رحبت فعاليات بحرينية وخليجية بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى تجاوز مرحلة التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، مؤكدين أن هذا الاتحاد سيمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ شعوب منطقة الخليج ومحيطها الإقليمي، بما يحققه من نقلة نوعية في النواحي المعيشية والأمنية. وقالوا : إن الاتحاد الخليجي سيحمي دول التعاون من المخاطر ويدفعها للاستقرار، وسيجعل منها قوة مؤثرة في مواجهة العالم الخارجي وإن الأجواء مهيأة الآن لقيام الوحدة الخليجية أكثر من أي وقت. وأكدوا في استطلاع أجرته جريدة الوطن البحرينية أن تصريحات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى عقب وصوله الرياض أمس جاءت متسقة تماماً مع ما قاله خادم الحرمين الشريفين، إذ إن الترابط الخليجي ضرورة حتمية لتحقيق الأمن والاستقرار، كما ان التكامل الاقتصادي بين دول التعاون لا مفر منه، خاصة أن جلالته أكد أهمية تدارك السلبيات والإصلاح الحقيقي قبل حدوث أي خطر. من جانبه، أشاد المحلل السياسي عبد الله الجنيد بجدية طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في عملية نقل الوضع من خانة الأمنيات إلى واقع يعاش، وأوضح أن العائلة المالكة السعودية شكلت مفاصل نوعية على المستوى الخليجي والعربي والإسلامي، إذ إن التاريخ يؤكد الدور السعودي البارز في التحديات والأحداث التي أثبت فيها صدق موقفها كالتصدي للغزو العراقي للكويت وغيره. وأوضح الجنيد أن الملك عبد الله يعد مجدداً وقائداً غير عادي، حيث إنه لم يتوان عن اتخاذ القرارات المصيرية والصعبة منذ أن كان ولياً للعهد، وحينما تولى الحكم بدأ بحل أبرز الملفات العالقة والساخنة التي شغلت جميع قادة دول الخليج العربية، ومنها على سبيل المثال القضايا الحدودية التي نتجت عن خروج المستعمر من الخليج. وأشار المحلل السياسي إلى أنه على صعيد طرح الكونفدرالية الخليجية، فقد برز هاجس الأمن كتهديد مباشر شغل الدول الخليجية بأسرها، وبما أن قادة دول المجلس لهم تجربتهم الخاصة ودرايتهم التامة ويتشاركون دائماً في التوجه ولديهم القدرة على الدفاع عن الكيان الخليجي ككل، لذلك فإن تلك المنظومة السياسية تعتبر من أفضل الأمثلة في قدرتها على التفاعل مع قضايا دول مجلس التعاون الخليجي والدفاع عن قراراتها مع الحفاظ على استقلاليتها،وهذا اتضح جلياً بنشر قوات درع الجزيرة على أرض مملكة البحرين لحماية البنية الأساسية وحماية المنشآت الحيوية خلال الأحداث المؤسفة. وأكد الجنيد أن الأولوية الآن هي ارتكاز الأمن الدفاعي على قضية أكبر وأشمل وهي الأمن القومي لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك يتطلب توعية المواطن بمسؤوليته الكلية تجاه وطنه، وهو ما يتضح حينما يكون مساهماً في صنع القرار مما سيضمن ويحقق لنا الأمن الاستراتيجي. وأكد الجنيد أنه على ثقة بقادة دول مجلس التعاون الذين لا شك في أنهم اتخذوا قراراً بشأن هذا الاتحاد قبل انعقاد القمة، وطلب خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد سيسعدهم فهم يقيمون له حقه، مشيراً إلى أنهم باتوا يعون قيمة التكامل على جميع الأصعدة، فجميعهم من الكفاءة بمكان لدعم تلك المنظومة بتفعيل وإدارة متميزة. من جهته، أوضح المحلل السياسي الدكتور رائد الجودر أن السعودية تعد أكبر دولة في مجلس التعاون