سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصير العرب المقاتلين إلى جانب الأفغان مؤلم ومستقبلهم غامض الجزيرة تفتح ملف الأفغان العرب
قادة الأفغان العرب 15 جلهم من مصر وتجربتهم لن تتكرر لأن الشباب أخذ العبرة
د. عصام العريان: الأفغان العرب أدخلوا أنفسهم في مشاكل الأفغان السياسية والعرقية فأغرقتهم
* القاهرة مكتب الجزيرة عثمان أنور ريم الحسيني محيي الدين سعيد علي البلهاسي: ما بين التصريحات المعلنة تجاه مصير الأفغان العرب وبين ما يجري على أرض القتال تمضي رحلة الأفغان العرب إلى نهايتها المحتومة، حيث القتل والمطاردة أو السجن والهلاك وهو مايؤكده العديدون. الجزيرة تواصل استطلاعها لآراء نخبة من المفكرين والمحللين السياسيين وخبراء الاستراتيجية. د. إبراهيم درويش أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: الموقف غير واضح حتى الآن فقد اختلفت التصريحات ما بين أنهم سوف يقدمون للمحاكمة في أفغانستان طبقا للقضاء أو لإجراءات يحددها تحالف الشمال، وتصريحات أخرى تحاول أن تلطف من الموقف خاصة بالنسبة للبلاد العربية والإسلامية انهم سوف يسلموا كلاً منهم إلى الدولة التي ينتمي إليها قبل أن ينضموا إلى صفوف حركة طالبان. إنما على أرض الواقع نجد أن هناك تعمداً من قوات التحالف في قتل هؤلاء على أساس أنهم جاءوا إلى بلادهم ومن ثم هم ليسوا أسرى فحسب وإنما يجب إبادتهم وحدث فعلاً أنهم قتلوا كثيراً من الرموز الإرهابية العرب الذين قاتلوا في صفوف طالبان ضد تحالف الشمال. نية القتل ويرى الدكتور أحمد الرشيدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه لو عدنا إلى بداية الحرب لوجدنا التصريحات الأمريكية تصب في اتجاه الانتقام الشديد وخاصة لو نظرنا إلى كلمة الرئيس بوش أمام حشد من الجنود في ولاية كنتاكي أن هناك إرهابيين آخرين يهددون أمريكا وأصدقاءنا ولن نكون آمنين كدولة حتى نقضي على هذه التهديدات ونقوم بضرب الإرهابيين حيثما يختبئون أو يتآمرون، وقد أيده في ذلك وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد وهذا ما يؤكد نية الانتقام للآخرين فما بالنا بالأفغان العرب والأجانب المقاتلين مع صفوف طالبان ومطاردتهم حتى لو هربوا إلى خارج أفغانستان، وخاصة أن أمريكا تؤكد أن تنظيم القاعدة موجود في أكثر من 58 دولة وتقوم على تنفيذ مخططاتها لضرب ما يسمى الإرهاب وشبكاته المقصودة، أيضاً التعمد في الخلط بين الشبكات الإرهابية ومنظمات المقاومة المشروعة ضد الاحتلال، يؤكد أن أمريكا لن تترك الأفغان العرب يعودون إلى بلادهم سالمين، والحقيقة غير القابلة للشك أن الأفغان العرب في مصير مؤلم للغاية حيث لن ترضى أمريكا بتركهم أو حتى تعرضهم لمحاكمة لأن أمريكا تعتقد اعتقاداً جازماً أن هؤلاء الأفغان عندهم أنشطة إرهابية يجب مطاردتهم وقتلهم، فهم مصدر قلاقل مستمرة ويجب القضاء عليهم. جذور المأساة رغم أن الدكتور عصام العريان أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين يقول في البداية إن الأفغان العرب ليس لهم إلا الله وحده في هذه الظروف التي يمرون بها إلا أنه لا يخفى أن هناك بعضا من اللائمة تلقى عليهم ويقول إن القصة بدأت بداية غير سليمة والمفترض أن العاقل قبل أن يضع نفسه في موضع ما أن ينظر كيف سيخرج منه؟ ويستطرد العريان أن هؤلاء الشباب لا يمكن اتهامهم في إخلاصهم وهم ليسوا مرتزقة وقد أحبوا الإسلام والجهاد وجاهدوا بالفعل ضد السوفيت لكن المشكلة الكبرى والكلام ما زال للعريان أنه منذ بداية المشكلة الأفغانية والأفغان أنفسهم يقولون إنهم ليسوا في حاجة إلى رجال ولكنهم في حاجة إلى دعم مادي وسلاح وعتاد وهو ما استجابت له جماعة الاخوان المسلمين ولم يذهبوا إلى هناك لتحقيق مصالح خاصة بهم. ويضيف العريان أن هؤلاء الشباب ورغم إشارات واضحة من الأفغان ارتكبوا عدة سياسات غير سليمة أضرت بهم وبالأفغان أنفسهم وفي مقدمة هذه السياسات أنهم ذهبوا إلى هناك في غير حاجة إليهم وثانيا أنهم أدخلوا أنفسهم في مشاكل الأفغان أنفسهم فطغت عليهم المشاكل القبلية والعرقية الموجودة في أفغانستان وأصبحوا محسوبين على هذا الفصيل أو ذاك مما أدى إلى أضرار شديدة بالجانبين. ويشير العريان إلى أنه بعد انتهاء الجهاد الأفغاني ضد السوفيت لم يجد هؤلاء الأفغان العرب سبيلاً للعودة إلى بلادهم أو العودة إلى حياتهم الطبيعية كما كانت قبل الحرب ومن هنا بدأت المشاكل في الظهور، فهم من جهة لم يستطيعوا العودة لبلادهم ليعيشوا كبقية مواطنيها ومن جهة أخرى لم يستطيعوا العيش في أفغانستان نفسها بدون جهاد أو قتال فبدأوا يبحثون عن بلاد أخرى تكون فيها ظروف مشابهة لأفغانستان، بل أخذ بعضهم في إشعال هذه الظروف والمشكلات في بلدان أخرى. ويرى العريان أن أساس المشكلة يرجع إلى عدم قدرة البلاد التي ينتمي إليها هؤلاء على استيعابهم والترحيب بهم وفتح مجالات العيش أمامهم ولو كمتطوعين في جيوش هذه البلاد فكان هناك تخوف في هذه البلدان من عودة هؤلاء الناس الذين كان لديهم أيضاً تخوف من أحكام الإعدام التي تنتظرهم في بلادهم وكل هذا أدى إلى النهاية المأساوية والمحزنة التي شهدها الجميع في أفغانستان. أعداد الأفغان العرب قليلة!! وعلى عكس الكثيرين يرى العريان أن أعداد الأفغان العرب ليست كبيرة وأنها لا تتعدى الألفي شخص، مشيرا إلى أن من كانوا يتطوعون من بلدان إسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا كانوا بالعشرات إلى جانب بضع مئات من مصر والجزائر. وحول وضع الأفغان المصريين ووصولهم إلى مواقع قيادية في تنظيم القاعدة يقول العريان إن هؤلاء خرجوا من مصر وهم شخصيات قيادية ولهم وضعهم الخاص وحساباتهم الخاصة أيضاً وهؤلاء القيادات لا يتعدون الخمسة عشر شخصاً. ويذهب العريان إلى أن الحكومة المصرية تتحمل جانباً كبيرا من المسؤولية من هؤلاء الأفغان المصريين وذلك لأنهم إما سافروا من قبل بتشجيع صريح في عهد الرئيس أنور السادات أو سكوت ضمني عنهم فيما بعد، فكان المفترض أن ينظر في استيعابهم وقبول عودتهم إلى الحياة الطبيعية في مصر بعد ذلك. ويستبعد العريان أن تتكرر تجربة