أشرنا في المقالين السابقين عن أعداء النقد وعن الفيروسات التي تسعى لأمراض الساحة وبث حالة من الخوف والرهاب منه، واليوم سنتحدث عن كيفية مساهمة النقد في الساحة المحلية، واضعين في الاعتبار أن تجربتنا التشكيلية لا زالت قليلة الخبرة في هذا الجانب، لأسباب من أهمها، تأخر حضور النقد مع انطلاقة هذا الفن، مع ما ابتليت به الساحة من أقلام غير (وطنية)، (ليس لها تجربة سابقة في بلدانها)، ولا معرفة بحقيقة ساحتنا التشكيلية، تعلموا النقد في لوحات البسطاء (كما هي الحلاقة في رؤوس اليتامى) أحدثوا بنقدهم ردود فعل ممن يتم انتقاده، استجداء للرضا (ليدفع لهم ما يملأ الجيب ويغض الطرف) كان أحدهم يبلغ بعض من يقابلهم وأمام مسامع من حوله بأنه سيكتب عنهم، يتبعها برسائل جوال ليقرؤوا ما كتب، ما زال بعض هؤلاء بين ظهرانينا ممن فهموا لعبة (ضمان تسيير مداد القلم)، مخلفين ضحالة في ثقافة قبول نقد الأخطاء وتصحيح مسار التجارب، دفعوا بالبعض إلى إدمان سماع الثناء والمديح، فأصبح نصف الساحة مصاباً بنقص في النمو، مقابل ما استفاد منه النصف الآخر من النقد الصادق المؤتمن على واقعنا، وضع له النقاد موقع قدم شاركها فيه كبار التشكيليين المؤسسين بتقييم وتقويم الساحة فنياً وإدارياً، كان الرائد التشكيلي والأديب عبد الجبار اليحيا والراحلان الفنان محمد السليم وعبد الحليم رضوى من السباقين إلى تشجيع النقد والداعمين له، مع ما يقوم به هؤلاء الرواد من توجيه للناشئة (بيت القصيد)، نقد لا يظهر علناً وفقاً للتقاليد والقيم التي نشأ عليها نقادنا ويتقبلها التشكيليون تفادياً لوصفه بأنه إساءة، مع أن الأمر يتعلق بمهنة وعمل فني، قد يفيد فيه النقد المشاع الكثير من منتهجي أو ممارسي الفن، ومع ذلك أخذ النقاد جانب الحذر من التأويل.. (للحديث خاتمة وبقية).