الخليجي ولها ثقلها في المنطقة العربية ككل، وما بدر منها من التأكيد على وجوب الاتحاد له وزنه، فهي ليست مجرد دعوة وإنما لها توابع ستكمّلها. وأشار إلى أن هناك العديد من المشروعات في الخليج العربي، إلا أن تلك الدول بكياناتها الصغيرة لن يُسمح لها بمواجهة الهيمنة الفارسية أو الصهيونية التي تهدف لضرب الكيان العربي ككل، وفي ظل وجود تكتل خليجي واحد ينتج عنه وزارة خارجية موحدة وشأن دفاعي واحد، سيصبح لتلك الدول توازن يمنع باقي دول في المنطقة من الاستئثار بها. وبيّن الجودر أن هناك عدة أوجه للتكامل الخليجي، حيث إن بعض تلك الدول تملك الموارد المالية والعمق الاستراتيجي كالسعودية، والبعض يملك رأس المال البشري والخبرات كالبحرين، وهناك من يملك استقطاعات واستثمارات ضخمة كالكويت، ولذلك فإن مجالات التكامل كثيرة وتشمل الجوانب الاقتصادية، والعسكرية، والشؤون الخارجية وغيرها، ووجود تلك الدول تحت مظلة منظومة موحدة يمنعهم من التعرض للمؤامرات الخارجية كما حدث في البحرين، حين اعتبرت دول الخليج العربي أن حدودها الجغرافية تتمثل في المنظومة الكلية ولا تقف عند الحدود الداخلية بين الدول وبعضها البعض، فأي مشكلة في الإقليم الخليجي سيؤثر بالطبع على البقية، وهذا ما لا يمكن أن يحدث ضمن وجودهم في منظومة متماسكة، مضيفاً أن الشعوب الخليجية لديها نوع من التداخل في النسب والمصاهرة، ولذلك فإن مقومات الوحدة موجودة ولا ينقصها سوى القرار السياسي. وأضاف المحلل السياسي أن دراسات البحرين حتى عام 2010 التي أجريت على التعداد السكاني أوضحت أن نسبة المواطنين أقل من العمالة الوافدة، وهذا ما تعاني منه معظم دول الخليج، وأكد أن وجودهم في كيان واحد وتبادلهم لعوامل القوى سيقلل من خطر العمالة الوافدة وضياع الهوية الخليجية، فبقاء تلك الدول في عزلة عن بعضها البعض سيغير من نمطها الذي نشأت عليه. وأكد أن الأولوية القصوى تعتمد على الجانبين السياسي والعسكري اللذين يشكلان تهديداً واضحاً لمجلس التعاون في حال إذا نجحت منظومة الخليج في تحويل تلك الدول إلى كيان مشترك، مع الاحتفاظ بسيادة كل دولة، وتوقيع اتفاقات باسم تلك المنظومة مع الدول التي تشاركها في الرؤى كباكستان وتركيا، وشدد على ضرورة التوحد ضد مشروعات الهيمنة عن طريق وزارة خارجية تمثل تلك المظومة الموحدة وتتفاوض باسمها، مما سيجعل وقعها أقوى بكثير. من جانبه أشار النائب عثمان الريس إلى أن التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون كان يجب أن يتم بشكل أسرع، مؤكداً أن تحسين المستوى الاقتصادي والتعليمي للدول يجعل الشعوب أكثر استقراراً وتماسكاً، مشدداً على أن دول المجلس، هي الأقل تضرراً بالأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة تماسكها. وأضاف الريس إن على مدى السنوات السابقة، صدرت قرارات تصب في مصلحة التكامل الاقتصاد ي الخليجي، مشيراً إلى أن التأخير وعدم تنفيذ للعديد من القرارات، استدعى جلالة الملك المفدى، إلى الإشارة إلى أهميتها، وضرورة أن تكون أحد المحاور الرئيسة المهمة بالنسبة للقرارات التي ستتخذ إلى جانب الموضوعات الأساسية الأخرى . وأوضح أن الاقتصاد اليوم، يشكل عصب التطور والنهضة لأي دولة كانت، كونه يصب في تحسين المستوى المعيشي، ويسهم في تنفيذ المشروعات الأساسية ويخلق فرص عمل جديدة، التي تعتبر من الأسباب الرئيسة لنهضة الدول.