كبير لِهذا الوطن المِعطاء وتبقى هذه الدولة السَّنية في خُطاها تسير قُدماً نحو الآفاق تزداد إشراقاً وتذلل كل عسير. تبقى هذه التظاهرة العالمية باسمها المُشرق الوضّاء تلبس حُلة قشيبة كل عام تتسع فيها قاعدة ودائرة المُشاركة لتُبرز الإبداع ولتلتقي هذه الوجوه الطيبة المُضيئة وسط ترحيب وحفاوة بالغين تنبع من أصالة وعراقة هذا الوطن وأبنائه وجذوره التي تضرب في أعماق الأرض. إن هذا المهرجان للتراث والثقافة ما هو إلاّ انعكاس وتذكير لِتراث هذه الأمة التي تعتز بتاريخها المجيد وبات عُرساً يزداد بريقه ويأخذ مُنعطِفاً هاماً في مسيرته المُتألقةِ عاماً بعد عام نظير الإمكانات الضخمة التي وفرتها له القيادة الحكيمة ويحظى بتقدير وثناء شريحة عريضة من العُلماء، المُثقفين والأدباء وكل المُهتمين والمُحبين.