وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    مؤتمر ومعرض دولي للتمور    أمير منطقة تبوك يستقبل وزير البلديات والإسكان ويستعرضان المشاريع    أمين عام التحالف الإسلامي يستقبل وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    "ماونتن ڤيو" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب العالمي 2024" بإطلاق أول مشروع لها بالرياض ونجاح يُعزز حضورها الباهر    السعودية وعُمان.. أنموذج للتكامل والترابط وعلاقات تاريخية وطيدة    أرامكو السعودية و"سينوبك" و "فوجيان للبتروكيميائيات" تضع حجر الأساس لمشروع جديد للتكرير والبتروكيميائيات في الصين    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    أعاصير تضرب المركب الألماني    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل الأفغان العرب.. بين الموت والأسر
الجزيرة تفتح ملف الأفغان العرب العرب الأفغان.. تجربة مريرة وتكرارها مرهون بضرورة استيعابها

ما بين السيف والجدار يقف الأفغان العرب يواجهون مصيراً مؤلما لا حيلة لهم غير انتظار النهاية، ورغم أن مستقبل أفغانستان كلها يحيطه الغموض من كل جانب إلا أن مصير الأفغان العرب كما يؤكد العديد من المفكرين والمحللين السياسين هو أقرب للوضوح حيث لا خيار أمامهم سوى الموت أو السجن والتعذيب.
ولأنه في الحروب يوجد خاسر وثمة منتصر إلا أنه في حرب أفغانستان الجميع خاسر ومنذ أن بدأت الحرب واستمرت وتوالت انهيارات طالبان تأكد للجميع هذه الحقيقة كما تأكد ان الأفغان العرب هم أولى الضحايا ومصيرهم من أوائل المصائر التي تحدد.. عن المصير والمآل الذي وصل إليه الأفغان العرب ودلالة تجربتهم والدروس المستفادة من تجربة الأفغان العرب استطلعت الجزيرة آراء نخبة من المحللين والمفكرين وخبراء السياسة حول هذه التساؤلات.
المصير القاسي
الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون العربية، مجلس الشعب يقول: في تقديري ان مصير الأفغان العرب يتحدد على مستويين مستوى داخلي حيث المواجهة العسكرية الدائرة حالياً، ومستوى خارج حدود أفغانستان مرتبط بالدول والحكومات العربية، أما على مستوى المواجهات العسكرية داخل أفغانستان فيرتبط مصير الأفغان العرب بمصير حركة طالبان كلها حيث المواجهات الدامية وعمليات القتل أو الاستسلام وحتى في حال الاستسلام سيواجه الأفغان العرب المقاتلون في صفوف طالبان والمحاصرون حالياً مصيراً سيئا حيث التعذيب والتنكيل وخاصة في ظل التصريحات التي أدلى بها قادة التحالف الشمالي مؤخراً من أنه سيتم شن هجوم شامل على قندوز في حالة إخفاق المحادثات في النهاية وأشاروا إلى أنهم لن يسمحوا لأي مقاتلين أجانب يحاربون في صفوف طالبان بالخروج سالمين، وهذا يظهر نية قوات تحالف الشمال في عدم خروج المقاتلين الأفغان العرب سالمين ويؤكد المصير المأساوي الذي ينتظر الأفغان العرب، أما على المستوى الخارجي وهو دور البلدان العربية الموطن الأصلي للأفغان العرب فأعتقد أنه لا يوجد ثمة دور لأن هذه البلدان لا ترحب حالياً بعودتهم وان كنت أرى ضرورة فتح حوار متواصل لإمكانية عودة الأفغان العرب بعد فتح تحقيق معهم وتجربة الأفغان العرب من التجاري التي تحمل العديد من التأويلات والتغيرات لأنها مرتبطة بفترة من الفترات كانت فيها البلدان لها توجهاتها الخاصة إضافة إلى أن حمية الزود عن الدين والدفاع عنه كان دافعاً للعديد منهم للذهاب إلى أفغانستان أو الشيشان وغيرها وسواء كانت الدوافع تصب لصالح الأمة العربية الإسلامية أو عدم الاستفادة منها فإن هؤلاء الأفغان العرب انخرطوا بشكل كبير في الحياة هناك وتحملوا بعد ذلك معارك لا علاقة لهم بها ودخلوا في تشابكات الفصائل والعناصر الأفغانية الأخرى. وحتى لا تتكرر هذه التجارب مرة أخرى يجب دراستها جيداً والإحاطة بالظروف والملابسات التي واكبتها مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الرؤية البعيدة المدى التي لا تتعارض فيها التفصيلات مع الخطوط العامة والعريضة التي تصب في الصالح العام للبلاد.
