بيروت - منير الحافي - دمشق - نيويورك - وكالات لا تزال الدول العربية منقسمة بدرجة كبيرة بشأن كيفية التعامل مع قمع سوريا للمحتجين بعدما فشلت خطة سلام للجامعة العربية في إنهاء العنف، ولا يوجد احتمال يذكر لنجاح اجتماع مقرر اليوم السبت في رأب الانقسام. ورغم القمع الدامي, خرج آلاف المحتجين في أنحاء سوريا أمس الجمعة للمطالبة بتجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية رداً على استمرار العنف. وقتل تسعة أشخاص أمس خلال مشاركتهم في احتجاجات تطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد. وقال مسؤولون من المقرر أن يحضروا الاجتماع الوزاري أن دولاً عديدة تعارض ممارسة ضغط جدي على الرئيس بشار الأسد ويبدو من المستبعد أن يجمد وزراء الخارجية عضوية سوريا بالجامعة العربية في اجتماعهم بالقاهرة. وإذا عزلت الدول العربية سوريا فسيساعد ذلك أقوى منتقدي الأسد في الغرب على حشد دعم أوسع لعقوبات أشد وربما لشكل ما من أشكال التدخل. وتقود المملكة العربية السعودية مجموعة من دول الخليج بينها قطر وعمان والبحرين مستعدة لزيادة الضغط على الأسد الحليف لمنافستهم إيران. ويقول دبلوماسيون إن هذه الدول تلقى معارضة من أقطار مثل اليمن التي تشهد انتفاضة خاصة بها وأيضاً لبنان الذي تحظى سوريا بنفوذ كبير فيه وكذلك الجزائر التي تعتبر أكثر تعاطفاً مع الأسد، كما أنها قلقة من الرسالة التي سيبعث بها أي تدخل في سوريا إلى مواطنيها المحبطين. ويبدو أن الدماء التي أريقت في شوارع سوريا منذ طرح خطة السلام العربية الأسبوع الماضي لم تفعل شيئاً يذكر لتحويل المزاج لصالح تحرك أشد. وقال دبلوماسي عربي «قد تطلب الجامعة من سوريا السماح لها بمراقبة الوضع بنفسها من خلال ممثلين يرسلون إلى هناك لفترة قصيرة محددة.» وأضاف أن من المستبعد تجميد عضوية سوريا في الجامعة أثناء الاجتماع رغم أن ذلك يحتاج فقط لتأييد أغلبية من الأعضاء. وقال الدبلوماسي: «إذا فشلت المراقبة فيمكن أن تبحث الجامعة تجميد عضوية سوريا أو أن تطلب تدخل الأممالمتحدة لكنها لن تطلب تدخلاً عسكرياً لأن ذلك يجب أن توافق عليه كل الدول الاثنتين والعشرين.» وعلى الصعيد الميداني, خرجت المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري في دمشق وحماة وحمص ودرعا وإدلب ودير الزور, داعين إلى تجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية. وقال نشطاء إن قوات الأمن السورية قتلت تسعة أشخاص أمس الجمعة خلال محاولتهم قمع احتجاجات دعا المشاركون فيها جامعة الدول العربية إلى تعليق عضوية دمشق بها رداً على استمرار العنف. وقال نشطاء مقيمون في حمص إن قوات الأمن قتلت سبعة مدنيين وجندياً منشقاً. وذكرت المنظمة السورية لحقوق الإنسان أن شخصاً آخر قتل في محافظة إدلب الشمالية. وطالب رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون الجامعة العربية أمس الجمعة بتجميد عضوية سورية داعياً الدول الأعضاء إلى «سحب سفرائها من دمشق», حسبما ذكرت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء. كما طالب غليون, الجامعة ب»اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة». من جهتها اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس النظام السوري بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» لما قامت قواته من «تجاوزات» بشكل منهجي ضد المدنيين في قمعها حركة الاحتجاجات منذ ثمانية أشهر. ودعت هيومن رايتس ووتش الجامعة العربية إلى «تعليق عضوية سوريا». والخميس الماضي قتل 30 مدنياً على الأقل و26 جندياً في سوريا مع تكثيف السلطات حملة عسكرية مضى عليها سبعة أشهر لقمع المحتجين المطالبين بالديمقراطية وتزايد الهجمات على قوات الأمن, حسبما ذكر ناشطون. وعلى الحدود اللبنانية السورية, استقبلت منطقة عكار في لبنان الملاصقة للحدود, منذ بدء الثورة السورية, أكثر من 12 ألف لاجئ سورياً أكثر من نصفهم غير مسجلين رسمياً, هربوا من بلادهم خوفاً من القمع. وبلغ عدد اللاجئين بحسب الأرقام الرسمية حوالي خمسة آلاف. لكن نائب عكار معين المرعبي يؤكّد لصحيفة «الجزيرة» أن هناك سبعة آلاف آخرين وأكثر، يرفضون تسجيل أسمائهم لأسباب أمنية خوفاً من عمليات انتقامية يتعرضون لها من قبل قوات الأمن السورية. وأكد المرعبي ل(الجزيرة) أن الحكومة اللبنانية تخلت عن واجبها الإنساني تجاه الوافدين, ومنعت هيئة الأممالمتحدة لحماية اللاجئين من إقامة مخيمات لاستيعابهم. وحتى الآن لم تقدم الدولة اللبنانية أياً من أقل مستلزمات الحياة لهم، سواء من فرش وأغطية، ولباس وإعانات غذائية. والأسوأ أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أوعز الأربعاء الفائت للمستشفيات بمنع استقبال أي من الجرحى السوريين أو حتى المرضى. ورداً على تزايد فرار السوريين من بلادهم, بدأ عدد من الجنود السوريين صباح أمس الجمعة بزرع ألغام جديدة في منطقة محاذية للحدود مع شمال لبنان، حسبما أفاد مسؤول محلي.