تمكن المرض من السيطرة على جسم الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، إلا أنه لم يستطع مُصادرة ابتسامته التي لم تكن لتختفي حتى في أحلك الظروف. كان أكثر الناس معرفة بما ألم به، ورغم ذلك بقي مبتسما متواصلا مع الجميع، لم ينقطع يوماً عن تقديم المساعدات وأعمال البر والإحسان. بعد رحلته العلاجية القاسية، وبالرغم من حاجته إلى الراحة، وتنفيذ الإحتياطات الصحية، أصر على زيارة المصابين من القوات المسلحة، غير آبه بتعاليم الأطباء، وكانت زيارة الوداع لا زيارة الإطمئنان؛ كان يقبل جباه جنوده، بدلاً من أن يقبلوا رأسه، وكأنه طبع على الجيش الذي أحب وعاش عمره في رعايته؛ قبلة الوداع. تواضع لله فرفعه وجعله في قلوب الجميع. أي حب حمله قلب سلطان، الذي وسع العالم كله، ففاض رحمة وإحساناً ونقاء وصفاء. أُطلِقَ عليه اسم سلطان الخير، لمساهماته الجليلة في أعمال الخير وزخمه الإنساني الذي إستحوذ على جل علاقاته بالمواطنين. مساهمات الأمير سلطان الإنسانية تجاوزت الحدود فوصل ريعها وعطائها الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية ودول العالم. نهر متدفق من العطاء الإنساني صب في قناة الضعفاء والمحتاجين، أفراداً وجماعات ودولاً. الأمير سلطان طور العمل الإنساني الفردي إلى العمل المؤسسي من خلال إنشائه مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، وهي إحدى المؤسسات الرائدة في العمل الخيري المنظم التي تعتمد في تقديم خدماتها على حاجات المجتمع المتنوعة وفق منهجية علمية متخصصة. خَطط لها البقاء والاستدامة في أعمال الخير، وإن رحل، لتكون رافداً للخير، ونهراً متدفقاً من العطاء الذي لا ينقطع. جهود الأمير سلطان الإنسانية تجاوزت الحدود، فاستحق عليها التكريم من قبل المجلس العالمي لتعاون الحضارات والثقافات (السويد) الذي منحه وسام الشرف الإنساني الأعلى لعام 2007 بصفته رئيساً لمجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، وهو توثيق عالمي لجهوده الإنسانية، وعطاءاته التي شملت الداخل والخارج، ومساهماته المتميزة في مجالات نشر ثقافة العمل الخيري، ومكافحة الفقر والإسهام في تطوير العمل الإنساني. سلطان الخير والإحسان، استغل ما آتاه الله من خير وفضل في إسعاد الآخرين، ومد يد العون والمساعده، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاجين. إستحق الأمير سلطان بن عبدالعزيز، على ما بذل، وسام الشرف الإنساني، واستحق محبة الناس، وشهادتهم له بالخير، والناس شهود الله في أرضه. إن ما يُعزي النفس بفقد سلطان الخير، ما نسمعه ونشهده من دعوات صادقه تلهج بها الألسن، وتتناجي بها القلوب، وكأن الناس أجمعوا شهاداتهم على نهج الخير والإحسان الذي فاض به قلب «سلطان» وروحه، قبل يديه. تقصر الكلمات عن إيفاء الأمير الراحل حقه، ويعجز اللسان ترجمة مشاعر الحزن والأسى بفقد الأمير الإنسان الذي تربع على عرش القلوب فأحبه الصغير قبل الكبير، وزرع حبه في قلوب مواطنيه بابتسامته، وتودده، وعطائه المتدفق. ندعو الله له المغفرة والرحمة والعتق من النار، وأن يجعله من المنفقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ والذين قال الله فيهم: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.