مستقبل الأفغان العرب
يقول مصطفى مشهور المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين: بداية إن الأفغان العرب أدوا دوراً جيداً وقت الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وساعدوا على إخراج السوفييت من هذه البلاد، لكن أشيعت حولهم تهم الإرهاب فلم تقبل بلادهم عودتهم إليها فاستمروا في بقائهم في أفغانستان، ويرى مشهور ضرورة عدم إلصاق تهمة الإرهاب التي تروج لها الولايات المتحدة بهؤلاء الناس وان يعودوا لبلادهم ليعيشوا ويستقروا فيها مثل بقية المواطنين العاديين مؤكدين في نفس الوقت ضعف احتمال قبول حكومات بلادهم لعودتهم إليها وذلك لاشتداد حملة مقاومة الإرهاب في هذه البلاد.
ويؤكد مشهور على أن هناك دوراً على الأفغان العرب يتحتم عليهم القيام به وهو إثبات أنهم بعيدون عن الإرهاب وانهم حريصون على استقرار بلادهم وذلك حتى تقبل حكوماتهم بمرور الوقت عودتهم إلى بلادهم.
ويشير إلى أن أهم الدروس المستفادة من تجربة الأفغان العرب تتمثل في ضرورة أن تكون عمليات التطوع المشابهة عن طريق رسمي ولا تترك للتطوير الفردي.
الخبير الأمني اللواء فؤاد علام رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق يؤكد في البداية على استحالة خروج الأفغان العرب من أفغانستان أحياء ويقول إن أمريكا لن تتركهم يخرجون أحياء، كما أنهم لن يستطيعوا أن يستسلموا لها لأن كل الظروف ليست في صالحهم.. موضحاً أن أعداد الأفغان العرب لا تتعدى الألف وخمسمائة شخص.
ويشير إلى أن معظم الدول العربية والإسلامية كانت تدعم عمليات التطوع ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وكانت تدرب المتطوعين وتقدم لهم المال والسلاح وذلك إما مدفوعة من أمريكا أو اعتبارا منها أن ذلك يمثل عملاً إسلامياً، ويخلص من ذلك إلى أن مثل هذه الأمور لا بد وأن تكون منظمة ولا تترك هكذا في «الهواء» وألا تترك الأمور لمثل هؤلاء الأفراد يقودونها في أي اتجاه يريدونه.
ولا يستبعد اللواء فؤاد علام أن تتكرر تجربة الأفغان العرب ويقول إنها بالتأكيد ستتكرر وليس من مسلمين أو عرب فقط وإنما من فصائل أخرى طالما ظل الحق لا يتحقق والظلم يستشري والشعوب والأمم والأفراد غير قادرين على الحصول على حقوقها.
منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية في مصر يقول بداية إن التطورات المتلاحقة والأنباء تحمل ان هناك أعدادا من الأفغان العرب تم القبض عليهم وأعدادا أخرى تحت الحصار وفي ظل تسارع هذه الأحداث يصعب والكلام للزيات بالتأكيد معرفة ماذا يمكن أن يكون عليه الحال بالنسبة لهم، لكن المجمل هو أن الأفغان العرب عندما تم التضييق عليهم في بلادهم ذهبوا لأفغانستان وحينما ضيق عليهم هناك في الفترة من 1992 1996م ذهب بعضهم لبلاد أوروبية والبعض الآخر لليمن والسودان وغيرها من البلاد الإسلامية، فعندما يضيق عليهم يكون هناك دائما منافذ يخرجون إليها.
ويرى الزيات أن بعض هؤلاء الأفغان العرب يتسلل بطرق فردية لدول مجاورة مثل دول الاتحاد السوفيتي السابق ويكمنون فيها أو يذهبون للقتال في الشيشان والبعض الآخر اما انه سيقاتل حتى يُقتل أو يُقبض عليه ويتم تسليمه لحكومة بلاده.
ويستبعد الزيات عودتهم لبلادهم بإرادتهم وبقبول حكوماتهم إلا في حالة القبض عليهم وتسليمهم لها. ويشير الزيات إلى أن هناك عروضا كانت موجودة منذ عام 1995م وشارك هو شخصياً في تقديم بعضها للحكومة المصرية بأن تصدر عفواً عن الأفغان المصريين وتسمح بعودتهم لبلادهم وعلى الأقل الذين لم تصدر ضدهم أحكام قضائية منهم خاصة وأن كثيرين كانوا يخافون من العودة لمجرد الخوف من التدابير الأمنية مشيرا إلى أن هذه الخطوة لم تحدث في ظل غياب السفارات التي تعالج مثل هذه المسائل هناك وتتواصل مع المصريين أو العرب الموجودين في أفغانستان.
ويرى الزيات أن مسألة الأفغان العرب تحتاج لقرار شجاع بعودة من لم يثبت تورطه ولم تصدر ضده أحكام قضائية مؤكدا أن هذا ربما يكون حلا مناسبا لمشكلة الأفغان العرب وطالب الحكومات العربية بأن تفتح صفحة جديدة ليعود هؤلاء إلى أوطانهم ويصبحوا مواطنين طبيعيين.
ويشير الزيات إلى أن تجربة الأفغان العرب تحمل تراثا أو أدبيات وفقه أطلق عليه البعض فقه «العنف» وأسماه البعض الآخر فقه «الحرب» أو فقه الأفغان العرب وهو فقه موجود وتم تقنينه من قبل شيوخهم وقياداتهم مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وهناك أبحاث وكتابات أرخت وأوجدت حالة للأفغان العرب مؤكدا أنه إذا لم يتم النظر لهذه المشكلة من وجوه مختلفة لمعالجة أسباب وجودها فهي ستكون قابلة للتكرار ولو بعد حين مشيرا إلى أن من أسباب وجودها التضييق على هؤلاء الناس في بلادهم وترك أعداد كبيرة منهم نهبا للظروف القاسية هناك وأن الحل هو فتح الأبواب والنوافذ والعفو عن هؤلاء الناس.
