بعد أن تجاوزنا في تتبّعنا لهذا الطريق أحساء الرمة وهي التي اخترنا أنها الزغيبية، لا ننسى ما ذكره لنا صاحب كتاب الطريق وكيع صفحة 272 حين قال: «وفي غربيه بقدر ميلين ماء عذب في أحساء» ويقصد غربي حساء الرمة أي أنّ في غربيي حساء الرمة ماء عذب في منطقة امتدادها ميلان بجهة الغرب أي ما يقارب 3 كيلو مترات ونصف بحساب الميل الأول، أي إلى ما يسمّى الآن بدع جاوان تقريباً وهي تقع فعلاً إلى الغرب من الزغيبية ثم نستطلع ما أورده صاحب كتاب «الطريق» وكيع صفحة 272 - 273 حين يقول: «وأسود العشاريات على اثنتي عشر ميلاً من حساء وبها البريد وهو ظرب أسود على الطريق وقباب خربة وبئر عتيقة ماؤها مالح»، ولو تأمّلنا قول وكيع هذا لوجدنا أنّ البعد المشار إليه (على اثني عشر ميلاً) أي ما يقل عن عشرين كيلاً وهو تقريباً البُعد من أحساء الزغيبية إلى النحيتية وآبارها ومواقعها القديمة التي هي قبل القرية الحديثة بقليل، إذن فالمسافة والسمت ينطبق على النحيتية للمتجه باتجاه المدينة النبوية، والظرب المذكور في نص وكيع كما فسر في كتب اللغة هو الرابية الصغيرة والتي تكثر قرب الموقع. ثم يواصل صاحب كتاب الطريق تبيين معالم طريقنا فيقول صفحة 273: « وبعده بثمانية أميال على ظهر الطريق بئر عذبة الماء وبعدها ... حصه عن يمين الطريق «. وهذه البئر التي عن يمين الطريق لعلها ما أرشدني إليه الأخ: سند العنزي من موقع يحوي على شبه البئر وبعض الآثار وهو بقرب جبل يسمّى أسمر العشار ولعل ذلك الموقع هو الذي أشار إليه المؤلف آنفاً وهو يميل يمنة قليلاً عن سمت الطريق، والمسافات تقرب مما أشار إليه المؤلف عن النحيتية. ثم يواصل المؤلف كلامه عن الطريق فيقول صفحة 273: «وبعدها بأربعة أميال عند البريد ماء وإليه ينسب وهو محصور وفيه بناء وآبار عمق كل بئر عشر قامات وأبيات أعراب من بني مرة بين جبلين ...». وهذا الكلام ينطبق على قرية الغريض التي تقع بين جبال والجبال التي تقع عليها تسمّى لدى الأهالي الآن «وعلة» ولا يفرقون بين الأيمن منها والأيسر وهي تقع على السمت، فهي بذلك ينطبق عليها كلام المؤلف الآنف. الرقم (قديماً) والرقب (حالياً): قال ياقوت في معجم البلدان الجزء الثالث صفحة 58: « رقم بفتح أوله وثانيه موضع بالمدينة» الرقمة بفتح الراء وسكون القاف قال في تهذيب الصحاح الجزء الثاني صفحة 740: «والرقمة: جانب الوادي» فلعل التسمية جاءت من ذلك حيث تقع الرقب (حالياً) وقراها القريبة منها على جوانب الأودية المحيطة بها والتي أشهرها وادي الرقب ويمر طريقنا بها، حيث يقول وكيع صفحة 273 «وبالرقم قصر وسوق ومنازل ونخل كثير وآبار كثيرة الماء عذبة ...». وقد أورد المؤلف في صفحة 273 قبل كلامه عن الرقم نصاً يتضمّن العديد من المواضع حول الرقم يتجه إليها الطريق أو يمر بها وهذه المواضع لم يستظهرها محقق الكتاب لعدم وضوحها في المخطوطة مما جعلها في المطبوعة أيضاً مبهمة، ومما يزيد الطينة بلة أن المؤلف وكيع لم يربطها بأبعاد محددة بل اكتفى بإيرادها وبعض الأوصاف ومنها: قصة الرقم: وأظن أنها ما يسمّى حالياً قسمة الرقب وهي قرية صغيرة بقرب الرقب والموضع الآخر كتب في المطبوعة سي ولعله ما يعرف الآن بأبي سواسي أيضاً قرية قرب الرقب وقرب قرية القسمة المشار إليها آنفاً، ثم ذكر المؤلف أيضاً الخرب وذكر أن فيه بئراً كبيرة غليظة الماء في بطن الوادي وعلى ظهر الطريق، ولعلها قرية الزريبة الغربية والله أعلم. ثم أورد المؤلف كلاً من وادي الناصفة وجبلي حولة (لعله خولة) والرباب والمنطقة غنية بالأودية والجبال ولم يتبين لي موقعها والاسم الحالي لها عند الأهالي. السعد: يقول المؤلف عنه صفحة 274: «وبالسعد قصر ومنازل وسوق وماء عذب» ويقول صفحة 273: «ومن الرقم إلى السعد 24 ميلاً» ويقول صفحة 274: «ومن السعد إلى النخيل 25 ميلاً»، يقول نصر الاسكندري في كتابه « الأمكنة والمياه والجبال والآثار» الجزء الثاني صفحة 57: «أما بفتح السين وسكون العين جبل بينه وبين الكديد ثلاثون ميلاً عنده قصر ومنازل وسوق وماء عذب على جادة طريق كان يسلك من فيد إلى المدينة والكديد على ثلاثة أيام من المدينة «وقد اختار الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - في حاشيته على كتاب نصر الجزء الثاني صفحة 58 أنّ السعد هو مورد الكريزية، ولكن هذا المورد قريب إلى النخيل بما يقارب نصف المسافة المذكورة «25 ميلاً»، كما أنه بعيد جداً عن الرقم (الرقب) رغم أن المسافة المذكورة لدى المؤلف إلى النخيل أكثر منها إلى الرقم. ويوجد في جبال المستجدة آبار وقصر حجري متهدم ينطبق عليه البعد إذا اعتبرنا أن الرقم (الرقب) مجموعة من القرى يشملها اسم الرقم لأنّ الرقم جمع لوصف الرقمة فنختار لتحديد البعد آخرها باتجاه مورد السعد وهي النمارة فيصبح بعدها مناسباً، ويقع إحداثي آبار المستجدة (السعد) على النحو التالي: N25 20.734 E040 41.375 وإحداثي القصر الحجري المتهدم: N25 20.726 E040 41.424 يتبع ....