فلقد انتشر في هذا الزمان تسابق بعض الناس من المسلمين إلى فعل أشياء محرّمة يفعلونها جهلاً أو عناداً لتلمعَ أسماؤهم، وينتشر صيتهم، وهم بذلك ارتكبوا مخالفات عدّة منها: 1 - ارتكاب المحرّم الممنوع. 2 - محبة الشهرة المفسدة للمرء التي حذّر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ).. أخرجه الإمام أحمد والترمذي. من هذه الأشياء: إطالة الشارب بشكل ملفت للنظر حتى بلغ أكثر من شبر عند بعضهم، وكذلك الأظافر - فوق المباح -، وأكل الحيات، والعقارب، والمشي على النار، وأكل الزجاج، وسحب السيارات بالأسنان، ونحو ذلك (وإنْ كانت تتفاوت في التحريم)، وقد استوقفني ما رأيته من إنسان يتسابق إلى أكل عشرين عقرباً في أقل من ثلاث دقائق!! وهذا الأمر يستوجب النصح وتبيين الحق في هذه الأفعال، ففعل (هذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن) كما قال ابن تيمية (الفتاوى 11-216). فأكل الخبائث من الحيات والعقارب محرم بإجماع المسلمين، قال ابن تيمية - رحمه الله -: {أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين، فمن أكلها مستحلاً لذلك فإنه يستتاب فإنْ تاب وإلاّ قُتل، ومن اعتقد التحريم وأكلها فإنه فاسق عاص لله ورسوله، فكيف يكون رجلاً صالحاً، ولو ذكى الحية وذكر اسم الله عليها لكان أكلها بعد ذلك حراماً عند جماهير العلماء؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية والعقرب والحدأة والفأرة والكلب العقور}، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ذلك في الحل والحرم وسمّاهن فواسق؛ لأنهن يفسقن: أي يخرجن على الناس ويعتدين عليهم فلا يمكن الاحتراز منهن كما لا يحترز من السباع العادية، عدوان هذا أعظم من عدوان كل ذي ناب من السباع وهن أخبث وأحرم. وأما الذين يأكلون ويجعلون ذلك من باب « كرامات الأولياء « فهم أشر حالاً ممن يأكلها من الفساق؛ لأنّ كرامات الأولياء لا تكون بما نهى الله عنه ورسوله من أكل الخبائث} الفتاوى (11-609). فإذا تبيّن أنّ هذا الفعل حرام حيث إنّ النبي - عليه السلام - أمر بقتلها، فلو كان الانتفاع بأكلها جائزاً لم يأمر بقتلها، فإنّ المباح لا يُقتل بل يصاد أو يذبح، ومن المناسب هنا ذكر فتوى اللجنة الدائمة في مسألة عروض القوى التي لا تقل خطورة عن هذا بل هي أشد بكثير، حيث ابتلي بها بعض أبناء المسلمين بل ونشرتها بعض القنوات المحسوبة على المستقيمين !! فقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ما نصه: (ما يعمله بعض السفهاء من الناس من تكسير الصخور على صدورهم، والنوم على المسامير الحادة، وثني الحديد بأعينهم وسحب السيارات بشعورهم أو أسنانهم، وأكل الأمواس والزجاج .. إلى غير ذلك من الأمور الخارجة عن العادة البشرية كل ذلك يعتبر من الدجل والشعوذة والسحر وهو من عمل سحرة فرعون كما قال الله عزّ وجل في سورة الأعراف: {قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}، وقال سبحانه في سورة طه {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى }. وبناءً عليه لا يجوز فعل هذه الأعمال ولا تعلُّمها ولا نشرها ولا التشجيع عليها، والواجب محاربتها والتبليغ عن فاعليتها ومعاقبتهم بما يردعهم ويكف شرهم عن الناس، فألعابهم وأعمالهم تلك فيها من الدجل والشعوذة والتلاعب والاستخفاف بعقول الناس وفساد العقيدة وأكل الأموال بالباطل ما لا يخفى ...) برقم (20520) وتأريخ 11-8-1419ه. وتتمة للفائدة ذكر ابن تيمية - رحمه الله - أنّ: (النفس إذا كانت متصفة بالسوء والخبث لم يكن محلها إلاّ ما يناسبها؛ فمن أراد أن يجعل الحيات والعقارب يعاشرون الناس كالسنانير لم يصلح). * الرياض