ويقول السفير عبدالرؤوف الريدي سفير مصر الأسبق في واشنطن في اعتقادي ان مصير العرب الأفغان هوما بين القتل والقتل فلا خيارات أخرى مطروحة أمامهم لأنهم في حال الاستمرار في القتال بدون شك وتبعاً لميزان القوة الحالي وسير العمليات العسكرية هم مقتولون لا محالة وفي حال استسلامهم أو حتى هربهم سيكونون عرضة للمطاردة والسجن والتعذيب والقتل في النهاية، وعلى هذا أرى أن مصيرهم مأساوي، وفي تقديري أرى أنه يجب فتح قضية الأفغان العرب على أوسع نطاق حيث سنكتشف أنهم ليسوا السبب الوحيد في وضعيتهم هذه فإذا كان بعضهم قد سافر عن اقتناع فإن العديد منهم قد سافروا بفعل مؤامرات من سلطات بلادهم في فترة كانت هذه البلدان ترحب بذلك حتى وصل عدد الأفغان العرب ما يقارب 50 ألف شخص دفعهم حبهم للاستشهاد إلى الدخول في معارك لم يفهموا أبعادها جيدا والنتيجة ما شهدناه بما يسمى بالأفغان العرب، بعضهم عاد فحمل السلاح ضد بلاده ودفع الثمن وبعضهم ابتعد عن هذا الطريق ولكنهم قلة، وبعضهم استوطن أفغانستان والشيشان وخاضوا العديد من المعارك هناك ثم دارت عليهم الأيام والآن نجدهم في وضع مأساوي ليس له مثيل، واعتقد أن تجربة الأفغان العرب يجب أن تناقش مناقشة موسعة وتطرح على موائد البحث نظرا لما تحويه من أسرار ومعلومات وحتى يمكن الاستفادة منها وخاصة بعدما تأكد بعد الأحداث الأخيرة أن ما صدرته بعض البلدان العربية يرتد حاليا إليها وأصبح شوكة في ظهرها فيجب أخذ العبرة والخطة والدروس المستفادة حتى لا تتكرر هذه التجربة مرة أخرى، واعتقد أنها لن تتكرر لأن الدرس كان قاسياً ومؤلماً.
الانتقام مستمر
ويؤكد الدكتور محمد سليم العوا رئيس جمعية مصر لحوار الأديان أن مصير الأفغان العرب يرتبط بمصير طالبان بشكل عام غير أن الأفغان العرب سيكونون في صدارة أي نهاية يتعرضون لها لأنه أصبح من الواضح الجلي بعد الأحداث الأخيرة أنه سيتم الانتقام الرهيب من كل ما هو غير أفغاني الأصل وبالذات العرب، وهذا يعود في ظن بعض قادة التحالف الشمالي إلى الدور المعضد والمساند لطالبان وهي في الحكم لمدة خمس سنوات، كما أن مؤشرات الوضع الانتقامي الذي عليه الأفغان العرب قد بدأت بالفعل وهو المتمثل في عمليات الذبح والقتل والتمثيل بالجثث التي أقدمت عليه بعض قوات التحالف الشمالي وبعضهم تعرض للقتل من جراء الضربات الأمريكية الجوية مثل أبو حفص المصري، ولأنهم محاصرون حاليا لا يبقى أمامهم سوى الاستسلام أو الموت، كما أن البعض قد تسمح له الظروف في الهروب إلى الشيشان مثلا. ولكن في النهاية ستتم ملاحقته والتنكيل به وأرى أن مسيرة الأفغان العرب وتجربتهم وقتالهم مع طالبان لها دلالات كثيرة أهمها غياب الأهداف الكبرى للشباب وحسن توجيهه منذ الصغر حتى لا يكون مصيره هذا المصير المؤلم والدموي كما أن الدلالة الكبيرة من هذه التجربة عدم وجود أي مشروعات قومية كبرى في البلدان العربية تستطيع أن تحتوي الشباب وتضمهم في إطار واضح في سياق صالح بلادهم.. وذلك حتى لا تتكرر هذه المأساة مرة أخرى.
ويرى السفير تحسين بشير أن المصير أكثر بشاعة مما نتصور فالأفغان هم الهدف الأول لنيران قوات التحالف أو الضربات الجوية ويستندون في ذلك إلى أن العرب الأفغان هم شرارة الحرب في صفوف طالبان ووراء كافة المصائب التي حلت بسبب انضمامهم لحركة طالبان، وعمليات القتل واستهداف المدنيين منذ البداية كان المؤشر الأول لهذه الحملة فقد كان التعمد في قتل المدنيين والأطفال منذ بداية الهجوم دليلاً على أنه لا يوجد أحد خارج مرمى النيران وكانت عمليات القتل بفعل القنابل الذكية التي لا تخطئ أهدافها وسياسة واشنطن أو تحالف الشمال هي الإبادة وكانت الصورة أكثر بشاعة في قرية «قدام» التي تبعد عن جلال أباد 40 كيلو مترا وهي تزخر بالأفغان العرب وهذه القرية تعرضت لمجزرة.. هذه هي مؤشرات مصير الأفغان العرب.
