كانت رسالة الملك عبد الله حفظه الله للوزراء في كلمته أمام مجلس الشورى يوم الأحد الماضي واضحة ومباشرة ومضغوطة بالرسائل ولا تحتمل التأويل والتفسير, جاءت ناصعة ومشمسة ومحددة, لأن الوزراء هم المحركين الحقيقيين لعمل الوزارات، وهذا يعود إلى المنهجية البيروقراطية في إدارة قطاعات الدولة اعتدنا عليها وأصبحت إرث إداري وهي بيروقراطية لها بعض الجوانب الإيجابية لكنها تعمق ثقافة المركزية وتربط آليات العمل اليومي والإنجازات والصلاحيات برئيس المنشأة إن كان وزيراً أو رئيساً لهيئة أو مديراً عاماً لجهاز. قال الملك عبد الله بكلمته التي وجهها للوزراء مباشرة: (ومن هذا المنبر أقول لكل الوزراء ومسئولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة ولم تتوانَ في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، ولأن يحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة اتجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي أن لا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد, ولن نقبل إطلاقا أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال, ولن نقبل الأعذار مهما كانت). انتهت كلمته حفظه الله. هذه وثيقة وورقة عمل ومحاسبة فما يحدث في بعض وزارات الخدمات أن الوزراء أغرقوا قطاعاتهم بالبيروقراطية السلبية وسياسة التطويل والتمطيط وإماتة القرارات، هنالك مشاريع ومصالح للناس ومعاملات معطلة وتحتاج إلى قرار والجهاز يحتاج إلى تحديث وتطوير، وتسريع في إجراءات العمل, لكنها تتوقف وتتكوم تلك المعاملات عند أبواب مكاتب الوزراء وهذه المكاتب هي المحرك للمعاملات فكيف تنجز الأعمال وبعض الوزراء يعيد المعاملات مراراً وتكراراً مذيلة بعبارة للمفاهمة وللإفادة والمزيد من الدراسة وإحالتها إلى أكثر من لجنة ومستشار وتنتهي بعبارة حسب النظام، أو وفق المتبع لديكم, أو باللازم أو بما لديكم من أنظمة ولوائح, وبالتالي هناك أموال ومصالح كثيرة خسرتها الدولة والمواطن بسبب طلب (الإفادات) غير المنتهية أو حسب النظام فهل هناك معاملات تنجز حسب النظام وأخرى تنجز مخالفة للنظام. هذه البيروقراطية التي شلت قطاعاتنا مصدرها بعض الوزراء وهناك تغذية راجعة من النواب ووكلاء الوزارات مثل عبارة وفق توجيه معاليه رغم أنها لا تحمل أي نوع من التوجيه سوى باللازم... هناك ركود بالوظائف واتساع في دائرة البطالة، وأزمات مساكن, ومشكلات في التعليم العام, وأخرى في المياه والكهرباء، وتباطؤ في مشاريع الصحة وغياب التجارة والصناعة، وتضاؤل في فرص الاستثمار، فهذه المشكلات الحالية لا تعد من المعضلات يمكن حلها وتجاوزها لأن الإمكانات المالية متوفرة والملك عبد الله أعطى أوامره بتعزيز ميزانيات تلك الجهات وخصص أموالاً إضافية للتغلب على المشكلات لكن الحقيقة ليست بالإمكانيات المالية إنما بطريقة أداء بعض الوزارات التي ما زالت تعمل بأسلوب إداري وأنماط في التعاملات لا تتناسب وهذه المرحلة التي تطوق الدول بالتحديات الاقتصادية وتهدد استقرارها وتزيد من المشكلات الاجتماعية والقلاقل فالعالم يشهد تغيرات محورية في نظامه العالمي. هذه المرحلة تحتاج إلى قيادات إدارية تنفيذية مبادرة ومنجزة ولها القدرة على انتزاع الحلول وفتح المسار أمام الاختناقات الإجرائية. أما من يعمل بطريقة إطفاء الحرائق والمعالجة بالجرعات المتباعدة فهذا لن يحقق أهداف وطموح الملك عبد الله الذي حدد المشكلات وضخ المليارات من أجل حلها. تقع على وزراء الخدمات مسؤولية كبيرة في حل مشكلات متعددة وضعت على رفوف وزاراتهم طويلاً وطالها الإهمال والنسيان فبعض المسئولين كما تقول العبارة واللزمة الإعلامية هذه الأيام: فاتكم القطار فاتكم القطار.