لستُ موجوداً هاهنا أو هناك لستُ شيئاً.. ولا شيءَ لي ليس هذا جسدي.. أو ربما كان في جسدي.. آخرٌ غيري أمي وأبي.. هاتان المقبرتان على أطراف حقول القرى لا أعرف من سيزورهما بعدي لستُ في منزلي لستُ في لحدي الطريق/ الغيبُ الروحُ/ الهواءُ الحلمُ/ الدخانُ البكاءُ/ اشتعالُ الوحشةِ في غرفتي ربما جسدي أو رفاتي شيءٌ يَحترق هنا في الغرفةِ كل مساءْ شخصٌ ما يقفز من شرفتي مشتعلاً ألسنة النيرانِ تهبط في قاعِ ليلةِ «آذار» المظلمةْ الصراخُ المتكررُ يرتطمُ على واجهات البيوت التي تترنح شيئا فشيئاً الكوابيسُ لم تتوقفْ بعدْ الهواجس تقطع عرض الطريق إليَّ مباشرةً دون أن ينتبه المارة حولي العالم هذا الصخب الذي لا أألفهُ العالم هذا الصخب الذي لا يألفني العالم هذا الصخب الذي لا يعرفني في قاع غيابات أخرى أولدُ مرةً أخرى خائفاً آخرَ يقتني حلماً آخرَ يتحاشى مخاوفه نفسها أو مخاوفَ أخرى بينما ما يزال العالمُ هذا الصخبَ الذي.. لا أألفهُ لا يألفني لا يبرحني العالم هذا الدخان الذي يقتحم خلايا جسدي ناقلات الجنود التي تعبر أنفاقاً في جمجمتي طائرات المظليين التي تحتل سماء البيت عملاء استخباراتِ الجيشِ المرابطِ في الطابق العلويّ عملاء استخباراتِ الجيشِ المرابطِ في الطابق الأرضيّ عملاء استخباراتِ الجيشِ المرابطِ خلفَ نوافذِ شارعنا حادثة اغتيالي التي تتكرر كل مساءٍ مراسم دفني الطرق المحشوة بالألغامْ ورئيس العمل الذي أرسله الديمقراطيونَ ليرهبني كلَّ يومٍ.. نصفَ نهارْ * * * الطيور التي برحت شرفتي.. ربما لن تعود مازلت أفتش عن أشيائي التي.. أفقدها شيئا فشيئاً الأثاث الذي يختفي أتأمل في صمتٍ.. ساعةَ الحائط المُهمَلةْ نشرةُ الأخبار التي لم تتوقفْ منذ أمس الأول أنتظر رفاقي الذين استقلوا حافلة الركابِ إلى صحراء الخليج تاركين وراءهم الضحكَ النافقَ والوقتَ الذي انطفأت بهجته حولي.. في مساءٍ أخير.. للطيور التي برحت شرفتي للأبدْ الطيورُ الجسدْ الطيور التي تركت خلفها عزلتي الطيور التي تنمو في شعاب الأرض مقابرُها تاركين البلادُ التي تتكاثر حولي جنازاتها تقضي الليلة بائسةً على شاشة تلفازي القديمْ والأطيارُ لما تزل بعدُ غائبةً والغيم الذي اجتاح فوقي سماء المكان لا أشاهد من شرفتي غيرَهُ يحتل فضاء الذاكرةِ المهجورةِ أو يومض بالخطرْ * * * في حريق البيتْ تسقط صور الحائط تسقط أوهامك من لحظتها يقتحم عليك الدُّخَان مشاهدَك الباقيةْ لم تزل واقفاً ربما تترنحُ لكنكَ.. لم تزل واقفاً والحرائق حولك تعلو أسوارُها تغمضُ عينيك على مشهدِها فترى في منامكَ.. وجهَ الموت الصديقْ وتشمُّ هواءَ الوطن