أما عن الدلالات والدروس المستفادة فتكمن في أن بعض البلدان العربية التي خرج منها الأفغان العرب تأكد أنها لا تملك أي خطط أو استراتيجيات مستقبلية وسقطت في تحالفات تكتيكية وفق حسابات اللحظة الراهنة وتحتاج هذه البلدان لمراجعة في ذلك السياق، كما أننا سقطنا في التفكير الأمريكي البراجماتي، وعلينا كعرب أن نضع رؤيتنا دائما للمدى البعيد وحيث تتوافق تحركاتنا أو خطوتنا التكتيكية مع استراتيجيتنا حتى لا تتكرر المآسي مرة أخرى.
ومن ناحية يرى الدكتور رفعت السعيد أن المصير قاس مؤلم لأنها تجربة مريرة بدأت في ظل ظروف وأحوال غير ملائمة حيث الانسياق وراء أفكار كبرى دون تأمل أو تمعن في هذه الأفكار والمصير الذي يواجهه الأفغان العرب هو الموت أو السجن والتعذيب لأنهم في صدارة وطليعة المقاتلين الذين يؤججون نار الحروب هناك وليست قوات الشمال غافلة عن ذلك ولهذا فإن المصير مؤلم وقاس وهذه التجربة بلا شك تحتاج لإعادة نظر في مفهوم ما يسمى الانسياق الجماعي وراء فكرة غير محددة أو واضحة وفي ظل غياب الاستراتيجية فقد كان نزوح العرب إلى أفغانستان في فترة السبعينيات ليصدو ما يسمى بالغزو السوفيتي وتم ذلك بمؤامرة كبيرة تدخلت فيها المخابرات الأمريكية مع مخابرات عدة دول عربية ولكن سرعان ما تكشفت هذه المؤامرة بالاحتكاك المباشر هناك والمعارك التي خاضوها في أفغانستان وارتدت السهام إلى صانعيها حيث عانت البلدان من القلاقل التي أحدثها هؤلاء الذين نزحوا بعيدا غير أن الأحداث الحالية لن تترك لهم أي خيارات أخرى غير الاستسلام أو الموت وأعتقد أن الدول العربية لا ترحب بعودتهم مرة أخرى تحت أي مسمى فهذه الحالة تختلف عن التائبين من الجماعات الإسلامية الذين تم إلقاء القبض عليهم داخل مصر، كذلك فمصير الأفغان العرب هو القتل أو الهروب والضياع نحو الشتات.
فتح نافذة
ويؤكد الدكتور عمر الشوبكي: في ظل الوضع الحالي والتطورات التي نشهدها يومياً أعتقد أن وضعية الأفغان العرب في غاية السوء فليس أمامهم غير الموت أو طريق المحاكمات والسجون والتعذيب في حال تسليمهم ولا أبالغ القول إذا قلت أن مصير الأفغان العرب أسوأ من مصير أي فصيل أفغاني في الحرب فهم في فوهة البندقية كما يقولون وهم الهدف الأول مع العناصر المتشددة الأفغانية للضربات الأمريكية ولتنكيل قوات التحالف نظرا للصورة المأخوذة عنهم بالتشدد وقيادة الصفوف في القتال وبالتالي أصبح وضعهم سيئا للغاية وأمامهم خيار الموت أو الموت أيضاً.