الأفغان العرب ويقول إن التجارب التاريخية لا تتكرر ولا يتم استنساخها لأن الناس تتخذ خبرة وعظة منها. ويشير إلى تجربة سابقة لجماعة الاخوان المسلمين حينما ذهبوا كمجاهدين إلى فلسطين وعادوا من هناك إلى معتقل الهايكستب بعد حدوث نكبة 1948 مؤكدا أن جماعة الاخوان لم يكن تصورها في ذلك الوقت قاصرا على قتال وجهاد بالمعنى الضيق وهو القتال بالسلاح فقط وإنما كان تصورها يتسع ليشمل وجود الجهاد على جميع الفئات ضد الاحتلال الصهيوني لإسرائيل مدللاً على ذلك بعودة الاخوان إلى حياتهم الطبيعية بعد انتهاء هذه التجربة. ويستعبد العريان إمكانية تعرض الأفغان العرب لمحاكمات عادلة ويقول إن الأوامر الأمريكية كانت واضحة في هذا الشأن بإبادة هؤلاء الناس وهو ما ظهر في المذابح التي بدأت ضدهم بالفعل منذ أيام. الموت بلا قضية الدكتور ماهر قابيل رئيس جمعية التحليل السياسية يقول: بداية أنا ضد مصطلح الأفغان العرب وضد استعماله لغرض ليس في صالح الأمة العربية الإسلامية ومحاولات التمييز بين العروبة والإسلام ودق الأسافين بينهم قديمة ولكن الحقيقة ان العروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة هي الحضارة العربية والإسلامية فلا تقدم للعروبة بغير الإسلام، ومصطلح الأفغان العرب أطلق بقصد إدانة العرب الذين تعاونوا مع الشعب الأفغاني ونحن لا نحب أن نقع أسرى المصطلحات الصهيونية والأمريكية التي تصل بفضل الميديا الصهيونية الأمريكية إلى الرأي العام العالمي لذا أعتقد أن العرب الذين تعاملوا مع حركة التحرير الأفغانية وأطلق عليهم اسم العرب الأفغان قد أصبحوا في وضع لا يحسدون عليه نتيجة الأزمة الراهنة وأصبحوا في مأزق حقيقي بين مطرقة العدوان الأمريكي وسندان المواجهة الدامي بين قوات طالبان المهزومة وتحالف الشمال المتقدم. وأعتقد أن المخرج الوحيد للأفغان العرب مرهون بإرادة الأطراف المنتصرة في الصراع الحالي لكن علينا ألا نترك أنفسنا رهنا لإرادة آخرين وقد وضع العرب الأفغان أنفسهم في هذا المصير أو بالأصح تحول مصيرهم بعد الجهاد في أفغانستان ضد العدو السوفيتي ثم انخرطوا في الصراعات، لكن كان عليهم أن يدركوا أن اللحظة المناسبة بعد الانتصارات التي حققوها هناك أن ينزلوا من على المسرح الأفغاني ولا يكونوا في صدارة الصراعات التي لا تخصهم من بعيد أو قريب، كما أرى أنه على الدول العربية مراجعة هذه التجربة والعمل والسعي لعودة هؤلاء العرب إلى بلادهم وإعادة انخراطهم في مجتمعهم بصورة سليمة، وعلينا أن نتعلم من هذه التجربة أن الحرب بلا هدف والموت بلا قضية هي من العبث والفوضى. الأفغان العرب مغضوب عليهم!! الشيخ فوزي الزفزافي رئيس لجنة حوار الأديان بالأزهر الشريف يرى أن الأفغان العرب ليس عليهم حق العقاب من قبل أمريكاوبريطانيا وحتى الشعب الأفغاني نفسه لا يحق لأمريكا عقابه فإذا كانت أمريكا ترى أن سبب الأحداث التي حدثت لها في 11 سبتمبر شخص أو عدة أشخاص فيجب أن تقوم بمعاقبتهم فقط وليس عقاب بلد بأكمله، أما الأفغان العرب فهم في موضع الآن لا يحسدون عليه