لما كانت المملكة واضحة وضوح الشمس فمن حقها أن تفتخر بقيمها وأصالتها وتراثها وبماضيها التليد وبحاضرها الزاهر وبمستقبلها المشرق إن شاء الله. ورغم اتساع العالم، إلا أن التقنيات الحديثة (الإنترنت والاتصالات عموما) جعلت من وجه البسيطة قرية صغيرة تجوبها وتعرف خباياها بلمسة أزرار تقنية، والمملكة بكل اقتدار تعرف تماما هذه التقنيات واستثمرتها استثمارا جيدا وأدخلت أحدث العلوم في تجهيزاتها. فأصبح لزام علينا أن ننطلق بتراثنا وحضارتنا وهذا الموروث الضخم عبر العالم وكلنا فخر بهذه الإنجازات وما وصلت إليه مملكتنا الفتية. ويعتبر مهرجان الجنادرية ربطا للتكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي بالميراث الإنساني الكبير، وهو تسلسل واضح لبناء الإنسان السعودي من بدايته وبصورة إصراره وعزيمته للمضي قدما نحو بناء الدولة السعودية الحديثة في ظل الإمكانات التي وفرتها حكومتنا الرشيدة، ويعد أيضا تواصلا للأجيال وتاريخا يتوارثه الأبناء عن الآباء ليضيف إلى التاريخ صفحة بيضاء أخرى ناصعة، وإقامته مناسبة وطنية يمتزج به عبق تاريخنا المجيد بنتاج حاضرنا الزاهر. تأتي الجنادرية في إطلالتها اليوم وسط حضور نخب من ضيوف الدولة ومن المثقفين والأدباء والعلماء وحشد جماهيري مكثف في دروتها ال 25، وسط أجواء ثقافية اجتماعية وكرنفالية تفوح بعبق الخزامى والكادي والورد والريحان، ويشنف آذاننا أوبريت بعنوان (وحدة وطن)، صاغ كلماته الشاعر ساري وألحان ماجد المهندس وإشراف عام ناصر الصالح، مما يضفي على الاحتفالية زخما وألقا. وحدة وطن مسيرة وطن، حبة رمل فيه أغلى من الذهب، تاريخ هذا البلد المعطر يتطور في كل المجالات، مما جعل اسم المملكة ضمن مربع هي إحدى زواياه القائمة في كل مجالات، حضارات تجاوز عمرها آلاف السنين شاخت. تاريخنا يبقى شابا يافعا لا يتأثر بالسنين عددا، ولكن بالمنجزات واقعا، وضع للسنين حدا فأوقفها في سباق مع الركب والزمن فتجاوز الكثير من الدول المتقدمة الأكثر عمرا والأكثر عددا، فمنجزاته فاقت كل التصورات محاكاة للماضي العريق ومواكبة للحاضر الفعال. أثرى التاريخ وأرسخ في عقول الباحثين أجمل الصور وأصبح مصدرا موثوقا للمعلومة الصحيحة والمنجزات الفريدة، وهذا منبر من منابر المملكة المشرفة الوضاءة يسجل كل عام في الجنادرية بكل زخمها وجديدها واتساع رقعتها وازدياد روادها من كل الأطياف من علماء وأدباء وباحثين، وملتقى يضم في أروقته ودهاليزه النخب ومن الصفوة وسط أجواء مفعمة بالحب والصفاء تحت سقف الحوار الهادف البناء ومن أهل الخبرة وصنوف لامثقفين على مستوى العالم، مرآة صادقة تعكس واقع مشرق. في كل عام نجد ثوبا ناصعا مشرقا بالأمل والعمل يحكي قصة مسيرة أمة تسابق الزمن بخطى ثابتة مدروسة وهذا يرجع إلى حسن التدبير ورجاحة التفكير ودراسة التحضير بعد أن سخر الله عز وجل وأنجب من رحم هذا الوطن رجالا نذروا أنفسهم لخدمة الدين والملك والوطن، ولنقل صورة مشرفة لهذا الكيان الكبير. محمود أحمد منشي