وأعتقد أنه ليس هناك حلاً لهم غير محاولات فتح نافذة لهم للعودة والتوبة والتراجع حيث يمكنهم العودة إلى بلادهم الأصلية في حال إذا كانوا لم يرتكبوا جرائم في بلادهم ويحاكمون بسببها، ويجب بذل الجهود لفتح باب العودة والتراجع حيث يوجد الكثير من هؤلاء ذهبوا بنية حسنة لمحاربة العدوان السوفيتي في الثّمانينات وانخرطوا هناك في تفاصيل الحياة وتفاصيل المعارك التي مرت بها أفغانستان، وعلى ذلك أرى ضرورة فتح باب العودة لهم وأنا من أنصار ذلك لضمان أرواحهم وعدم ارتكاب مذابح جديدة في حقهم وأيضا لعدم تحويلهم لأبطال في العنف.
وعن دلالات تجربة الأفغان العرب يقول إن أبرز دلالة يمكن استنتاجها من تجربة الأفغان العرب هي عدم وجود استراتيجية لدينا فهؤلاء قد تم دفعهم أو حثهم أو المساعدة بطرق غير مباشرة لهذه المنطقة في وقت من الأوقات دون أن يكون لدى بلادهم استراتيجية واضحة وذلك لمواجهة خصم كان في هذا الوقت ليس خصما مباشرا وهذا يؤدي بنا للتوجس والحذر وتضع حساباتنا وفق استراتيجية تتجاوز حسابات اللحظة الآنية حتى نضمن عدم تكرار مثل هذه التجارب والأوضاع المأساوية.
ويرى الدكتور سيد الدقاق عميد كلية حقوق الإسكندرية على الأمم المتحدة التدخل لوقف عمليات القتل لهؤلاء وعليها حمايتهم وفتح النوافذ لهم حتى يعودوا إلى بلادهم سالمين على أن تقوم بلادهم بمحاكمتهم إذا كان فيهم مجرمون أجرموا في حق بلادهم أو إعادة تأهيلهم مرة أخرى للعودة إلى الحياة الطبيعية في بلدانهم، وعلى المجتمع الدولي التدخل لوقف المذابح والمجازر الدامية التي يتعرض لها العرب الأفغان ووقف مطارداتهم وملاحقتهم في المدن التي أصبحت السيطرة عليها لقوات التحالف الشمالي وعدم معاملتهم بصورة غير إنسانية والحيلولة دون قتلهم والفتك بهم وإنقاذهم وخاصة أن معظم المدن الباشتونية قامت بطرد الأفغان العرب منها، وعلى ذلك أرى ضرورة الإحجام عن الممارسات الانتقامية والالتزام بحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي فالدائرة ستدور على الأفغان العرب دون غيرهم وإن لم تكن قد دارت بالفعل فكافة العرقيات في أفغانستان لا يستطيع أحد منها ادعاء الأغلبية المطلقة ومع أن الباشتون يمثلون أغلبية إلى حد ما إلا أن الأقليات الأخرى كالطاجيك والأوزبك والشيعة والتركمان تتمتع بنفوذ سياسي وقبلي خاصة في الشمال الأفغاني وطالبان في ظل هذا الوضع لا تعد عرقا أفغانيا فهي مجرد حركة انضمّ إليها المقاتلون العرب والباكستانيون لذا قامت قوات التحالف الشمالي بتوجيه الضربات الانتقامية عندما سمحت لها وضعية الحرب أن توجه انتقامها بالأخص إلى الأفغان العرب، وقد كان قيام حركة طالبان عام 1994م على يد باكستان لأول مرة حينما استعانت بهم لحماية قوافلها لفتح طريق تجاري بين باكستان ووسط آسيا ولفت الانتباه إليها وتدربوا وخاضوا عدة معارك وانضم إليها هؤلاء برضاء بلدانهم للتصدي للعدو السوفيتي واستمرت المعارك حتى وصلنا إلى المعركة الحالية، ولأن الأفغان العرب في وضع صعب فيجب التدخل لإنقاذهم من موت محقق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.