حيث يواجهون مصيرا مؤلما وقاسياً وأرى أنه يجب فتح باب التوبة لهم والعودة إلى بلادهم ومحاولة إدماجهم في المجتمع مرة أخرى. أما في حالة أسرهم فيجب معاملتهم معاملة حسنة كما ينص شرع الله ومحاولة إصلاحهم وتهذيبهم ولا يحق قتلهم. وهناك قاعدة عامة تقول لا تزر وازرة وزر أخرى فالشعب الأفغاني والأفغان العرب والأجانب ليس لهم في هذه الحرب وهم يخوضونها من أجل حماية أنفسهم والدفاع عنها وقد سبق وقلت في بداية الحرب أنني كنت أتمنى أن يظهر أسامة بن لادن ويعلن تسليم نفسه لأنه كان سيثبت براءته ويجنب الأفغان ويلات هذه الحرب، وعلى أمريكا أن تتفهم الدليل وإذا كان في تقدير الغرب أن أسامة بن لادن قد ارتكب هذه الحوادث يكون العدل أن نأتي به ولكن ليس بعقاب الأفغان جميعاً. ويضيف الشيخ فوزي الزفزافي أن الأفغان العرب هم المغضوب عليهم في هذه الحرب وأمريكا أظهرت نيتها السيئة تجاههم وقد عبرت عن ذلك أثناء زيارة الوزير الأمريكي المفوض خلال زيارته لمشيخة الأزهر فقلت له إن أمريكا بها ازدواجية في المعايير وتكيل بمكيالين لأنها لا تريد رأس شخص واحد بل تريد القضاء على كل ما هو عربي وإسلامي في هذا البلد الذي يمثل موقعاً هاماً لها، كما قلت له كيف لرئيس وزراء بريطانيا أن يسخر قوى بريطانيا لفعل ذلك وكان الأحرى أن يتوجه هذا الغضب الى إسرائيل وغضب الوزير المفوض الأمريكي من حديثي. وهنا أكرر وأعيد القول إن النوايات الحقيقية للغرب قد تكشفت تجاه العرب والمسلمين وقضية الأفغان العرب دليل من دلائل كثيرة على ذلك. قتل غير مشروع الدكتور هشام صادق أستاذ القانون الدولي يقول إن الحرب التي تشنها أمريكا في أفغانستان بصفة عامة تتم تحت راية محاربة الإرهاب في إطار المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة للدفاع الشرعي عن النفس والمفروض طبقاً للقانون أن يوجب الدفاع نحو مرتكب الفعل ورغم إعلان أمريكا مسؤوليّة ابن لادن وتنظيم القاعدة بما فيهم الأفغان العرب عن الأحداث الأخيرة في 11 سبتمبر إلا أنه لا يوجد دليل واضح على ذلك وطبقاً للقانون الدولي لا تكفي إعلان المسؤولية بل يجب وجود دلائل واضحة وثابتة. وفيما يتعلق باتجاه النية لتصفية الأفغان العرب المحاصرين ضمن قوات طالبان يؤكد الدكتور هشام صادق أن القانون الدولي يمنع بشدة عمليات إبادة المدنيين وأضاف : عملية إبادة المدنيين عن طريق قوات مسلحة فيها خلاف في القانون الدولي بين اتجاهين الأول يقول إنه عندما يتم التدخل بقوات مسلحة وبحق مشروع من الجائز أن تكون هناك عمليات إبادة لبعض المدنيين أما إذا تم التدخل بدون حق مشروع فتكون أي عمليات إبادة مخالفة للقانون الدولي لأن التدخل نفسه مخالف للقانون من الأساس. والاتجاه الثاني في القانون الدولي يحرم عمليات الإبادة بجميع أنواعها وفي كل الأحوال. وإذا اعتبرنا أن أمريكا دخلت أفغانستان بحق مشروع وهو أمر لم يفصل فيه من الناحية القانونية وإذا اعتبرت أن من حقها أن تقوم ببعض عمليات الإبادة فإنها ستواجه إشكالية الإبادة العنصرية لأنها في هذه الحالة