ثارت مطالبة الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش للرئيس العراقي صدام حسين بالسماح باستئناف عمليات التفتيش عن الأسلحة وإلا تعرض لعواقب وخيمة، تكهنات بأن الولاياتالمتحدة ستستهدف العراق في «المرحلة الثانية» من حربها ضد الإرهاب. ويعتبر مطلب بوش الذي أدلى به للصحفيين الاثنين الماضي وأذيع على شاشات التليفزيون في جميع أنحاء العالم، الأكثر صراحة وتحديدا ووضوحا من بين سلسلة التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى خلال الاسبوعين الماضيين وأشاروا فيها إلى العراق باعتباره مصدر تهديد للأمن الامريكي. وقال بوش «إن أفغانستان مازالت مجرد البداية»، واستطرد قائلا «إنني أعني، أنه ليس بإمكاني أن أوضح أكثر من ذلك للدول الأخرى حول العالم، إذا ما قامت هذه الدول بتطوير أسلحة دمار شامل لتستخدمها في إرهاب الشعوب، فسوف تتحمل مسؤولية ذلك، وبالنسبة لصدام حسين فمن الضروري أن يسمح بعودة المفتشين إلى بلاده، ليظهروا لنا أنه لا يقوم بتطوير أسلحة دمار شامل». ولدى سؤاله عما يمكن أن يحدث لصدام إذا رفض الإذعان لهذا الطلب، قال بوش «سوف يكتشف ذلك بنفسه». يذكر أنه منذ الحادي عشر من أيلول سبتمبر وبوش يردد باستمرار أن الحرب الامريكية على الإرهاب ستمتد إلى ما هو أبعد من أفغانستان وأن الحكومات التي تساعد الإرهابيين ستعتبر حكومات معادية للولايات المتحدة. غير أن تصريحات بوش «الاثنين» كانت أوضح مؤشر حتى الآن بأن العراق وارد في ذهن بوش عندما يتعلق الأمر بالحرب ضد الارهاب. وجاء مؤشر آخر على جدية الإدارة الامريكية في هذا الشأن، على لسان وزير الخارجية كولين باول الذي كان معروفا عنه قبل أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر أنه يفضل فرض عقوبات أكثر شدة ضد العراق على محاولات الإطاحة بصدام حسين. وقال باول أنه يتعين على صدام أن ينظر إلى تصريح بوش باعتباره «رسالة واقعية تماما وقاطعة». وكان مسئولون آخرون ومن بينهم مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد أطلقوا تصريحات عامة وصفوا فيها دعم العراق للإرهابيين ورغبته في الحصول على أسلحة دمار شامل، بأنه يشكل تهديدا للأمن الامريكي. وكان بوش منذ أصبح رئيسا في يناير الماضي قد تجنب مطالب بعض المحافظين له بمواجهة وتحدي صدام. وقد دعت بعض الأصوات المؤثرة وصاحبة النفوذ في اليمين الامريكي مثل المعلقين ويليام كريستول وروبرت كاجان ومدير المخابرات المركزية السابق جيمس وولسي ومسؤول البنتاجون السابق ريتشادر بيرل، إلى تقديم الدعم السري الامريكي للمعارضة العراقية بهدف الاطاحة بالنظام الحاكم في بغداد. ويبدو الوضع وكأنه سيناريو طبيعي لقصة سياسية يظهر فيها الرئيس الامريكي الحالي على الساحة لينهي ما بدأه والده جورج بوش الاب الذي هزم صدام حسين ولكنه فشل في الاطاحة به. ومنذ الحادي عشر من أيلول سبتمبر وهذه القوى المحافظة تمارس ضغوطا تزداد قوة من أجل تولي أمر صدام بمجرد الفراغ من أمر شبكة القاعدة بزعامة أسامة بن لادن. ويمثل هذه القوى داخل الإدارة الامريكية، كما تقول الانباء، نائب وزير الدفاع باول وولفوويتز، المحسوب على الصقور والذي صرح بأن السياسة الامريكية ترتكز على «إنهاء الدول التي تؤيد الإرهاب». ويبدو أن تصريح بوش بأن الحرب الامريكية ستشمل أي حكومة تحاول تطوير أسلحة دمار شامل «لارهاب الشعوب»، إنما يمهد لمهاجمة العراق.