٭عندما أطلت العطلة الصيفية بوجهها الصيفي بعد عناء العام الدراسي الطويل، استبشرنا من المسؤولين عن برامج القنوات الفضائية العربية خيراً فيما سيقدمونه خلال العطلة هذا العام خاصة بعد أن احتل التلفزيون مكانة كبيرة بين أوساط المجتمعات كافة واصبح وسيلة إعلامية، وثقافية هامة بين الشعوب .وانتشر استعماله في البيوت انتشاراً واسعاً بحيث انه طغى على الكثير من و سائل الاعلام الأخرى كالراديو والصحف والمجلات واصبح يقدم برامج وأعمالاً تحتوي على مضامين عنف، وذات تأثير سلبي على المشاهدين وخاصة على الاطفال . ٭ فكيف نحمي أبناءنا وبناتنا من مشاهدة تلك البرامج القاتلة لأعصابهم خلال الصيف؟ وما البديل لتلك البرامج والأثر الذي يمكن أن يتركه التلفزيون من سلوك عدواني أو إجرامي جراء متابعتهم لتلك الأفلام " الأكشن والمرعبة " ؟ تشير خبيرة الطفولة الاستاذة ميسون مارديني في هذا الخصوص : ٭ يعتبر التلفاز ..أو التلفزيون من أكثر المؤثرات الاعلامية انتشاراً وتأثيراً في حياة الاطفال حيث دلت الدراسات إلى أن حوالي % 75 من الاطفال يشاهدون برامجه بشكل يومي . ويستوي بذلك الاولاد والبنات . وشملت الدراسة في مدى تأثير التلفزيون على الاطفال والذي يعتمد على العديد من العوامل منها : مقدار المشاهدة، عمر الطفل، شخصية الطفل، واذا كان الأطفال يشاهدون التلفزيون بمفردهم أو بصحبة الكبار البالغين، وبالرغم من صعوبة ايجاد علاقة سببية بين تلك البرامج، وميل الاطفال والكبار إلى العنف بشكل عام، إلا أن هناك اجماعاً متنامياً على احتمال تعرض بعض الاطفال للمشاهد العنيفة والرسائل الضمنية التي تنم عن العنف . ٭ وتضيف موضحة ردود تلك الدراسات من قبل الباحثين والمهتمين بهذا الجانب الهام : لقد حدد الباحثون ردود أفعال الاطفال للعنف الذي يشاهدونه على شاشة التلفزيون إلى ثلاثة أشكال مختلفة : أولاً : الاحساس المتزايد بالخوف، فالاطفال بوجه عام، والبنات خصوصا أكثر عرضة من البالغين لأن يكن ضحايا للاحساس بالعنف الوارد اليهن عن طريق هذه الشاشة الصغيرة الأمر الذي من شأنه زيادة احساسهن بالخوف . ثانياً : بلادة الاحساس بالعنف في الحياة الواقعية حيث ان اكثر برامج الاطفال عنفاً هي برامج الكرتون التي يصور العنف فيها في شكل فكاهي ونادراً ما تعرض النتائج الحقيقية العنف . ثالثاً : تزايد السلوك العدواني لدى اطفال التلفزيون وهذا ينطبق على واقع الاطفال الصغار الأكثر ميلاً لإظهار سلوكيات عنيفة بعد مشاهدة عروض أو افلام تلفزيونية تنطوي على مشاهد عنف .. ومن هنا على الآباء الاهتمام البالغ بما يشاهده الاطفال في البرامج الاخبارية، حيث برهنت الدراسات على أن الاطفال أكثر خوفاً من العنف المعروض عليهم في الأخبار من أي برامج أخرى، فالخوف الدائم والقائم على الأخبار الحقيقية الواقعية يتزايد لدى الاطفال ويصبحون أكثر قدرة على التمييز بين ما هو خيالي وما هو واقعي . علاقة وثيقة ٭ وفي محاولة لمعرفة أبعاد العلاقة التي تربط بين العنف التلفزيوني والسلوك العدواني في الاطفال، تشير أ . ميسون : إن محاولة القاء الضوء على تلك العلاقة الخطيرة يسهم في توجيه نظر المسؤولين عن الاعلام إلى التقليل من مشاهد العنف المعروضة في التلفزيون وكذا لفت نظر الاهل إلى مثل هذه القضية كي يسهموا في انتقاء البرامج المناسبة لأطفالهم ومشاركتهم مشاهدتها . كما أن الاهتمام المتزايد بالطفولة من قبل مختلف المؤسسات وخاصة منظمة الأممالمتحدة التي دعت لحماية حقوق الطفل كحقه في الحماية من العنف والتعذيب لأن أخطر ما في الأمر هو تعود الاطفال على مشاهد العنف بحيث لا تعود بعد ذلك تهزهم . ولهذا تمنع القوانين الاعلامية على سبيل المثال في أمريكا عرض افلام العنف والجريمة في وقت الذروة حيث تجتمع الأسرة لمشاهدة التلفزيون كما أن الانظمة تفرض على محطات التلفزيون تحذير المشاهدين عند بداية اي برنامج يحتوي على مشاهد عنيفة ..