تعقيبا على ماورد في مقال الدكتور خالد المنيف في مقال استبدادية الوجوب صفحة جدد حياتك يوم الجمعة 16-11-1432ه وعطفًا على ماورد في مقال استبدادية الوجوب والذي أضاء فيه الدكتور خالد المنيف نبراسا لمن أراد أن يجدد حياته، حيث خلص في مقاله إلى كلمات رائعة جمعت بين ثناياها حكم سهلة الفهم، فقال: «انتبه للغتك وطريقة حديثك مع نفسك والغير فهي من يرسم حدود عقلك، وتخلص من الأفكار القهرية وقاومها وفككها بالعقل والمنطق وشواهد الحال». تلك الخلاصة تحتاج لمقالات عدة مفصلة توضح الكيفية التي يتم بها مقاومة الأفكار القهرية وتحسين حديث النفس وإعادة رسم حدود العقل، حيث يتبادر للذهن تساؤلان: الأول لماذا يختلف الناس في أحاديثهم لأنفسهم تجاه الموقف الواحد؟؟ والذي قد يجيب على جزء منه ماحدث لأخوين توأمين ترعرعا مع أب لم يترك بابا للشر إلا دخله حتى انتهى به المطاف إلى السجن فكان التوأم الأول مهندسا ناجحا وسلك التوأم الآخر طريق والده وعندما سئل كل منهما مالذي أوصلك إلى ماأنت عليه؟؟ كانت إجابتهما واحدة: السبب والدي. حيث قال المهندس: لقد رأيت معاناتنا بسبب أفعال أبي وكيف آلت حياته فقررت ألا أكون مثله، وقال الآخر كيف لي أن أعرف درب النجاح ووالدي مجرم. كل منهما نظر إلى الأمر بمنظاره وتحدث إلى نفسه بطريقته وكان لكلا الحديثين أثر. والتساؤل الثاني هو كيف السبيل إلى الحديث الإيجابي للذات ودحض الأفكار القهرية واللاعقلانية؟ إن من أهم التطورات في علم النفس الحديث العلاج المعرفي السلوكي والذي يهدف إلى علاج الأفكار الخاطئة وتعديلها والتركيز على المحتوى الفكري المعرفي وردود أفعال الفرد نحو الأحداث المزعجة التي يمر بها، ومن ثم إعادة بناء طريقة تفكيره بشكل إيجابي. ومن بين الأخطاء المعرفية التي يتعرض لها الفرد: الثنائية والتطرف (كل شيء أو لاشيء)، التفكير الكارثي بالتركيز على النتائج السلبية، (قراءة الأفكار) حيث يعتقد الفرد أنه يعلم ما يقصده الآخرون وكأنه يقرأ أفكارهم، التهويل والتصغير، وغيرها من الاضطرابات التي تحتاج كل واحدة منها إلى مقال مستقل. ويتم علاج تلك الأخطاء من خلال تقنيات متعددة منها تحديد التشويهات والتحريفات المعرفية لدى الفرد، وإعادة الإسناد، وضبط لائحة المزايا والعيوب، والتدريب على الاسترخاء والعلاج بالقراءة والتدريب على التعليمات الذاتية وغيرها من الأساليب التي يحتاج المجتمع إلى استيعابها ليتمكن أفراده من تجاوز الضغوط وتلافي الاضطرابات الوجدانية كالاكتئاب والقلق ومشكلات التواصل بين أفراده. يقول ابن القيم:» النفس أشبه بالرحى الدائرة، وأن ما يلقى إليها تطحنه وتخرج مادته وما يلقي إليها هو الخواطر التي إن صلحت كان الناتج عملا صالحا، وإن خبثت كان الناتج عملا خبيثا واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر، فيأخذها التذكر فيؤديها إلى الإرادة، فتأخذها الإرادة إلى الجوارح والعمل، فتستحكم فتصير عادة فردُّها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها». ريما الهويش