تقتصر على الأفغان العرب وحدهم، كما أن سلوك أمريكا مثل هذا الاتجاه يعبر عن سياسة الكيل بمكيالين التي تطبقها في معظم الشؤون الخارجية بينما هي تحلل ذلك لنفسها في أفغانستان فهي تقف بشدة وتندد بقتل مدني إسرائيلي واحد، بينما هو حق مشروع للفلسطينيين لتحرير أراضيهم يكفله القانون الدولي وينتهي الدكتور هشام إلى أن أي عمليات إبادة تقوم بها أمريكا أو قوات التحالف الشمالي ضد الأفغان العرب ستكون مخالفة للقانون الدولي لأن القانون يحرم ذلك ولأن حربهم ضد الأفغان غير مشروعة ولا تستند إلى دلائل إدانة واضحة. ويشدد الدكتور هشام صادق على ان الاتفاقيات والقوانين الدولية تؤكد حسن معاملة الأسرى وعدم الاعتداء عليهم أو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية معهم وهذا ما أقرته اتفاقية جنيف الدولية وما يجب أن تلتزم به أمريكا. الأفغان المصريون محمد صلاح المتخصص في شؤون الأصوليين المصريين يقول إن قصة الأفغان المصريين بدأت في السبعينات وبالتحديد في عام 1979 وهي ظاهرة بدأت بمباركة من الرئيس السادات تحت توجيه أمريكا التي كان يهمها اندحار السوفيت ولذلك حثت الدول العربية ذات العلاقة بها لإرسال مجاهدين إلى أفغانستان لمحاربة الشيوعية التي يمثلها الاتحاد السوفيتي المحتل لأفغانستان وقد هيأت الظروف السياسية وقتها لزحف أعداد كبيرة منهم إلى أفغانستان لنصرة الشعب الأفغاني. وتمثل الزحف المصري إلى أفغانستان في سفر جماعات من الاخوان المسلمين والجهاد وكان الاتفاق بين التلمساني والسادات على أن يقتصر نشاط هؤلاء في أفغانستان على العمل الإغاثي والمساعدات الإنسانية ولكن بعد مقتل السادات تطورت الأمور خاصة بعد دخول الجهاد إلى الساحة وبداية مشاركتهم في نشاط الأفغان العرب هناك. وكان هناك مكتب لخدمات المجاهدين بقيادة الشيخ عبدالله عزام وهو رجل فلسطيني وهب حياته للجهاد مع بداية الحرب في أفغانستان وكان المكتب مفتوح للكل ولتلقي وتقديم الدعم المادي والعسكري للمجاهدين. وفي مرحلة لاحقة بدأ الجهاديون في السفر إلى أفغانستان وعلى رأسهم الدكتور أيمن الظواهري عام 1985م والذي التقى بأسامة بن لادن هناك وعمل في مستشفى الهلال الأحمر في بيشاور وأقام دارا في بيشاور لاستقبال أعداد المهاجرين إلى أفغانستان من المصريين. وإلى جانب الاخوان والجهاديين كان هناك مجموعة من المصريين الذين لا ينتمون إلى أي من الجماعتين ولكن سيطرت عليهم فكرة الجهاد والحرب ضد الشيوعية ونصرة الشعب الأفغاني كما سافرت أيضا مجموعة من الجماعة الإسلامية وعلى رأسهم محمد شوقي الإسلامبولي وطلعت فؤاد قاسم وبعدهم الشيخ عمر عبدالرحمن. وفي المرحلة اللاحقة حدث استقطاب بين الظواهري وجماعة الجهاد وبين الفصائل الأخرى وأقاموا دوراً لضيافتهم في بيشاور ومعسكرات تدريب لإعدادهم للمشاركة في الحرب ضد السوفيت إلى جانب الأفغان. وقد توطدت العلاقة أكثر بين الظواهري وابن لادن بعد ذلك أثناء وجودهم في السودان في الفترة من 1993 إلى 1996م ومعهم عناصر أخرى من الجماعة الإسلامية وعندما عادوا