أو مناظر جنسية، وتضيف : لقد اصبح التلفزيون منافساً للاسرة في نقل أنماط ثقافية تؤثر على عملية التنشئة الاجتماعية داخل المجتمع، واصبح منازعاً للمدرسة في دورها، واصبح الفرد الذي يبلغ من العمر أقل من 16 عاماً ويقضي أمام هذه الشاشة وقتاً يفوق الوقت الذي يقضيه في فصول الدراسة إذا افترضنا أن متوسط ساعات مشاهدته للتلفزيون ثلاث ساعات يومياً . لذا خرجت بعض الدراسات الأخرى التي حددت وجود علاقة وثيقة بين السلوك الاجرامي ووسائل الاعلام ووجد بأن الاطفال يقلدون الافلام التي تعرض الاجرام بأنواعه وان معدل الجرائم يرتفع في المجتمع نتيجة العرض المستمر لتلك الأفلام . أما بخصوص البرامج التلفزيونية وخاصة ما يعرض في القنوات الفضائية فانها تحتوي على سلوكيات تتعارض مع السلوك العام في المجتمع وقد تتسبب في افساد الاخلاق العامة بصورة مباشرة أو غير ذلك . التلفزيون ودعم ثقافة العنف ٭ويتضح من ذلك أن تأثير التلفزيون في زيادة حجم العنف، وتدعيم ثقافة العنف في المجتمع خاصة الاطفال أيدته كثير من البحوث والدراسات، كما تبين غالبية الوسائل المرئية بدأت تعيش ديمومتها على تسويق ظاهرة العنف والعدوان، فتصف للناس تفاصيله الدموية المرعبة كسلعة تجارية مطلوبة مرموقة تقدم لهم على اطباق شهية تحت مبررات التسلية او الترويج او الاعلان او الاخبار أو غير ذلك . مقترحات للعلاج ٭وتختتم حديثها مشيرة : إنه لما كان الاستخدام الخاطئ للتلفزيون، وقضاء وقت طويل في مشاهدة برامجه يحرم الاطفال من خبرات ومعلومات حول خصائص الاشياء وعلاقتها ويقلل الفرصة امامهم في التعايش الاجتماعي السليم ويعرضهم لقيم واتجاهات وسلوكيات ربما كانت غير مرغوبة . وانطلاقات من هذا المبدأ الذي دفعنا لأن نحدد بعض الاجراءات لنخفف قدر الامكان من اثارة السلبية وننعم بفوائده الجمة عن طريق الاستخدام السليم لهذا الصديق المربي " التلفزيون " ، فإننا نقدم هنا بعض المقترحات التي تساعدنا للوصول بأبنائنا خاصة خلال أيام العطل والاستفادة من وقتهم كما ينفعهم ..وهي كالتالي : ان نخضع أفلام الرسوم المتحركة وغيرها من البرامج قبل عرضها على الشاشة لرقابة تربوية، وهذا ما أخذت به الكثير من الدول الغربية حيث فرضت قيوداً عديدة على استيراد أو عرض مواد العنف ولا تسمح هيئات التلفزيون في العديد من الدول الغربية بعرض التسلية العنيفة قبل ساعات منتصف الليل كي تحد من مشاهدة الاطفال لها . وعن رأيي الشخصي فإنه يستحسن لأطفالنا العرب أن نكثر في عرض البرامج المتصلة بحياة شخصيات عربية بارزة وتقديم قصص مستوحاة من التراث لكي نتخلص تدريجيا من غزو الأفلام المدبلجة التي تترك انطباعاً سيئاً لدى اطفالنا، ذلك أن اغلبها مغاير لقيم مجتمعنا واهدافه، وقد تحدث ارتباكاً في المجتمع، على مرور الزمن، وتجر اطفالنا إلى ضروب من السلوك والرذيلة تتنافى ومقومات المجتمع الاخلاقية والفكرية والقومية . ضرورة مشاركة الراشدين في الاسرة اطفالهم مشاهدة برامج التلفاز ومناقشة المادة المعروضة امامهم والتعليق عليها وتوضيح أهدافها ..أيضاً على الأهل اختيار وانتقاء البرامج المناسبة لأطفالهم ومراقبة ما يتعرضون له من قيم واتجاهات كما ان عليهم تحديد اوقات لمشاهدة التلفزيون، وكمية البرامج وتشجيعهم على انشطة أخرى كالمطالعة وسماع الراديو وممارسة الرياضة واللعب مع الاصدقاء . # جعل فترة برامج الاطفال في وقت المساء، وقبل موعد النوم بقليل، ويفضل أن تكون البرامج أكثر علمية مع التركيز على البرامج التي تنمي الخيال وايضا التفكير الصحيح وتكون تعليمية بحيث انها تغرس في الطفل القيم والمعارف والاتجاهات المفيدة، والابتعاد عن القصص المأساوية، مع ضرورة الانتباه لتقديم البرامج بلغة مناسبة ومفهومة لعمر ولغة الطفل الصغير . التعاون العربي تعميق التعاون العربي والتأكيد على التكامل العربي والجهد العربي فيما يتعلق بتوجيه الاعلام ومراقبة برامج الاطفال التلفزيونية وانتاجها، وتبادلها والتركيز على الاعمال التي تثير في الانسان العربي هموم امته وتبرز آمال العرب وطموحاتهم . وختاماً ..اخضاع برامج الاطفال لتخطيط علمي مدروس وفق قواعد تتمشى مع خطط التنمية البشرية في المجتمع يشترك فيها المربون وعلماء النفس ورجال الاعلام والآباء والأمهات بحيث تحدد أهداف واضحة لها، ويختار محتواها الفكري والانفعالي وفقا لتطلعات المجتمع . وأن ندعو لمزيد من الاهتمام بدراسة تأثير التلفزيون في سلوك اطفالنا في الدول العربية، ان نهتم بتأثير البرامج المستوردة والأجنبية في سلوك واتجاهات وقيم اطفالنا في العالم العربي .