يزداد العالم تقارباً يوماً بعد يوم. فبفضل الأنظمة التكنولوجية الحديثة في مجالات الإعلام الاجتماعي والنقل والاتصالات التي تقرّبنا من بعضنا، بات على المؤسسات أكثر من أيّ وقتٍ مضى تطوير قدرات قيادية متعددة الثقافات بإمكانها بمهارة اجتياز التحديات التي قد تتأتى من عالمٍ متّصل ببعضه البعض. ويتحتم على القيادة المتعددة الثقافات الغوص بعمقٍ في تفاصيل مجموعةٍ مختلفةٍ من الثقافات، الأمر الذي بإمكانه فتح أبواب الرؤى على أفضل الطرق المتاحة للوصول إلى العملاء وإلهام الموظفين وتحريك دفّة أداء المؤسسة ضمن المواقع الجغرافية خارج إطار «القاعدة المحلية». وحينما يتمّ الغوص في عمق هذه الثقافات بصورةٍ جيدةٍ، من الممكن أن يتمخّض عن الأمر نتائج مدهشة. ونذكر في هذه الحالة مثل «يام! براندز « (Yum!Brands Inc.)، الشركة الأم لسلسلة مطاعم «كاي أف سي» (KFC) التي راكمت العام الفائت حصةً رائدةً نسبتها 40% في سوق الوجبات السريعة في الصين عن طريق تعديل منتجاتها بما يتناسب وذوق السكان المحليين من جهة، وإنشاء فريقٍ قويٍّ من المدراء المحليين من جهة أخرى. هذا وعلى الرغم من أنّ القيادة المتعددة الثقافات ترتبط في أغلب الأحيان بالمؤسسات المتعددة الجنسيات، فإنّ لهذه المبادئ الكثير لتقدّمه للشركات التي تتمتع بوجودٍ محدودٍ خارج نطاق منطقة معيّنة. ونظراً إلى التنوّع الثقافي الهائل ضمن الحدود الخاصة بالعديد من الدول، من الممكن أن تثمر مقاربة مدروسة بشأن الاستعانة بمواهب وتطويرها على مختلف الطبقات والأديان والاثنيات في تحريك دفّة الابتكار. إلى ذلك، ومن أجل بناء هذه القاعدة من المواهب المتعددة الثقافات، ينبغي على المدراء أن يرسوا دعائم برامج داخل شركاتهم تتيح للموظفين الواعدين الانكشاف على ثقافات ومواقع جغرافية جديدة. وفي ظل التحديات المرافقة للحاق هذه الشركات بركب التقدم، مثل التنقل لمسافات كبيرة في أنحاء العالم، لا بد لهذه البرامج أن تلجأ كذلك إلى تكنولوجيات ونماذج حديثة تضفي المزيد من المرونة على التعاون القائم بين الثقافات.إذاً، كيف يمكن للمدراء أن يساهموا في هذا الإطار؟ 1.من خلال تركيز جهودهم التوظيفية على ضمّ شرائح مختلفة من المرشحين إلى الشركة، وقد يشمل ذلك تعديل الرسائل المتعلقة بتكوين شعار الشركة الموَظفة، وتنويع مصادر التوظيف أو حتى تعديل معايير الاختيار لتقييم الخبرة المتعددة الثقافات والقدرات القيادية. 2.من خلال جعل الخبرات المتعددة الثقافات جزءاً واضحاً من الأحاديث المتعلقة بالسير المهنية ومراجعات الأداء حتى يصبح المدراء الشباب قادرين على التعامل مع تطوير المهارات المتعددة الثقافات بجدية أكبر. 3.من خلال إدخال عناصر متعددة الثقافات إلى برامج التدريب الإداري، سواء أعن طريق تعديل المناهج القائمة أو تطوير مواد جديدة. 4.من خلال إطلاق برامج يتم إرسال المدراء الصاعدين بموجبها إلى ثقافات ومواقع جغرافية مختلفة من أجل استكمال العمل على مشاريع قصيرة إلى متوسطة الأمد على حد سواء 5.من خلال إدخال رؤى متعددة الثقافات إلى إستراتيجيات الأعمال والقرارات. وإشارة إلى أنّ التدخلات السالفة الذكر لن تكون على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية ما لم يعمد المدراء إلى استخدام الرؤى التي يمكن للقادة المتعددي الثقافات وحدهم طرحها على طاولة الحوار. وفي زمنٍ يتسع فيه نطاق العولمة يوماً بعد يوم، ستمنح قدرة المؤسسات على تطوير قياديين عالميين ومتعددي الثقافات أفضلية تنافسية غاية في الأهمية. فهل مؤسستكم مستعدة لمثل هذا الأمر؟ (جيفان سو هو مستشار في مجال الإدارة والرأس المال البشري في بوسطن. شغل في وقتٍ سابقٍ منصب مدير أعمال التوظيف لشركة «ماكينزي»» (McKinsey الجزيرة Co) في أنحاء اثنتي عشرة دولةً من منطقة آسيا والهادئ.)