إلى أفغانستان كان حركة طالبان قد ظهرت عام 1994م بقيادة الملا عمر وبدأوا في مقاومة قطاع الطرق ولذلك رحب بهم الناس للحفاظ على الأمن وبدأ رؤساء القبائل يبايعونهم إلى أن سيطروا على 95% من أراضي أفغانستان. وبعد عودة أسامة بن لادن والظواهري والعناصر التي معهم من السودان إلى أفغانستان بعد تزايد الضغوط الدولية على السودان لإخراجهم وطردهم منها بعد الاشتباه في تورطهم في محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا حدث تحالف بينهم وبين جماعة طالبان على أن تأويهم طالبان وتدافع عنهم وتوفر لهم الامكانات مقابل الاستفادة من أموال أسامة بن لادن وأعداد المجاهدين الموجودين معه. مأزق الخروج والعولمة الأمنية وعن موقف الأفغان العرب الحالي في أفغانستان يقول محمد صلاح إن الموقف الآن يختلف عما كان عليه بعد حرب الروس حيث كان توجد أماكن أخرى مثل البوسنة والشيشان والسودان ليتوجهوا إليها والآن كل الطرق مغلقة في وجوههم وتحاصرهم عولمة أمنية في كل دول العالم وخروجهم من أفغانستان في الأصل ليس سهلاً بعد ما تمارسه ضدهم قوات التحالف من قتل وتنكيل.. كما أن الأمريكيين يريدون القبض على رموزهم للتحقيق معهم ومعرفة أسس تنظيم القاعدة وشبكاتهم الممتدة عبر دول العالم. ويؤكد صلاح على أن خطورة تنظيم القاعدة تكمن في الموجودين منهم في الخارج وعددهم بالآلاف وليست المشكلة في المحاصرين حالياً في أفغانستان وإنما في الشبكات الخارجية لهم الممتدة في العديد من دول العالم والتي سترتب لأعمال انتقامية جديدة. وعن موقف الحكومات العربية من عودة الأفغان العرب أشار صلاح إلى أن بعض الحكومات العربية تريد عودة رعاياها من الأفغان العرب لمعرفة بعض المعلومات والأسرار والمخططات والأماكن الموجودين فيها في أوروبا وغيرها من دول العالم. ويؤكد محمد صلاح على أن عودة الأفغان العرب لا تتوقف في الأساس على رغبة أو عدم رغبة الدول العربية ولكن على رغبة أمريكا وسياستها في هذا الشأن ولو قدر لهم الخروج من أفغانستان فلن يكون إلا بأعداد قليلة جداً وهؤلاء قد يتوجهون إلى بعض المناطق مثل الشيشان ولكن خروجهم أساسا هو المشكلة والمعضلة. وحول مدى ارتباط الإجراءات الأمنية الأخيرة التي شهدتها مصر والقضايا المنظورة أمام القضاء لتنظيمات وجماعات إسلامية ومتطرفة بما يحدث في أفغانستان أشار صلاح إلى أن هناك ثلاث قضايا منظورة في مصر أمام القضاء بهذا الشأن أحدها متهم فيها 70 شخصا لارتكاب أحداث وأعمال إرهابية في الفترة من 94 1996 أي قبل الأحداث الأخيرة والثانية فيها 22 شخصا من الاخوان المسلمين وليس لهم علاقة بالأحداث أيضاً، أما القضية الثالثة والخاصة بتنظيم الوعد فرغم أن القبض عليهم قد تم في مايو الماضي أي قبل الأحداث إلا أنه قد تكون محاكمتهم أمام محكمة عسكرية نتيجة لتأثير الأحداث الأخيرة. وأشار إلى أن العنف قد توقف بالفعل في مصر منذ عدة سنوات ولم تعد هناك نشاطات إرهابية أو أعمال تخريبية للجماعات الإسلامية الموجودة في مصر بعد أن شددت الحكومة الرقابة عليهم.