** كنت قد تحدثت في مقالة سابقة عن اقتصار دور وزارة النقل على تعبيد الطرق ، وغياب دورها تماماً في إيجاد منظومة نقل عام تتواكب والاحتياج الفعلي لهذا النوع من النقل، وكنت قد اقترحت إنشاء هيئة للنقل تعمل على خلق منظومة متكاملة للنقل بكافة وسائله. ** قضية النقل متشعبة وذات أبعاد متعددة سواء على مستوى التنفيذ أو المسؤوليات فإذا كانت وزارة النقل هي رأس الهرم وغابت تماماً عن إحدى أكبر قضايا النقل بالمملكة، فإن هناك جهات أخرى مثل الأمانات وهيئات تطوير المدن أيضاً عليها أدوار مهمة لا تزال غائبة. ** القضية ليست على مستوى جهات التنفيذ فقط وإن كانت هي المعنية بشكل أساسي إلا أن لدينا إشكالية حتى في النقل كمفهوم وكخدمة وأيضا كثقافة بشكل عام وهذا بالطبع انعكاس للمستوى المعيشي، نحن اليوم نسرف في الاستخدام الفردي للسيارة، أحد الأصدقاء يقول إنه منذ فترة طويلة لم يذهب في مشوار برفقة أسرته فقد اعتاد أن الأسرة تذهب مع السائق وهو يذهب بسيارته حتى لو كانوا متجهين لذات المكان نفسه، أيضاً الشاب منذ المرحلة الثانوية يبدأ يطالب بسيارة وأنه كبر من الذهاب مع السائق، وحتى السائق الواحد بات في أحيانا كثيرة لا يغطي المشاوير ويبدأ رب الأسرة بالتفكير بسائق ثان، لأن الحل الحاضر دائما هو سائق وسيارة فقط، ليس هناك حلول أخرى، أو بدائل. ** وبسبب هذا الواقع، كثير من المسؤولين يشكك في نجاح مشاريع النقل العام، لكن أجزم أنه مع تأزم الازدحام المروري والاطلاع على تجارب دول أخرى أصبح كثيراً من المواطنين يتمنى وجود نقل عام بمثل مستوى مترو دبي على سبيل المثال. ** منتدى الرياض الاقتصادي عمل على تنفيذ دراسة مهمة حول النقل داخل المدن وستقدم خلال دورة المنتدى التي ستعقد في ديسمبر القادم، وبالتأكيد كما عرف عن دراسات المنتدى فهي تتناول المشكلة وتقدم النتائج والأهم أنها تقدم التوصيات، وهذا يختصر الكثير من الجهد على وزارة النقل أو هيئات تطوير المدن، ولعل حلول المشكلة تنطلق من أروقة هذا المنتدى، ويبقى أن تستشعر بعض الجهات مسؤوليتها في التنفيذ، والتنفيذ على أرض الواقع هو مربط الفرس، ودائماً ما تتوقف رحلة أي مشروع عند هذه النقطة، فهل نتجاوزها؟