نجح باحث في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتطوير إحدى نظريات التأثير الإعلامي الجديدة من خلال إضافته جانباً مهماً في النظرية، وهو جانب الاتجاه الذي ظل خلال الثلاث والعشرين سنة وهو عمر النظرية في مجال الإعلام مغيباً عن الدراسات الإعلامية. فالنظرية كانت تعتمد على جانبي الإدراك والسلوك، وأضاف الباحث السعودي جانباً آخر وهو جانب الاتجاه لتصبح النظرية مكونه من ثلاثة جوانب هي الإدراك والاتجاه والسلوك. وتمكن الدكتور عبدالرحمن بن نامي المطيري بإضافة جانب الاتجاه لنظرية تأثير الشخص الثالث، من خلال دراسته (تأثير الإعلان في ضوء نظرية تأثير الشخص الثالث: دراسة وصفية تحليلية على المجتمع السعودي). فاختبرت الدراسة نظرية تأثير الشخص الثالث في المجتمع السعودي على أساس أنه مجتمع يختلف في سماته وخصائصه عن المجتمعات الأخرى التي سبق وأن طبقت النظرية بها، بهدف التحقق من عمومية النظرية وصحة فروضها وتطبيقاتها. فالنظرية لم تطبق في الوطن العربي إلا في دراسات قليلة الأمر الذي فرض على هذه الدراسة التركيز على توثيق أسس النظرية، وتصوراتها، والمتغيرات الاجتماعية والإعلامية المؤثرة فيها، بالإضافة إلى دراسة أنماط المضامين الإعلامية المتصور سلبيتها، ورصد أنماط السلوك التي يقوم بها من يرى قوة تأثير الإعلان في المجتمع السعودي على الآخرين. كشفت الدراسة في شقها النظري أن نظرية تأثير الشخص الثالث تعتمد في أساسها الفلسفي على أن الفرد يعتقد أن الآخرين يتأثرون بوسائل الإعلام بدرجة أكثر من تأثره، وهذا الشعور يؤدي إلى رد فعل سلوكي من جانبه. وكشفت نتائج الدراسة الميدانية أن غالبية العينة يمضون وقتاً طويلاً مع القنوات الفضائية، ويحرصون على متابعتها، ويكتفون بمشاهدة جزء من البرامج المفضلة لديهم، مما يشير إلى أن مشاهدة العينة للقنوات الفضائية يتم بطريقة عشوائية تعتمد على المشاهدة الجزئية التي تخلق لديهم شعوراً بالتأثيرات الإعلامية على أفراد المجتمع، هذا الشعور بالتأثير الإعلامي يتكون لدى أفراد العينة بطريقة تنسجم مع أنماط التعرض لها، وبالرغم من أن الغالبية العظمى من العينة يتعرضون للقنوات الفضائية، إلا أن نمط المشاهدة يعد متوسطاً مما يعكس رغيتهم في مزيد من المشاهدة، والتعرض للمزيد من المعلومات لو وجد المضمون المناسب، كما تبين أن (22.31%) من عينة الدراسة يحرصون على مشاهدة البرامج حتى يأتي الإعلان ثم ينتقلون إلى محطة أخرى. وحرص غالبية عينة الدراسة على قراءة الصحف بانتظام، ويتمثل في أربع صحف هي (الجزيرة، الرياض، عكاظ، الوطن)، حيث تراوحت نسبة من يقرأ كل منها ما بين (18% إلى 20%) وتركز الاهتمام في الصحف الأربع بدرجات متشابه كثيراً، وهي نسبة متوسطة إلى حد ما تشير إلى مكانة الصحف الأربع لدى عينة الدراسة، كما أنها تجد متابعة من القراء، وتحتل مكانة في نفوس العينة التي تحرص على قراءتها بشكل منتظم، ولعل قوة هذا الاتجاه لهذه الصحف تبدو واضحة أكثر عند مقارنة نسبتها بنسبة بعض الصحف الأخرى، وبناء على ذلك يمكن القول إن الصحافة السعودية هي صحافة إقليمية بالدرجة الأولى، ولم تستطع حتى الآن أن تصبح صحافة مجتمعية، مما يشير إلى أن إدراك الأفراد لتأثير الصحافة على المجتمع يعد تأثيراً متوسطاً، مما يجعل نتائج هذه الدراسة تختلف مع نتائج بعض الدراسات. أما الإعلان فيعد المضمون الذي نشأت في أحضانه نظرية تأثير الشخص الثالث وشملت أغلب الدراسات العلمية مضامينه، واختبرت فروض النظرية على موضوعاته وأشكاله. فقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن (80.8%) من العينة يشاهدون الإعلانات في القنوات الفضائية التلفزيونية، إلا أن نسبة (72.4%) أشاروا إلى أن مشاهدتهم للإعلانات التلفزيونية تعد متوسطة إلى قليلة، مما يعني أن الذين يشاهدون القنوات الفضائية التلفزيونية بدرجة متوسطة إلى قليلة يتعرضون لمشاهدة الإعلانات. وكشفت نتائج أنماط مشاهدة الإعلانات التلفزيونية لتؤكد ساعات المشاهدة ودرجتها، حيث إن غالبية العينة (58.92%) يشاهدون بعض الإعلانات التي تعرض في البرامج التلفزيونية، وهي نسبة عالية تدل على أن أفراد العينة لديهم الرغبة في متابعة المواد الإعلانية التي تأتي ضمن البرامج التلفزيونية. أما من يشاهد كامل الإعلانات عند التعرض للبرامج التلفزيونية فلا تتجاوز نسبتهم (11.60%) فقط، وهي نسبة قليلة، مما يشير إلى درجة مرتفعة في عملية الفهم المعمق عند التعرض للإعلانات التلفزيونية، مما يؤدي إلى الشعور بمدى تأثير الإعلانات التلفزيونية على الآخرين، تدعم نتائج الدراسة دراسة، وتبين من النتائج أن غالبية العينة يطلعون على الإعلانات الصحفية بدرجات مختلفة، وهي نسبة عالية تبين ارتباط العينة بقراءة الصحف بدرجة قوية، حيث تعد الصحف مورداً لإشباع الجوانب المعرفية والترفيهية وبناء الاتجاهات، ويعد الاطلاع على الإعلان الصحفي جزءاً من المصادر المعرفية، مما يؤدي الاهتمام بالإعلان الصحفي إلى بناء تصورات عن تأثير الإعلان الصحفي على أفراد المجتمع. الأمر الذي يشير إلى أن الإعلان الصحفي أحد المصادر المعرفية للعينة، مما يجعله مصدراً للتأثير الإعلامي، حيث تبرز درجة الاطلاع على الإعلانات الصحفية أكثر من الإعلانات التلفزيونية، مما يشير إلى بروز تأثير الشخص الثالث في الإعلانات الصحفية بدرجة أكبر من غيرها.